أشرف الليثى

استيراد "الأزمة" وتصدير "الهموم"

الجمعة، 17 أكتوبر 2008 08:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل هبطت الأزمة الاقتصادية العالمية على المجتمع المصرى فى الوقت المناسب حتى يتم نزع فتيل الاحتقان الذى كان موجوداً فى كافة القطاعات، وليس فقط القطاع الاقتصادى، وكأنها هدية من السماء، حتى يتم التقاط الأنفاس ويهدأ إيقاع الحياة السريع والمتصارع، حيث كانت الحكومة بل والمجتمع المصرى بأكمله يحاول اللحاق بالركاب العالمى، خاصة ما يتعلق بالنمط الاستهلاكى والذى كان يحظى بإعجاب الجميع ويحاول تقليده دون النظر للخلفيات الأخرى لتلك المجتمعات.

الوضع المصرى كان من الصعب أن يستمر على نفس الحال الذى كان عليه قبل الأزمة المالية العالمية، حيث أسعار السلع ترتفع بشكل جنونى مما ساعد على ارتفاع معدلات التضخم بصورة لم تصل إليها من قبل، وارتفاع الأسعار العالمية للسلع الغذائية كان له الجانب الأكبر والرئيسى فى زيادة قسوة الحياة على الشعوب الفقيرة بصفة عامة ومنها الشعب المصرى.

الإصلاحات المصرية بصفة عامة أو بمعنى أدق التطور المصرى، كان بطيئاً فى الوقت الذى كان التطور العالمى بل والخليجى سريعاً للغاية، وبذلك كنا نلاحظ دائماً وجود فجوة ضخمة بيننا وبين العالم، خاصة فيما يتعلق بالتجارة والاقتصاد والائتمان والاستثمار والصناعة، وبصفة خاصة البورصة، ولكن بعد تلك الأزمة التى فرضت على العالم كله مرحلة من الركود أو الكساد والتى ربما قد تطول قليلا، سوف تعمل على تباطؤ دوران عجلة الاقتصاد العالمى، وبذلك سنستطيع أن نلتقط أنفاسنا قليلاً ونحاول أن نقلل من الفجوة الضخمة بيننا وبينهم، ولكن نحتاج أن نحافظ على الأقل على معدلاتنا الحالية، وإذا انخفضت، أن يكون انخفاضها فى أضيق الحدود وأقلها حتى لا نزيد من تلك الهوة.

لقد أظهرت الأزمة حقيقة هامة وهى، هشاشة ثقافة سوق المال فى مصر، خاصة من جانب المتعاملين الصغار الذين ينتابهم الرعب بمجرد حدوث أى أزمة فى العالم أو حتى داخل مصر وتصبح ردود أفعالهم التخلص وبسرعة من الأسهم التى فى حوزتهم، مما يعرضهم لخسارة كبيرة وفقدان جزء كبير من القيمة الحقيقية لأسهمهم. وعلى مدى الخمسة أشهر الأخيرة تعرض هؤلاء المستثمرون إلى خسائر ضخمة لأرصدتهم، وذلك بسبب قلة خبرتهم فى هذا المجال أو لهرولتهم وراء الشائعات وتأثرهم بها، والدليل على ذلك الموقف الأخير حيث فقد مؤشر البورصة فى أول يوم تعامل عقب العطلات أكثر من 16%، وهو الأعلى بين البورصات العربية والعالمية وذلك لمجرد هبوط مؤشرات البورصات الخليجية والعالمية، على الرغم من أن الأسباب التى أدت لهبوط البورصات العالمية ليست موجودة فى مصر، والموقف الآخر كان على سهم هشام طلعت مصطفى، بمجرد القبض عليه تهاوى سعر سهمه، على الرغم من استمرار شركاته فى نشاطها المعتاد وتولى شقيقه مسئولية الشركات.

لقد حان وقت الإصلاح الذاتى للاقتصاد المصرى وإعادة فرز التشريعات، خاصةً وأنه من المعروف اقتصادياً أن التشريعات تنشأ تبعاً للأزمات، وتظل مستمرة لمدة طويلة إلى أن تظهر أزمة أخرى ويتم إعداد تشريع جديد يتواءم معها. وعلى العموم نحتاج إلى أجهزة رقابية قوية تفرض سيطرتها على السوق بصفة عامة ودون تجاوز من أحد، ونحتاج أيضاً إلى تنوع فى مصادر الدخل وكذلك إلى تنوع فى أسواقنا، خاصةً وأن لدينا فرصة هائلة بعد الاتفاقيات التى تربطنا الآن بالتجمعات الكبرى مثل الكوميسا والاتحاد الأوروبى وحوض البحر المتوسط واتفاقية التجارة العربية. ونحتاج إلى ثقافة التعامل مع الأزمات وكيفية مواجهاتها وفرض إجراءات حمائية فى أحيان كثيرة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة