وديع حداد، جورج حبش، كارلوس وأنيس النقاش، أربعة أبطال فى كتاب "أسرار الصندوق الأسود" للصحفى اللبنانى غسان شربل، رئيس تحرير جريدة الحياة. الكتاب يستند إلى سلسلة مقابلات نشرت أولاً فى مجلة "الوسط" ثم فى صحيفة "الحياة" العربية الصادرة فى لندن، وصدر عن دار رياض الريس للكتب والنشر فى بيروت.
وقال شربل "تندرج المقابلات التى تضمنها الكتاب فى إطار سلسلة بدأتها قبل عشرين عاما بعنوان "يتذكر"، وغايتها تسجيل مراحل تاريخية عاشها العالم العربى استنادا إلى شهادات أشخاص كانوا أصحاب القرار فى تلك المراحل".
وأضاف أن "قاعدة الكتاب الرئيسية أن مهمة الصحفى تكمن فى استقاء المعلومات من مصادرها وانطلاقا من روايات متعددة، بحيث يتاح للقارىء المقارنة بينها سعيا إلى أكبر قدر من الحقيقة". يشتمل "أسرار الصندوق الأسود" على معلومات مثيرة مستقاة من كواليس عمليات أمنية شغلت العالم، لكنه يكشف للمرة الأولى تفاصيل عملية احتجاز وزراء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) فى فيينا فى شتاء 1975، بالاستناد إلى رسالة وجهها كارلوس إلى المؤلف من سجنه فى فرنسا.
ومن أسرار الكتاب أيضاً أن اللبنانى أنيس النقاش، الذى تولى مسئولية "الخلايا السرية" فى حركة "فتح" كان مساعد كارلوس فى تنفيذ عملية فيينا، وقد أخفى هذه المشاركة طوال ربع قرن، هذا الاعتراف فاز به شربل فى مقابلة أجراها مع النقاش، الذى كشف أيضاً "جوانب غير معروفة" من عملية أوبك.
وعلق شربل "كان همى أن تكشف عملية فيينا من ألفها إلى يائها، وأردت أن يعترف النقاش علنا بدوره فى هذه العملية وأن يروى أيضا تفاصيل محاولة اغتيال رئيس الوزراء الإيرانى السابق شهبور بختيار" فى باريس العام 1980.
قاد النقاش عملية بختيار بنفسه، وكلفته حكما بالسجن المؤبد. لكنه استعاد حريته العام 1990 بناء على عفو أصدره الرئيس الفرنسى الراحل فرنسوا ميتران، ولعل من أبرز الأهداف التى انطوى عليها هذا الكتاب "السعى إلى الحصول على صورة جديدة لوديع حداد"، القيادى فى "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" الذى طارد الإسرائيليين فى كل مكان وكان مهندس عمليات خطف الطائرات التى "حبست أنفاس العالم" بين العامين 1968 و1977.
سرد "المتحدثون" كما سماهم المؤلف، تفاصيل عمليات عدة أبرزها عمليتا "مطار الثورة" فى عمان العام 1970 ومطار اللد عام 1972، وصولاً إلى خطف وزراء "أوبك" وعملية انتيبى فى أوغندا، ولم يغب وديع حداد الإنسان عن حصاد المؤلف الحوارى، والذى توجه بحديث مقتضب مع نجل حداد هاني. والخلاصة أن "مايسترو الإرهاب والإرهابيين" فى نظر الغرب والذى قضى فى أحد مستشفيات ألمانيا الشرقية العام 1978 كان "زاهدا" بامتياز، لا هم له سوى "تمكين الشعب الفلسطينى من استعادة حقه".
أما الأمين العام لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" جورج حبش الذى ربطته "علاقة قوية" بحداد قبل أن يفترقا، فبكى فى حضرة المؤلف، مؤكدا أن حداد ترك "فى القلب دمعة وبارقة أمل ورجاء لا ينكسر".
وعلق شربل "وجدت فى وديع حداد شخصية بالغة النقاء، إذ لم يتهمه احد من عارفيه بأنه حقق فائدة مالية مما قام به، بدليل أنه لم يترك لعائلته بعد وفاته سوى مبلغ لا يستحق الذكر"، وعن تأكيد الصحفى الإسرائيلى أهارون كلاين أن الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) نجحت فى تصفية حداد بواسطة شوكولا مسموم، قال "هذه المعلومة لا تعدو كونها رواية، فجميع من التقيتهم لم يؤكدوها ولا دليل علميا واحدا على صحتها".
قسم المؤلف كتابه أربعة فصول كبيرة تحمل أسماء "أبطاله" الأربعة، فبدت أشبه بأوعية متصلة يكمل كل منها الآخر. وعزز كل فصل بمجموعة صور ووثائق نادرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة