الشركة المسئولة عن نظم الأمان بالمسرح القومى تغيرت بعد 15 سنة.. فاحترق فى أقل من عام
حرائق فى مجلس الشورى والمسرح القومى، حريق مصنع غزل المحلة، كل هذا فى أقل من شهرين، سابقًا كان المتهم هو عقب السيجارة، الآن المتهم هو «الماس الكهربائى».
إذا كان الماس الكهربائى هو المتهم الأول فإن نظم إطفاء الحرائق هى المتهم الثانى، حيث تكشف التحقيقات عن فساد أنظمة الإطفاء، وأن الطفايات والأجهزة، مجرد ديكور، مع أنها تتكلف عشرات الملايين من الجنيهات. لحريق «يبدأ بشرارة صغيرة لو تمت السيطرة عليها لانتهى الأمر».. كما يقول د.عبدالحميد عمران خبير واستشارى الحرائق ونظم الإطفاء- مؤكدًا أن الحريق لو اكتشف مبكرًا يمكن السيطرة عليه فى لحظات «يمكنك إطفاء النار بحذائك فى أول 10 دقائق»، ويضيف «أن سبب الخسائر الضخمة فى حريقى الشورى والمسرح القومى - وغيرهما - هو تأخر اكتشاف الحريق حتى يصل لمرحلة حرجة تصبح فيها محاولات الإطفاء غير ذات جدوى».
المتهم الثانى والخطير فى الحرائق، نظم الإنذار والإطفاء والحريق، وما يحدث فى مناقصات تركيب نظم الحريق والإنذار فى المصالح والمنشآت الحكومية التى يتم التعامل معها بعقلية بيروقراطية لا تخلو من فساد، الموظف المسئول يبحث عن «الأرخص» و«الأسهل»، أو لمصالح خاصة فى صورة «عمولات» ونسب مقابل ترسية المناقصة على شركات بعينها ، دون الاهتمام بجودة نظام الإنذار والإطفاء.
الدكتور عبدالحميد عمران ، يرى من واقع خبرته فى مجال نظم الحريق والإطفاء أن فساد «مناقصات» توريد وتركيب هذه النظم هو المتسبب الأول فى الحرائق الأخيرة، وذلك ليس السبب الوحيد، حيث يمكن أن يكون النظام جيدًا ومطابقًا لمواصفات الأمان المصرية «كود الحرائق المصرى»، لكن سوء الصيانة أو جهل القائمين على الأمن الصناعى فى التعامل مع نظم الإنذار والحريق يجعلها غير ذات جدوى من الأساس.
مناقصات نظم الإنذار والإطفاء ليست برئية من الحرائق، ودليل إدانتها تكشفه النظم المماثلة فى السفارات والبنوك الأجنبية الموجودة فى مصر، حيث تتشدد هذه الجهات فى مواصفات هذه النظم وتخضع مناقصاتها لرقابة صارمة تبدأ بتقديم العطاءات وتستمر خلال تركيب النظام وحتى تسليمه وصيانته دون تهاون، بحسب تأكيدات د.عبدالحميد عمران الذى راقب نظم هذه المنشآت بحكم عمله كاستشارى وخبير، على عكس نظم المنشآت الحكومية التى وجد أغلبها معطل نتيجة للإهمال فى الصيانة، أو لا يعمل من الأساس لكونه غير مطابق للمواصفات، وهو ما لا يحدث إلا بوجود فساد إدارى واضح.
عمران فجر مفاجأة وقال إنه فتش بنفسه على نظام الإنذار والإطفاء القديم بالمسرح القومى لم يتكلف أكثر من 100 ألف جنيه - واستمر العمل به لأكثر من 15 عامًا، حتى قرر المسئولون عن الأمن الصناعى بالمسرح طرح مناقصه جديدة، أتت بشركة جديدة لم تستمر لأكثر من عام واحد بعد كثرة أعطال النظام الجديد الذى تم تركيبه، لتأتى المناقصة الثالثة بشركة جديدة مغمورة، فشلت أجهزتها فى اكتشاف الحريق الجديد رغم أنه لم يمر عليه أكثر من عام واحد، وهو ما أكد عمران أنه الدليل العملى على وجود مخالفات جسيمة وفساد إدارى ومالى يتخللان مناقصات نظم الإنذار والحريق فى المنشآت الحكومية.
اتهام نظم إنذار وتأمين الحريق بالتسبب فى الحرائق الأخيرة أكده م.إبراهيم أحمد عشرة، الخبير بنظم الأمن، والذى يلقى باللوم على المناقصات التى ينظر إليها كإجراء إدارى يخضع للقانون رقم 9 لسنة 1983، والذى يؤكد على ضرورة أن تأخذ الجهة الحكومية بأقل الأسعار المقدمة فى العطاءات، وهو ما وصفه م.إبراهيم عشرة بالإجراء الروتينى المتشدد الذى يأتى على حساب جودة الأعمال المقدمة من قبل الشركة الموردة لنظام الإنذار والإطفاء، ولم يغفل أن ضعف الرقابة من قبل الجهات المختصة بمواصفات الأمن الصناعى، وغياب ثقافة التعامل مع نظم التأمين والإنذار هما ما يفتح المجال أمام فساد الذمم الذى يتخلل كثيرا من مناقصات نظم الإنذار والإطفاء.
رأى م.خالد محمد عويضة استشارى تصميم وتركيب شبكات الإنذار والحريق لم يختلف عن رأى سابقه، حيث أكد أن عدم مطابقة أنظمة الإنذار والحريق فى المنشآت الحكومية للمواصفات أمر واد بشدة، إما عن جهل وإهمال ، أو عن قصد لمصلحة، وأرجع سبب ذلك لثقافة التعامل مع نظم الإنذار والإطفاء الغائبة عن مؤسسات الدولة، والتى يكشفها التعامل البدائى مع نظم وشبكات الإنذار ضد الحريق، حتى إن كانت مجهزة على أعلى مستوى، كمن يملك سيارة حديثة، ولا يستطيع التعامل مع إمكانياتها، بحسب تعبيره.
عويضة أشار إلى أنه لا يتعامل مع الجهات الحكومية فى تصميم أو تركيب شبكات الإنذار أو الإطفاء للتعقيدات الإدارية الكثيرة التى تتخللها، مؤكدًا أنه يفضل العمل مع القطاع الخاص الذى يدرك جيدًا أهمية الأمن الصناعى ونظم الإنذار والإطفاء.