نعم لانهاء معاناة الأقباط

بالقطع نحن فى حاجة ماسة لهذا القانون بسبب التفرقة الواضحة فيما يتعلق بتراخيص البناء لدور العبادة المختلفة، فبينما يتم بناء المساجد دون شروط أو قيود وبترحاب من الجميع، تواجه مشروعات بناء الكنائس بالكثير من العراقيل والمشكلات، والأهم من التفرقة أن عملية بناء دور العبادة تحتاج إلى تنظيم، فأنت تجد هذه الدور فى مناطق بأعداد أكثر من الحاجة إليها، رغم أنه من الأجدى أن توجه الأموال التى تنفق فى بنائها إلى بناء المدارس لمواجهة النقص الواضح فيها، أو المستشفيات للمساعدة فى حل مشاكل تدهور الخدمات العلاجية، أو لإقامة مشروعات ذات طابع اجتماعى إنسانى، مثل دور الأيتام أو المسنين.

إننى أرى أن وجود مثل هذا القانون سيكون خطوة كبيرة وأساسية على تأكيد المبادئ التى نص عليها الدستور من المساواة وحقوق المواطنة التى نفتقدها الآن، ويكفى أننى لم أسمع فى يوم من الأيام أو حتى أتصور أن هناك طرفًا حكوميًا قام بمنع بناء مسجد، فى حين رأيت أجهزة محليات أو أمنية تتدخل لوقف بناء أو حتى إصلاح كنيسة قائمة، ومن هنا تأتى أهمية وجود هذا القانون لتنظيم عملية بناء دور العبادة وتوحيد المعاملة، وفى هذا تأكيد لمدنية الدولة وتكريس لحقوق المواطنة.

وأحب أن أشير هنا لما يردده البعض من أن ما يحدث مع الأقباط فى مصر لا يختلف عما يحدث مع المسلمين فى أوروبا حيث تتشدد السلطات هناك معهم بالنسبة لإقامة المساجد، فأنا أرفض هذا التشبيه، فالأقلية المسلمة فى أوروبا وافدة بعكس الأقلية المسيحية فى مصر، كما أننى أعرف أن المسلمين يحصلون على جميع حقوقهم فى تلك البلدان.

إننا مطالبون الآن بعدم الاستغراق فى هذا النوع من الأحاديث والتركيز على ما هو فى صالح مجتمعنا، والعمل على حل مشكلة الاحتقان الطائفى والتى لن يستطيع مثل هذا القانون حلها بمفرده، فهناك أسباب ثقافية عديدة لها تعبر عن نفسها عند بناء كنيسة أو انتشار شائعة بهذا الخصوص، ولذلك لابد من وقفة مع النفس والبحث فى كيفية مواجهة تلك المشكلة التى هى فى تقديرى ترجع لأسباب ثقافية ناتجة عن سياسة تعليمية يجب إصلاحها، وبرامج إعلامية يجب الوقوف أمامها، وخطاب دينى سمته التشدد من الطرفين، وبما يؤثر على وجدان المواطن سواء كان مسلمًا أو مسيحيًا، وبما يؤدى فى النهاية إلى هذا الاحتقان الذى يعبر - كما قلنا - عن نفسه عند بناء كنيسة أو انتشار شائعة بهذا الشأن أو غيره من الأمور التى ينظر اليها بحساسية من الطرفين.