الدراما على قناة "المنار".. تغسل أكثر بياضاً

الخميس، 02 أكتوبر 2008 11:29 م
الدراما على قناة "المنار".. تغسل أكثر بياضاً قناة المنار شوهت مسلسل " الفنار
بقلم محمد بركة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أرادت قناة المنار – جزاها الله خيراً – أن تتحف مشاهديها بعمل درامى يتناول سيرة المقاومة البطولية ضد قوى الاحتلال الغاشمة فوقع اختيارها على مسلسل "الفنار" تأليف مجدى صابر وإخراج د. خالد بهجت وبطولة صابرين وأحمد راتب ومحمود الجندى وزيزى البدراوي. لكن القائمين على أمر القناة، وجدوا أنفسهم فجأة فى ورطة، فالمسلسل يتناول المقاومة الشعبية لأهالى مدينة بور سعيد الباسلة ضد العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، و بالتالى لم يخل الأمر من وجود مشاهد لممثلة يظهر شعرها وأخرى يظهر ذراعها، وثالثة – وياللهول – يظهر جزء من صدرها! ورغم أن كل هذه "السنتيمترات" العارية لها مبرر درامى يتمثل فى وجود شخصيات أجنبية فضلاً عن أن تجسيد حالة البارات والملاهى التى تحولت إلى مصيدة لجنود الاحتلال، إلا أن مسئولى القناة لم يكن يعنيهم سوى الحفاظ على الحالة "التطهرية" لمشاهدها العاقل الرزين الذى لا تثق فيه القناة كثيراً وتخشى على أخلاقه من الانهيار. بسبب خصلة شعر، كما لا ترضى له الانزلاق فى مهاوى الرذيلة إذا سقطت عينه – لا سمح الله – على جزء من ذراع ممثلة بدينة شكلها لا يسر عدواً ولا حبيباً!
وكان الحل هو أن تأخذ القناة المبادرة على طريقة "بيدى لا بيدى عمرو" فتعمد إلى "تحجيب" كل ممثلة ظهر شعرها مكشوفاً، وتحذف الأذرع والسنتيمترات العارية،بل وتأتى بأناشيد إسلامية من عندها تعليقاً على مشاهد معينة، مع حذف كلمة "إسرائيل" من أى جملة حوارية باعتبار أن هذا يمثل اعترافاً بالدولة العبرية وإخلاصاً لأدبيات حزب الله – مالك القناة – والتى تتجنب ذكر كلمة إسرائيل وتستبدلها بكلمة "الكيان الصهيوني"، ونسى هؤلاء أن السيد حسن نصر الله نفسه استخدم كلمة "الإسرائيلي" كثيراً فى خطاباته التى هزت الشارع العربى إبان الهجوم الإسرائيلى البربرى الأخير على لبنان!

المهم أن هذا المسلسل المتميز، والذى يغرد بمفرده خارج سرب الأعمال التافهة والمكررة، تم تقطيع أوصاله، وتشويه ملامحه، وإخضاعه لرؤية "طالبانية" جائرة، وإذا كنا قد ضقنا ذرعاً بمفهوم "السينما النظيفة" الذى حاول البعض أن يروج له فى دعاية انتهازية تتجاوب مع الحس البدوى المتشدد القادم من بعض أصقاع الجزيرة العربية، فإن "المنار" كشفت عن واحدة من أسوأ أشكال التعامل الأصولى مع الفن.

والمؤكد أن تلك القناة حرة تماماً فى قناعاتها، بل ومن واجبنا احترام رؤيتها الدينية والسياسية مهما اختلفنا معها، بشرط ألا تحاول فرض تلك الرؤية على الآخرين، وكان الأكرم والأشرف لها أن تقبل المسلسل كما هو أو لا تتعاقد على حق عرضه من الأصل! وهنا يصدق المثل الشعبى المصرى "الحلو ما يكملش"!، فحزب الله الذى أبهر القاصى والدانى فى مقاومته البطولية لإسرائيل وأسقط أسطورة الجيش الأقوى فى الشرق الأوسط, كشف عن وجهه الإعلامى المحبط، وأبان عن رؤية فقهية مخيفة فى نظرته للفن والإبداع.

وتبقى الإشارة إلى أن المسلسل نفسه اختار لحظة ساخنة وفارقة من تاريخ مصر والعرب، وأعاد "صابرين" إلى جمهورها فى دراما اجتماعية متوهجة، وتألق فيه النجم أحمد راتب فى دور الأب الكفيف، ولم ينس السيناريو المحكم أن يقدم الوجه الآخر للبطولات الشعبية والمتمثل فى سماسرة الحرب وأثرياء الخراب.

كما نجا من فخ "المثالية المطلقة" وتقسيم البشر إلى "شياطين" أو "ملائكة" فجاءت معظم الشخصيات تجمع فى ملامحها الإنسانية بين العديد من المتناقضات وهو ما أكسب الصراع الدرامى كثيرا من المصداقية! والأمل الوحيد المتبقى أمام المسلسل هو عرضه بعد انقضاء موسم "سيدى رمضان" دون تشويه أو اعتداء أو ذبح، وساعتها سيأخذ صناع العمل حقهم فى الإشادة والاحتفاء.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة