تمسح التراب عن الأحذية وتخفى الهموم فى القلب

أم وحيد: «كنت عايزة أبيع كليتى عشان أستر البنات لكن الشيخ قاللى حرام»

الخميس، 16 أكتوبر 2008 12:17 ص
أم وحيد: «كنت عايزة أبيع كليتى عشان أستر البنات لكن الشيخ قاللى حرام» ام وحيد مغ ابنتها.. ورحلة مسح الأحذية
كتبت يمنى مختار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«إن كان عليا ما ألبس سوى اللى يدارى همى/ دا أنا وحدانية ما مسح دموعى غير طرف كمى»، تذكرت كلمات هذه الأغنية لـ«أنغام»، عندما لمحت أم وحيد تحت كوبرى الجيزة وأمامها الصندوق الذى تسترزق منه.

لم تصرح لى باسمها الحقيقى الذى لا يعرفه أحد: «بقالى 30 سنة فى القاهرة، محدش يعرف اسمى الحقيقى غير صاحبة البيت». من سوهاج جاءت، وهى لم تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها، بعد أن أصدر لها والدها شهادة «تسنين» لتتزوج برجل يكبرها بخمسة عشرة عاما. وفى ليلة الدخلة التى عادة ما تقضيها الفتاة فى بيتها، قضتها أم وحيد عند الطبيب ليحاول تضميد جراح فتاة تزوجت قبل سن البلوغ.

سنوات طويلة من المعاناة مع زوج يكبرها كثيرا، سكير، يمارس دوما هوايته الأثيرة فى ضربها وتعذيبها.. تحكى وتكرر جملتها: «أيام الله لا يرجعها». أنجبت منه ثلاثة أولاد لا يعيرونها أى اهتمام، ولا يساعدونها على المعيشة.. فاجأتنى عندما قالت: «طلعوا طلعة أبوهم هما التلاتة.. ولكن أدعى على ابنى وأكره اللى يقول آمين».

بعد أن لقى زوجها الأول حتفه «الله لا يرجعه»، جملة تكررها كلما ذكرت اسمه، تزوجت من آخر على أمل أن تبتسم لها الحياة، فاختارت أن تتزوج من شخص يختلف تماما عن شخصية زوجها السابق. تزوجت من مقرئ لكنه مع الوقت بدأ يعمل فى مجال آخر.. «بيشتغل ضامن» بمعنى أنه يتواجد فى قسم الشرطة بصفة دورية، ويضمن كل من يحتاج إلى ضامن مقابل مبلغ معين من المال.

وفى أحد الأيام، فوجئت أم وحيد بإحدى الفتيات فى الشارع تطلب منها أن تأخذها معها إلى منزلها، لأنها لا تجد مكانا تأوى إليه. رق قلبها لهذه الفتاة، وأخذتها إلى البيت لترعى أولادها، إلى أن فوجئت بها ذات ليلة فى فراش واحد مع زوجها.

لم تتمالك نفسها وهددته بأنها ستبلغ الشرطة عنه، فسكب على يديها ماء مغليا، وهنا فاجأته بجملة لم يتوقعها: «أنت محرم على»، فترك لها المنزل منذ ثمانى سنوات، ومن ورائه طفلان لم تستخرج لهما شهادة ميلاد حتى الآن.

أم وحيد بدأت العمل كبائعة جرائد، ولكنها اكتشفت - مع الوقت - أن هذه المهنة تحتاج إلى رأس مال، فاتجهت إلى مسح الأحذية. قد تبدو مهنة غريبة بالنسبة لامرأة، لكنها تعمل بها منذ ما يقرب من 12 سنة: «أشتغل فى مسح الأحذية أحسن ولا أمشى مشى بطال؟.. الست مننا لو كعب رجلها بان كأنها اتعرت».

تجدها قابعة تحت كوبرى الجيزة من الصباح الباكر، ومعها أدواتها: الصندوق، الفرشاة، الورنيش ، قطعة من القطيفة. تنتظر الزبون الذى يبحث بناظريه فى البداية عن ماسح أحذية «رجل»، لكنه يضطر إلى أن يمسح حذاءه عندها، وتؤكد أن بعض الرجال يخجلون من أن تمسح أحذيتهم «واحدة ست».

لا تتجاوز أجرة مسح الحذاء فى أغلب الوقت الخمسين قرشا، لكنها تصادف من وقت لآخر زبون «إيده فرطة شوية« يناولها مبلغا تضيفه إلى ما تدخره لتجهيز بناتها الثلاث، فالكبرى خطبت وتستعد للزواج.

تجهيز البنات هو الحلم الذى يراودها، والهدف الذى تسعى لتحقيقه، ولا يهم من بعده أى شىء آخر، حتى لو وصل الأمر إلى بيع جزء من أعضائها لتحقيقه «كنت عاوزة أبيع كليتى عشان أجهز بنتى بس الشيخ قال لى حرام».

ورغم أن شهرتها فى منطقة الجيزة لا تجعل البلدية تقترب منها، لكن ضباط المديرية قد يلقون القبض عليها فى حالة مرور موكب إحدى الشخصيات المهمة. لا تنسى «أم وحيد» ذلك اليوم الذى طلب منها أحد الرجال أن تصحبه مقابل مائة جنيه، فأوحت له بالموافقة، وسارت معه، قبل أن تهمس لأحد الضباط بما حدث ليقبض عليه، وخلال التحقيق معه تم اكتشاف أنه يدير شبكة دعارة، ويورد الفتيات إلى الشقق المفروشة. وترقى الضابط بعدها ونقل ليعمل بجوار السفارة الإسرائيلية، وأعطى أم وحيد 300 جنيه مكافأة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة