يمسكها رجال الأعمال من طرف وبعض رجال النظام من الطرف الآخر

"شعرة معاوية" بين الإخوان والحكومة

الخميس، 02 أكتوبر 2008 08:00 م
"شعرة معاوية" بين الإخوان والحكومة العلاقات بين الحكومة والإخوان لا مقطوعة ولا موصولة
كتب شعبان هدية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الصراع بين النظام الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين هو المشهد الظاهر للشارع ووسائل الإعلام، لكن بالتعمق فى شكل العلاقة، نجد أن حالة الميوعة والشد والارتخاء من آن لآخر بين طرفى المعادلة لها تفسير واحد، وهو أن وجود علاقة ما بين تنظيم جماعة الإخوان والنظام الحاكم أو على الأقل الحزب الحاكم.

وبين الطرفين وساطات وشخصيات لها علاقات جيدة معهما تسمح بنقل الرسائل أو حتى التهديدات من كل طرف للآخر، ورغم سيطرة الأمن على ملف الجماعة، خاصة منذ انتخابات 2005 التى فاز فيها الإخوان، بنسبة 20 % من مقاعد البرلمان على خلاف المتفق عليه مع الأجهزة السياسية داخل النظام والحزب الوطنى ، إلا أن هذا لم يمنع من وجود منطقة رمادية بين الجانبين تسمح من خلال شخصيات بالجانبين بالمناورة واللعب السياسى.
هذه معادلة ليست وليدة نظام حكم الرئيس مبارك، بل هى موجودة منذ عهد الملك وامتدت بعده للثورة وحكم السادات، ثم انتقلت بالتالى إلى النظام الحالى، وإن اختلف الأشخاص ومواقعهم ومراكزهم واختلفت الوسائل، لكن فى النهاية لكل منهما هدف فى بقاء الآخر أو على الأقل لكل منهما موانع ومحاذير فى القضاء على الخصم، لذا فما كان البديل إلا وجود خيوط للعلاقة تمنع تهور الآخر فى حالة اشتداد الأزمة أو تطور المواقف.

ولأن الزمن هو زمن رجال الأعمال، وهم أصحاب الكلمة فى العصر الحالى، فإن أغلب العلاقات بين النظام والإخوان وحلقة الوصل فهى شخصيات اقتصادية سواء فى التنظيم، مثل خيرت الشاطر الذى كان حتى ديسمبر 2006 مهندس هذه العلاقات، أو من هو خارج التنظيم، ولكن يحسب على الإخوان، مثل عبد الرحمن سعودى رجل الأعمال الذى تم تبرئته فى المحاكمة العسكرية الأخيرة، لأسباب اقتصادية بالمقام الأول بعد عام ونصف العام من الحبس، أو من هو خارج الإخوان نهائيا مثل حسين سالم صاحب شركات البترول والعديد من الأعمال خارج مصر.

صفوان ثابت من أبرز الشخصيات الاقتصادية التى لها علاقات نافذة، وتظهر فى وقت الحاجة كوسيط أمين بين الإخوان والنظام، وهو صاحب شركات تصنيع الألبان وعضو بارز فى اتحاد الصناعات، وهو ابن أخت مأمون الهضيبى المرشد العام السابق، وكانت بدايته مرتبطه بتنيظم الإخوان، لكنه فضل العمل الاقتصادى البعيد عن التنظيم، لكنه مازال على علاقة وثيقة بعائلة الهضيبى، خاصة عندما تكون هناك حاجة للتدخل،كما كان طلعت مصطفى والد هشام مصطفى تربطه علاقات تنظيمية جيدة بالإخوان وبعد وفاته انتقلت بعض العلاقات إلى نجله طارق مصطفى الذى يرأس مجموعة والده حاليا، خلفا لهشام بعد ظهور قضية سوزان تميم.

ويبقى دور يوسف ندا رجل الأعمال مسئول العلاقات الخارجية بالتنظيم الدولى للإخوان حيويا، وممثلا للإخوان خارج مصر، ولم ينكر ندا أنه يقود وساطات بين نظام الرئيس مبارك وتحديدا بين نجل الرئيس والإخوان، من خلال قنوات اقتصادية وسياسية نافذة وصلت لحد تحديد لقاءات فى الإسكندرية تم إلغاؤها بسبب حادث ميلشيات الأزهر حسب اعترافه فى حواراته الصحفية الأخيرة.

رجال الإخوان لدى النظام
أما على الجانب الفئوى فى الإخوان، فلدى أفراد من الجماعة أمثال أحمد سيف الإسلام حسن البنا، رغم بعده عن الهيكل التنيظمى للجماعة لكنه كان يدير ملفات مهمة للجماعة مع النظام، أهمها ملف انتخابات مجلس الشعب قبل الأخيرة، وتحديدا فى دائرة الدقى التى كانت من قبل دائرة للإخوان وارادت الدولة استبدال ذلك بدخول د.أمال عثمان فنجح أحمد سيف مع زكريا عزمى أن يتم تأجيل هذا ولو لدورة واحدة، بالإضافة لدوره فى ملف نقابة المحامين.

كذلك محمد طوسون مسئول ملف الإخوان فى نقابة المحامين، فكونه ضابطا سابقا وعضو مجلس شعب سابقا أيضا، جعل له علاقات أمنية واسعة استطاع من خلالها التوصل لاتفاق مع سامح عاشور، خلال السبع سنوات الماضية على طريقة "لاغالب ولا مغلوب فى إدارة النقابة".

د.عادل عبد الجواد رئيس نادى أعضاء هيئة تدريس جامعة القاهرة وعضو الجماعة من أهم الشخصيات التى نفذت إلى النظام لاقترابه من د.هانى هلال وزير التعليم العالى، لدرجة أن عبد الجواد كان ولفترة مستشارا لهلال، خاصة ما يتعلق بشئون النوادى، ووصل الأمر إلى تهديد الجواد بالاستقالة من رئاسة نادى القاهرة، بسبب اتهامه من جانب حركة 9 مارس فى الإضراب الأخير، أنه مهادن لهلال ومتهاون فى حق الأساتذة .كما كان لعبد الجواد دور كبير فى التوصل لحل لأزمة مرتبات الأساتذة، بالإضافة لمشاركته فى وضع ملامح مشروع تعديل قانون تنظيم الجامعات. عمر عبد الله عضو تجمع مهندسون ضد الحراسة وذو علاقات نافذه مع شخصيات عديدة داخل النظام منهم د.عمرو عزت سلامة وزير التعليم العالى السابق، خاصة ما يتعلق بنقابة المهندسين، بالإضافة إلى د.شريف عبد المجيد الشريك السابق للدكتور عمرو عزت سلامة فى المكتب الهندسى.

بعد سجن الشاطر تم توزيع الملفات التى كان يديرها، فكانت مسئولية الجانب الأمنى فى العلاقة مع النظام للدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد الذى يتولى فى العامين الأخيرين مهمتين من أهم المهام فى الجماعة، وهى الملف الإعلامى، فيعد المتحدث الإعلامى باسم الجماعة، وكذا الملف الأمنى، فلا يتم شئ بدون حسابه أو على الأقل التنسيق مع أطراف أمنيه تتولى إدارة ملف الجماعة.

توزيع أدوار
د.أحمد كمال أبو المجد نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، له دور كبير فى الوساطة بين النظام والجماعة، خاصة مع الشخصيات المحسوبة على الجيل القديم، مثل د.زكريا عزمى رئيس الديوان وكمال الشاذلى ود.مفيد شهاب، وتمتد علاقاته فيما يتعلق بالجماعة إلى د.على الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطنى ومصطفى الفقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، وهذا ظهر فى فترات ومواقف كثيرة، خاصة ما كان فى 2005 عندما اشتدت المواجهات ومظاهرات الجماعة فى جميع المحافظات، فتدخل أبو المجد لتخفيف حدة المواجهة.

يدخل د.محمد سليم العوا أستاذ القانون وأمين عام الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، ضمن الشخصيات التى لعبت دورا ولفترة كبيرة، ومازال فى تقليل حدة الصراع وأحيانا عمل كناصح للجماعة فى طريقة مواجهتها مع النظام، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بالأمور الفكرية والثقافية، مثل برنامج الحزب وكانت كلمة العوا للجماعة مقبولة وعملوا بها فيما يتعلق بالهيئة العليا لعلماء الأزهر، وما يتعلق بالموقف التأصيلى لحق الترشيح للرئاسة للأقباط، أما محمود جامع الصديق الشخصى للرئيس السادات، فمازال له ثقله بين النظام والإخوان، لأنه مقبولا كرجل كان مع النظام ومقبولا أيضا كقيادى سابق فى الإخوان، وهذا وفر له فرصا كبيرة فى التدخل وقت الأزمات.

كان لدخول 88 نائبا من الإخوان مجلس الشعب، أثر كبير على اتجاه وخريطة العلاقات ويعد د.سعد الكتاتنى رئيس الكتلة وحسين إبراهيم المتحدث الرسمى لها بوابة جس النبض، ونقل الإشارات بين الطرفين، خاصة فى القضايا الكبرى التى لها صدى فى الرأى العام، مثل قضية هشام طلعت مصطفى وقبلها قضية هايدلينا ومحاولة البعض من الإخوان الاستقالة الجماعية فى العام الماضى من البرلمان، فكانت الرسالة التى نقلها سرور للكتاتنى، أن هذا يعد نهاية للجماعة فى البرلمان، خلافا لعلاقات الكتلة الجيدة بوزير الإسكان أحمد المغربى وعدد من الوزراء من خلال تواجدهم فى لجان المجلس.

رجال النظام فى جماعة الإخوان
أما من جانب النظام فرجاله الذين يعدون حلقة الوصل ومركزا لنقل الرسائل للجماعة، خاصة التحذيرية، فهم د.حمدى السيد نقيب الأطباء ورئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب، ود.مغاورى شحاتة رئيس جامعة المنوفية الأسبق من خلال تواجده بين أساتذة الجامعة، بجانب د. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب والذى يعده الكثيرين أهم الشخصيات التى لعبت دورا خلال السنوات الخمس الأخيرة فى توجيه العلاقة بين الإخوان والنظام، وساعد فى فى قضايا رقابية أو تشريعية لتحجيم دور الجماعة أو تحذيرهم من التمادى فى التصعيد.
كما كان سرور بوصلة النظام أيضا فى تقليل البطش والتجاهل للجماعة وكانت مناقشات تعديلات قانون المحاماة الأخيرة خير شاهد، فنقل سرور رؤية وغضب الإخوان للرئاسة، وعليه كان تليفون الرئيس أثناء الجلسة بحذف بعض مواد القانون وتمريره بدون خطاء فى الدستورية.

يقلل كثير من المحللين من علاقة بعض أطراف النظام بالإخوان أو العكس طالما م تأخذ الموافقة الأمنية، ويضرب د.حسن بكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط مثلا بثلاث شخصيات فى الإخوان لهم قبول من شخصيات نافذة فى الحزب الوطنى، ومع هذا فهم أكثر المستهدفين أمنيا داخل الجماعة، وهم د.عصام العريان مسئول المكتب السياسى بالجماعة وجمال حشمت عضو مجلس الشعب السابق، ود.عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد.

رجال الإخوان القريبون من النظام ليس لهم وزن طالما أن الجهات الأمنية هى سيدة قراراها، وخاصة بعد أزمة ميليشيات الأزهر، كما يقول بكر التى أعطت للجهات الأمنية سلطة أعلى مما كانت لديها منذ عام 1992.
ومع هذا فكما يقول حسام تمام الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، فإن الإخوان كتنظيم يمتد فى كل أنحاء البلاد تقريبا، ويخترق قطاعات المجتمع المصرى جميعها، ويضم فى صفوفه نخبة مميزة تضم دعاة وأكاديميين وسياسيين ونقابيين ورجال أعمال وطلابا وناشطين فى العمل الأهلى، وهذا كان له تأثيره فى فتح أبواب علاقات وتداخل مع الحزب الحاكم والنظام، فتاريخ الإخوان يؤكد "لا عدو دائماً ولا صديق دائماً"، فالشخصيات التى كانت من أشد أعداء الإخوان فى النظام ككمال الشاذلى، أصبح ومنذ عام 2005 من المقربين والمقبولين للجماعة، والبعيد نهائيا عن سهام نقدهم.

العريان: لا صفقات
د.عصام العريان مسئول القسم السياسى بالجماعة، ينفى أن تكون علاقة الإخوان مع النظام قائمة على صفقات أو تمرير عبر أفراد، لأن لهم مشروعهم كما يقول الذى لم يستطع أحد أن يزحزحهم عنه، وهدفهم أن تحكم مصر بشكل ديمقراطى سليم.
أما د.محمد حبيب نائب أول المرشد فبرر مثل هذا بأنهم حريصين على نزع فتيل الأزمات بقدر الإمكان، لأن التوتر لا يمكن أن يحقق ما يطمح إليه الجميع سواء كانت الدولة أو الحكومة أو الإخوان.

رفيق حبيب المفكر القبطى القريب من الإخوان، يرى أن العلاقة بين الإخوان والنظام خاصة فى المستقبل لابد أن تتسم بنوع من الاسترخاء النسبى قبل البدء فى عملية انتقال السلطة، وستستمر لحين استقرار الأمر للنظام الجديد وترتيبه لأوراقه، ليعود بعدها الصدام من جديد.
لكن ضياء رشوان، ينفى أن تكون هناك علاقات أو حتى نفوذ لأحد ينقل نبض توجهات كل طرف للآخر قائلا: لا أصدق وجود أية علاقة بين الطرفين، لأن التسليم بوجود وساطة يعنى قبول فكرة التوريث فى الوقت الذى توجد به المؤسسة العسكرية التى لها الكلمة منذ عام ١٩٥٢، بالإضافة إلى حالة التوتر المتصاعدة خلال العقد الأخير، خلافا لتغيير الدستور وعلى رأسها المادة الخامسة التى منعت خلط العمل الدينى بالسياسى،كل هذا لا يدل على وجود تنسيق أو حتى وساطة.

لا يوجد تأثير أو حدود للعلاقات سواء الفردية أو التنظيمية بين الجماعة والنظام، فى ظل وجود سيناريو أساسى للتعامل مع الجماعة لا يتأثر بعلاقة شخص أو أكثر نافذ من الطرفين لدى الآخر، لأن المهم لدى النظام حفظ قواعد اللعبة وخيوطها فى يده، هذا ما تقوله د.حنان قنديل أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فى ظل الظروف الحالية ليس هناك هم للنظام إلا تقليص توقعات الجماعة، وإنهاء حال "التضخم" التى عاشتها السنوات الماضية، والتخلص من أى مركز قوة قد يمثل بديلاً محتملاً للنظام لتأمين انتقال هادئ للسلطة.

لمعلوماتك
أول صدام بين نظام مبارك والإخوان كان قضية "سلسبيل" عام 1992، ثم توالت المحاكمات العسكرية عام 1995، وقضية تأسيس حزب "الوسط" عام 1996، وقضية النقابات المهنية ١٩٩٩، ثم قضية "أساتذة الجامعة" عام 2001. وأخيرا قضية ميليشيات الأزهر التى طالت الأحكام 25 من أبرز رجال أعمال الجماعة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة