حسام بدراوى يعترف بأنه خسر بسبب مواقفه داخل الحزب الحاكم

إذا فشل الإصلاح فى الحزب الوطنى ستقع مصر فى قبضة العسكر أو «الدولة الدينية»

الخميس، 16 أكتوبر 2008 12:17 ص
إذا فشل الإصلاح فى الحزب الوطنى ستقع مصر فى قبضة العسكر أو «الدولة الدينية» تصوير- عصام الشامى
حوار - سعيد شعيب وخالد ناجح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يمكن أن أرشح نفسى للرئاسة أمام جمال مبارك لأن الحزب يختار واحدا فقط وجمال فرصته أكبر فى الترشيح

الدكتور حسام بدراوى ،القيادى الكبير بالحزب الوطنى ،أحد عقلاء السلطة، وأنصارها، وهو أحد ضحايا هذه السلطة أحياناً.

حسام يجيد فنون الأختلاف بلا صدام، يعرف كيف يتكلم فيؤيده الحزب الحاكم وتوافقه المعارضة فى وقت واحد. يؤمن بدراوى بحتمية تداول السلطة، وأنه سيأتى اليوم الذى يترك فيه الوطنى دائرة صناعة القرار. ويرى أن الباب الوحيد لإصلاح البلد، هو نزاهة الانتخابات، وأن البلاد لن تشهد تقدما فى أى مجال بدون تعليم حقيقى. ورغم الجهد اللافت الذى قام ويقوم به فى قضايا التعليم، فلم يتم اختياره للوزارة، هو يرى أن تنفيذ أفكاره لا يتجاوز 25 %.

فلماذا يصر على البقاء فى حزب لا يحقق أحلامه، وهل وجوده يفيد هذه السلطة أكثر مما يفيد البلد?.

> المجموعة الإصلاحية، فى الحزب الوطنى منها أنت والدكتور على الدين هلال تقولون كلاما يبدو عظيماً لمن يقرأ، والواقع يقول العكس، فأيهما نصدق؟
- صدقنا نحن..
> وأكذب ما أعيشه؟
- عندك حق فى وجود هذا الفارق، ولكن هذا بالضبط ما يجعلنى أو يجعلك تدخل معترك السياسة، أى التغيير والإصلاح لما لا يعجبنا على أرض الواقع.

> كلام منطقى؟
- هل نستطيع تغييره بنسبة 100 % أو 30 %، فهذا خاضع لعوامل كثيرة، وما أقوله أو يقوله الدكتور على وآخرون، هو الرؤية التى نتفق عليها فى الحزب، وهناك أسباب تعيق التنفيذ، منها عدم القدرة أو عدم الإيمان بالفكرة ،أو عدم وجود موازنة أو مقاومة من وضع قائم.

> أظن أن الأهم هو غياب الإرادة السياسية عند صُناع القرار؟
هذا ممكن، غياب الإرادة السياسية التى تقوم بالتنفيذ. وربما ما يدلل على ذلك هو رؤيتى لتطوير التعليم ،التى طرحتها على الأمانة العامة ووافقت عليها، ثم ناقشتها فى مؤتمر الحزب ووافق عليها، أى أصبحت سياسة موثقة، ورغم أن الحكومة وافقت عليها فإن التنفيذ ضعيف.

> صرحت بأن ما تم تنفيذه منها 25 %؟
- تقريبا.

> هل منطقى أن تستمر فى حزب لا يحقق لك نسبة معقولة من طموحاتك؟
- صحيح، فالحد الأدنى مرتبط بفترة زمنية، وهذا موجود فى ذهنى وذهن الآخرين، لكن لدينا إصرار، فلا وجود لنجاح سياسى وإصلاح دون مثابرة وضغط، حتى يتكون لديك فى فترة زمنية ما، حجم ضغط فعال للمطالبة بالتغيير. من الجائز أننى لم أصل إلى هذا الحجم الفعال، وربما نصل إليه غدا أو بعد شهر.

> إذن وجودك والمجموعة الإصلاحية مرتبط بمدى زمنى؟
- فى وقت من الأوقات كانت هناك مجموعة كبيرة «ومشيت»، فمن الممكن لو وجدت الطرق مسدودة أمشى. وإن كان هذا احتمالا بعيدا لأن مثابرتى لا حدود لها. ناس كثيرون راهنوا على أن خسارتى فى انتخابات البرلمان ستكون نهايتى «سياسيا»، ولكنى مؤمن بأن السياسى المحترم يدخل معارك ويكسب ويخسر.

> لكن معاركك كلها خاسرة، الانتخابات البرلمانية، وانتخابات النادى الأهلى، وخططك فى التعليم لم تتحقق.. لماذا تستمر فى الحزب الوطنى؟
- (يضحك) سوف أعطيك أمثلة لمعارك كسبتها، ترأست لجنة التعليم فى البرلمان الدورة الماضية، ولم يكن هناك أعضاء جدد يتولون مسئولية لجان. وطرحت فكرة إنشاء هيئات للجودة، وبمعايير مقبولة عالميا ومنفصلة عن مقدم الخدمة، والآن تجد هذا المفهوم منتشرا، ويتحدثون عنه فى الصناعة والصحة وغيرهما، وهذا نجاح. بل وانتشرت هذه الفكرة عربيا ودعيت بسببها إلى تونس والبحرين والمغرب والأردن، وبسببها حصلت على دكتوراه فخرية من جامعة فى بريطانيا، أليس هذا نجاحا؟

> كان من الممكن أن تطرح هذه الأفكار وأنت خارج الوطنى؟
- لا.. صعب.

> لماذا؟
- سأقول لك فى سنة 1990، كنا مجموعة كبيرة من متوسطى العمر والشباب، وكنا نأمل تغيير الواقع الذى لا يعجبنا، وضمنا إطار كان تحت اسم جمعية النداء الجديد ورئيسها رحمه الله دكتور سعيد النجار. وخرجنا منها، بعضنا انضم للحزب الوطنى وأنا منهم، لأننا رأينا أن الإصلاح من الداخل أكثر تأثيرا.

> لماذا؟
- لأن الحزب والحكومة والمجتمع الآن «تركيبة واحدة «، ومن يتحدث من الخارج يكون تأثيره أقل. ولكنها لم تكن وجهة نظر منير فخرى عبد النور ومحمود أباظة وآخرين، الذين كانوا يرون أن التغيير أكثر تأثيرا من موقع المعارضة، وهناك من اختار التأثير من موقع المستقل، مثل دكتورة منى ذو الفقار وسعيد سراج الدين. ولكنها فى النهاية آليات لابد أن تكون موجودة كلها فى ذات الوقت. فلو الكل انضموا للوطنى لفقدنا التأثير من الخارج، ولو الكل من الخارج، ربما كان هناك تعنت من الحزب الوطنى فى مواجهة التغيير.

> لكن التغيير من داخل الوطنى ليس له ثمن، بعكس موقع المعارض؟
- «يا نهار أبيض»أنت بنفسك قلت لى الثمن الذى دفعته وأدفعه.

> الثمن ليس فيه مشقه أو مواجهة أو تحدى ، إنه النضال المضمون الناعم؟
- (بعد صمت) لو كان نضالا ناعما، ما كانت هناك خسائر، أنت نفسك ذكرتها، ثم إننى أحيانا أتكبد بعض الخسائر لأننى أدفع بالتغيير من داخل الوطنى، وهذا لن يحدث لو كنت خارجه، وما يدلل على ذلك أن التأييد لى من خارج الحزب أكبر من داخله.

> إذا كنت داخل الحزب ودفعت هذا الثمن، فما بالك بمن هم خارجه؟
- أى نظام متحكم فى الدنيا، أيسر عليه أن يضرب أصدقاءه من أن يضرب أعداءه.

> ليه؟
- فكر فيها، هذا موجود فى تاريخ الأنظمة المتحكمة.

> تقصد المستبدة؟
- لا، أقصد المتحكمة، فهو يضرب الموالين له «ويحايل» المختلفين معه.

> او يضربهم؟
- او يضربهم ،لكنه يبدأ بالداخل فهو يعتبر أنه ليس من حقه أن يقول رأيا مخالفا.

> أليس لغزا أن تراهن على أن يكون الوطنى حزبا سياسيا، وأنتم تعرفون أنه حزب السلطة فقط لا غير؟
- لا ليس لغزا.

> لغز لأن هذا الحزب لم يتعرض لاختبار حقيقى فى الشارع، كيف تعرف المنتفعين من المؤمنين؟
- أنا معك فى أن ملكية الوطنى لكل أوراق اللعبة ليست فى صالحه، فلابد أن يكون له منافسون أقوياء، حتى تكون هناك قيمة لنجاحه، وحتى يطور نفسه.

> هل معنى ذلك أن يأتى يوم يترك فيه الحزب الوطنى السلطة بإرادته لحزب آخر؟
- طبعا «مش بمزاجه».. ثم أنه خطر جدا أن تزيح سلطة موجودة وليس هناك بديل لها، فهذا يسبب فراغا، يعنى مصيبة ومأساة، لأنه فى هذه الحالة لن يكسب احد سوى المتطرفين مهما صغر حجمهم وعددهم.فلا نريد حكما دينيا أو عسكريا، ولذلك ضرورى أن يكون لدينا أحزاب حقيقية، ويكون لها نهج مختلف، فلا نريد استبدال الوطنى بحزب يبقى مثله 50عاما فى السلطة، نريد تغييرا بجد.

> تتكلم وكأن الصراع فى الوطنى صراع نظرى وليس حربا بين قوى «اجتماعية وثروة وسلطة»، هل هذا منطقى؟
- ليس منطقيا طبعا، فالصراع داخل الحزب صراع حقيقى والقوى الموجودة فى المجتمع لها وزنها سواء إيديولوجيا أو أصحاب ثروة، أو قوى مستفيدة من بقاء الأمر الواقع كما هو عليه ومن الجائز أن يكون هؤلاء الفئة الأقوى.

> إذن كيف يكون لديك أمل فى التغيير؟
- سأقول لك كيف، المجتمع الذى يثور على الوضع الحالى ولكنه لا يغيره، لأنه يحتاج إلى القيادة التى تملك الرؤية الثاقبة.

> وما هى القوى الاجتماعية التى تراهنوا عليها لحماية التغيير؟
- هى الأقوى فى المجتمع، أقصد جموع الناس التى لم تذهب للانتخاب، يكلمونك عن التغيير ولكن لا يعرفون أين الطريق. وعندما تبدأ فى أى تغيير يقاومونك إما لعدم معرفته بالتغيير، فالناس أعداء ما جهلوا، وإما «شاكك» فيك وغير مصدق وإما خائف من عدم قدرته على الدخول فى الجديد.

> توصيفك لهذه الشريحة غائم وغير محدد؟
- أنا أراهن على الطبقة الوسطى وهى موجودة، فأى مواطن تعلم لمدة 16 سنة، المفترض أن يعيش حياة كريمة، أى تقريبا 4 آلاف جنيه، وإذا لم أحقق ذلك، فقد خسرت الطبقة الوسطى، وبالتالى فقرار وجود هذه الطبقة قرار سياسى وليس اقتصاديا.

> كيف يحدث ذلك ومعظم أصحاب المشروع الإصلاحى فى الوطنى مليونيرات ولهم مصالح فى استمرار الوضع القائم؟
- أولا ليس معظمهم، وثانيا لا يوجد فيه تناقض، فما تريد أن تقوله وأنا موافق عليه، لا يجوز أن تسيطر طبقة واحدة بمصالحها على الإرادة السياسية كلها. التاريخ يقول إن تزاوج السلطة ورأس المال يخلق فسادا.

> إذن الأمر يحتاج إلى تقنين؟
- طبعا لابد أن يقنن، بغض النظر عن نزاهة الأشخاص ونجاحهم، واحترامى لهم، لكن يجب أن يكون الخط بين العام والخاص واضحا أمام المجتمع. والشرط الثانى ليس كل صاحب مشروع خاص ناجح يصلح وزيرا. فهذا الموقع جوهره عمل سياسيا وليس بيروقراطيا.

> هل تريد إقناعى أن المليونير أحمد عز يريد تقوية الطبقة المتوسطة؟
- لست مختلفا معك فى أن هناك مخاطر من تزاوج السلطة برأس المال، وأنا اعرف أنهم لم يتكسبوا، ولكن لابد من قواعد وقوانين معلنة. فعندما دخلت البرلمان سنة 2000 عرضوا على لجنة الصحة ورفضتها لوجود تضارب مصالح بينها وبين عملى الخاص بالمستشفى وشركة تأمين صحى وطلبت لجنة التعليم لأنة لا توجد تضارب مصالح فيها.

> ومتى نرى قانونا يمنع هذا التضارب؟
- بالضغوط التى يمارسها الناس مثلى وجمال مبارك.

> إذا كانت أفكاركم الإصلاحية لا تنفذ.. فهل المسئول هو الرئيس لأنه هو الذى يختار الوزراء؟
- رئيس الوزراء هو الذى يختار للوزارات غير السيادية، أى يضع البدائل أمام الرئيس.

> هل الرئيس مطلع على جهدك فى لجنة التعليم؟
- طبعا
> ولماذا لا يختار على أساسها؟
- المشكلة كما قلت فى منهج الاختيار، بين وزير تكنوقراط ووزير سياسى يؤمن بسياسات الحزب وينفذها، وهنا سيكون التطور تراكميا، لأن كل وزير يكمل ما سبقه بناء على سياسات الحزب. وإذا لم يكن سياسيا من الطبيعى أن يبدأ وكأن لا شىء سبقه.

> إذا كنتم تنقدون الحكومة فى الحزب بكل هذه الشراسة وأنتم الذين تختارونها، فمن الذى يجب أن أحاسبه؟
- المفترض أن يحاسب الحزب الحكومة على تنفيذ السياسة المتفق عليها، ودور الحزب هو أن يسوق هذه السياسات بين الناس والبرلمان حتى يحاسبوا الحكومة على أى تقصير.

> هذا لا يحدث وانتم تجملون السلطة وتفيدونها أكثر مما تفيدون البلد؟
- نجاح كل ما قلت بوجود انتخابات نزيهة، أى مجالس محلية وبرلمانية تحاسب السلطة التنفيذية.

> الوطنى والحكومة يقومان بتزوير الانتخابات؟
- بالقطع نزاهة الانتخابات هى المدخل الرئيسى لكل تغيير، والخوف الذى ينتاب أى نظام سياسى فى الدنيا من الأقلية المنظمة من أن تركب السلطة خوف شرعى، لكن فى نهاية الأمر نزاهة الانتخابات هى الباب الوحيد لأى تغيير.

> ارتباط الإصلاح والتغيير بشخص جمال مبارك ألا يعنى أنه ضعيف وليس له جذور؟
- بالعكس جمال كان نقطة إضاءة سمحت لنا باختراق هذا النظام الثابت المستتب عبر الأربعين سنة الماضية، وبدون وجوده كان من المستحيل وجود أى خط جديد، ومن هذه النافذة التى فتحها الرئيس لناس «زى حالاتى» دخلت الحزب وآرائى معروفة ومنها أن تكون مدد الرئاسة اثنتين فقط.

> ارتكاز كل ذلك على شخص أليس هذا تعبيرا عن ضعفكم؟
- لا مش دلالة ضعف، هى دلالة أنك أمام تحد أكبر والناس كانت متصورة انه بوجود ابن الرئيس الدنيا ستتغير فوراً، ولكن الدنيا لم تتغير بهذه السرعة، فالقوى السياسية مختلفة جدا وقد تعمل ضده هو شخصيا فى بعض الأحيان.

> هل هناك من يعمل ضده؟
- ممكن الله أعلم.

> ولكنك فى داخل الحزب وتعرف؟
- ليس لدى دلائل، لكنة احتمال، فإجراءات حمايته مثلا تمنعه من التفاعل المباشر مع الناس، بما يجعلها تقترب منه وتحبه، وهذا حقه مثل أى سياسى.

> هل يمكن العصف به وبهذا الخط من جانب قوى سيادية كبيرة فى الدولة؟
- لا اعتقد، فالموجة أصبحت أصعب من الوقوف أمامها، والحقيقة أنه ترسخ فى وجدان الناس علاقة جمال بالتوريث وهذا غير عادل مواطن مثل باقى المواطنين له حقوق سياسية.

> وهل من العدل أن أترشح أمام جمال وهو ابن الرئيس ووراءه مصالح ودولة طويلة عريضة؟
- أولا هو لم ينزل انتخابات ووالده رئيس. ثم إن الانتخابات تحدث عندما نحتاج مرشحا للرئاسة، أى لا يكون الرئيس فى موقعه، ثم إنك لا تملك منع مواطن مصرى من الترشح، فهذه هى الديمقراطية، وبعيدا عن كل ذلك الله وحده هو الذى يعلم إذا كان جمال سيترشح أم لا.

> هو البديل الوحيد المطروح؟
- لماذا.. إذا نظرنا إلى دستور الوطنى، فكل أعضاء الأمانة والهيئة العليا لها حق الترشح ويختار الحزب واحدا منهم.

> هل وارد أن يخوض حسام بدراوى الانتخابات أمام جمال؟
- «ليه».. الحزب يختار واحدا ولو قررت الهيئة العليا للحزب الوطنى أن المرشح هو جمال سنقف جميعا وراءه، ولو كان غيره سنقف وراءه أيضا، وتوازنات القوى هى التى ستحسم الأمر.

> هناك من هو ضده فى الحزب؟
- جمال فرصته هى الأكبر، لأنك «عايز» ناس اصغر سنا وأكثر حركة وانفتاحا. ولكن مرة أخرى اختيار الأفضل يتم من بين 45، ليس الأفضل فقط، بل والذى يستطيع النجاح أمام مرشحى الأحزاب الأخرى.

تحالف بعض أعضاء الوطنى مع الإخوان فى الانتخابات هو تحالف مع الشيطان

الوزراء الذين يؤمنون بسياسات الحزب هم الذين حققوا نجاحاً والتكنوقراط سبب تأخر البلد





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة