هل اجتمع الغرب على حمل الضغينة والعداوة للإسلام؟
هل ضاقت السبل بمسلمى المهجر عن التحرك لفتح قنوات للحوار، والتعريف بسماحة الإسلام؟
هل حقا نحن نسير نحو الصراع والصدام مع الآخر، أم مازال هناك أمل من أجل الإنسانية؟
تساؤلات عديدة قفزت إلى ذهنى وأنا أمر أمام خبر صغير أوردته بعض الصحف حول إقامة حفل إفطار للجالية المصرية داخل مقر البرلمان الأيرلندى.. استوقفنى الخبر رغم إمكانية عبوره دون توقف من جانب الكثيرين.. لأننى وجدت فيه العديد من المواقف المضيئة التى تستوجب الوقوف أمامها، والخروج منها بدلالات يمكن أن نبنى عليها فى ظل حالة الإحباط من الممارسات العدائية ضد الإسلام والمسلمين والشعور بأن الصدام قادم لا محالة.. فأولاً مشاركة نائب رئيس الوزراء الأيرلندى «جيفى دولاندسون» فى الحفل وتأكيده فى كلمة ألقاها اعتزازه بالإسلام كدين سماوى، وإعرابه عن دهشته من حملات التشويه التى يتعرض لها هذا الدين عقب أحداث سبتمبر، فهى لفتة شديدة الإيجابية ومن أعلى المستويات الرسمية بالبلاد، وثانياً فإن إقامة الحفل الخاص بمناسبة إسلامية فى القاعة الرئيسية للبرلمان الأيرلندى، وحضور العديد من البرلمانيين ورجال المجتمع المدنى الأيرلندى هى أيضاً نقطة توضع فى الاعتبار عند استقراء الصورة؛ لدلالاتها، أما ثالثاً فلعل مشاركة عمدة بلفاست للجمعية المصرية فى التنسيق والدعوة للحفل تُعد مبادرة لها معان جليلة وجميلة من جانب رجل يقدر معنى المسئولية إزاء مواطنيه بغض النظر عن الانتماءات الدينية، بل قد يكون الاختلاف الدينى هو الدافع للمزيد من التعاون لتأكيد البعد عن التعصب، وتلك رؤية بعيدة المدى من مسئول يحترم نفسه ومكانته، ورابعاً نجد أن إقامة الأذان وصلاة المغرب داخل البرلمان تمثل لفتة روحانية ورسالة إلى جميع العقول والقلوب المغلقة.. لن أطيل فى المواقف التى يمكن استخلاصها من هذا الخبر البسيط، ولكن سوف أقفز مباشرة إلى نتائج هامة؛ أولها أن أكبر المعانى التى نخرج بها هى رسالة واضحة ذات شقين، الأول لنا نحن كمسلمين فى جميع أرجاء الأرض نقول إن ما حدث فى مجمله يُعد بمثابة رد اعتبار للدين الإسلامى والمسلمين إزاء تلك الادعاءات والحملات التى يشنها البعض فى الغرب لتشويه صورة الإسلام والكيد للمسلمين، أما الثانى فهو لمواطنى أيرلندا ودول الغرب تؤكد أنه يمكننا اللقاء جميعا في حب الله الخالق، وأن الأديان جميعها بها مواطن عديدة للتجميع وليس للفرقة والضغينة، ولكن وبصورة عملية وعقلانية علينا ألا نغرق فى النوايا الحسنة ونستسلم للأمانى، ولكن لابد لنا من البناء على تلك المواقف الإيجابية حتى لا نكون مقصرين فى حق أنفسنا وديننا، فلنحاول أن نجد الأرضية المشتركة للحوار مع الآخر، ونستثمر كل بادرة إيجابية لنبنى عليها، ولا نتركها تمر ويقف الأمر عند حفلات المجاملة.
فيا أيها المسئولون عن الحوار بين الثقافات والحضارات والأديان فلتكن لديكم مبادرات تدفع البشرية نحو التقارب وليس العداوة.. يا مسئولى ودعاة الأزهر الشريف فى جميع بلاد العالم فليكن لكم فى مآدب رمضان رسالة نقدمها للآخر تستلهم روحانيات هذا الشهر الكريم، ولا نقف عند موائد الطعام، فلنقدم أنفسنا بالصورة التى تليق بنا وبديننا.. وهنا لا يفوتنى أن أشير إلى بعض الأمور، فهذه اللفتة من جانب المسئولين الأيرلنديين لابد أن تلقى تقديرا من جانب رجال الأزهر الشريف يمهد لفتح قنوات للحوار تقدم الجانب المشرق للإسلام والمسلمين لتلك المجتمعات، وحتى لا نكتفى فقط بالصراخ عندما تظهر الإساءات لديننا كما حدث فى مواجهة أحداث الدنمارك.. كما يجب أن نؤكد أن النتائج الإيجابية لا تحدث إلا بناء على مقدمات سليمة، وبمعنى آخر فلو كانت الجالية المصرية ومسلمو أيرلندا لا يقدمون صورة مشرفة لأنفسهم فى المجتمع المدنى الذى يعيشون فيه ما تجاوب معهم أكبر المسئولين وشاركوهم احتفالاتهم.. وهذا أول ما نستخلصه، فجالياتنا فى الخارج هى خير رسول لنا، وأول من يساهم فى تشكيل الصورة الذهنية لنا فى تلك المجتمعات.. إذن يجب علينا نحن أن نبادر بالحركة المنظمة من خلال الجاليات ولا ننتظر، والنتائج الجيدة سوف تأتى حتما، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة