أول شهادة ميلاد لطفل منسوب لأمه بعد القانون الجديد

"ابن أمه" هل يستطيع مواجهة المجتمع؟

السبت، 11 أكتوبر 2008 03:51 م
"ابن أمه" هل يستطيع مواجهة المجتمع؟ نسب الطفل لأمه وفق قانون الطفل الجديد مازال محل جدل
أحمد مصطفى – أحمد أبوغزالة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قانون الطفل الجديد يثير جدل وحفيظة جهات متعددة. واجه القانون اتهامات بأنه تنفيذ لأجندة أجنبية، وأنه مخالف للشريعة الإسلامية والدستور، لأنه يحض على الزنا وتفجير الأسرة وإهدار قيم المجتمع، فى عدة مواد، فيما يوفر حماية للأطفال فى مواد أخرى.

القانون الذى تم إقراره مؤخراً، واحد من القوانين التى أحدثت لغطاً وجدلاً واسعاً فى البلاد، خصوصاً وأنه قد طالته العديد من الاتهامات، أهمها ما بثته وكالة "أمريكا إن أربيك" حول تدخل كنيسة تنصيرية إنجيلية أمريكية فى صياغة أهم مواد قانون الطفل الجديد، الذى أقره مؤخراً مجلس الشعب المصرى.

احتفل المجلس القومى للطفولة والأمومة مؤخرا بإصدار أول شهادة ميلاد باسم الأم لطفلة مجهولة النسب، كانت من نصيب هند محمد عيد أصغر أم فى مصر وتبلغ من العمر 11 عاماً، وكانت قد حملت بعد أن تم اغتصابها، وطبقاً للقانون فقد اختير أب جوازى ليضع اسمه بشهادة الميلاد، وهو الأمر الذى كان ممنوعاً قبل إقرار القانون الجديد، سواء بوضع اسم أب جوازى أو حتى أحقية الأم فى قيده بالدفاتر الرسمية، أجرى اليوم السابع اتصالاً مع والد هند، محمد عيد، وعندما طلبنا منه إجراء مقابلة والحصول على نسخة من شهادة ميلاد حفيدته، أخبرنا بأن الشهادة ليست معهم بل هى طرف معالى السفيرة مشيرة خطاب الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة.

اتصلنا بالمجلس القومى للطفولة والأمومة للاطلاع على شهادة ميلاد الطفلة، ورحب المسئولون إلا أنهم أخبرونا أن الشهادة لدى إدارة الإعلام بالمجلس وعندما توجهنا إلى إدارة الإعلام بالمجلس، أخبرونا بأن الشهادة موجودة بمكتب السفيرة وهى تعد من الوثائق الرسمية التى يمنع خروجها لأى جهة، لم نيأس وطاردنا السفيرة مشيرة خطاب التى أخبرتنا أن الشهادة لدى إحدى الموظفات وستعود إلى العمل الأحد المقبل، حيث تقضى عدة أيام فى مهمة عمل بألمانيا.

الكلام الرسمى
السفيرة مشيرة خطاب الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة، قالت إن إصدار أول شهادة ميلاد لابنة مجهولة النسب يعد من التفعيلات المهمة لتعديلات قانون الطفل الأخيرة، والتى نصت على حق الطفل فى أن ينسب لأبويه الشرعيين، وحق الطفل معلوم الأم ومجهول الأب ـ أو المتنازع على أبوته قضائياً ـ فى الحصول على شهادة ميلاد تثبت نسبه لأمه.

وقالت إن هذه الخطوة ستقلل من عدد أطفال الشوارع وإدماجهم، حسب الأوراق الرسمية الجديدة، فى المدارس فى مراحل التعليم المختلفة كإحدى الخطوات التى تيسر من إعادة دمجهم فى المجتمع، وتشجيع هؤلاء الأطفال وأمهاتهم ـ من فتيات الشوارع ـ على الاستمرار فى التعليم.

وأكدت خطاب أن الوثيقة لا تمثل عاراً أو نقيصة للطفل المنسوب لأمه وأب اعتبارى، وسيتم التفريق بينها وبين الشهادة المنسوبة لأم وأب شرعيين بكود يوضع بجوار اسم الأم.

اعتراضات
جبهة الرفض لقانون الطفل يمثلها الشيخ سيد عسكر عضو الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين، الذى يرى أن مادة قانون الطفل التى تجعل نسب الطفل لأمه إذا جاء بعلاقة خارج إطار الزواج، هى اعتراف من الأم بالزنا، مما يفرض أن يتم عقابها، وليس تكريمها بنسب الطفل إليها، ولكن هذا القانون بذلك يحلل الزنا ويشجعه.

قال عسكر إن القانون زاد من مشكلة الطفل الذى إذا كبر وهو منسوب لأمه، وعرف أن أمه هى من استخرجت شهادة ميلاده، فكيف سيواجه المجتمع؟ فالقانون بذلك لا يخدم الطفل ولا الأم التى بذلك ستشتهر بأنها زانية مما ليس فى مصلحتها بالطبع، مضيفاً أن كل ما سيفعله القانون هو الترويج لفعل الفواحش.

حق الهوية
من جانبه، يؤكد هانى هلال المدير التنفيذى لمركز حقوق الطفل، أن القانون قديماً كان يمنع الأم من نسب الطفل إليها، وبالتالى استخراج شهادة ميلاد له إذا جاء الطفل خارج إطار الزواج، ولكن التعديل الجديد يعطيها الحق فى نسبه إليها واستخراج شهادة ميلاد له، وإعطائه اسم أب اعتبارى غالباً ما يكون لقب عائلة الأم.

قال هلال إن الأطفال الذين لا يستخرج لهم شهادة ميلاد يفقدون حق الهوية، وهو من الحقوق الأساسية للطفل، وبالتالى يحرمون من كل الخدمات سواء الصحية أو التعليمية أو غيرهما، بسبب عدم قيدهم فى سجلات الدولة، مؤكداً أن الأطفال ليس لهم ذنب فيما فعله آباؤهم كى يحاسبوا عليه، وإن كان الآباء آتوا بهؤلاء الأطفال من خلال علاقة غير شرعية، فالواجب أن يتم عقاب الآباء وليس الأطفال الذين لا ذنب لهم فيما حدث.

وأشار هلال إلى رفضه مقولة "إن القانون يشجع العلاقات خارج إطار الزواج"، لأن من يفعل ذلك لن يتخلى عنه بقانون أو غيره، ولا يفكر فى الأطفال الذين من الممكن أن يأتوا عن ممارساته المحرمة، مضيفاً أن القانون جاء ليحمى الجيل الثانى من أطفال الشوارع الذين جاءوا بسبب علاقات جيل أطفال الشوارع الأول ببعضهم البعض، وذلك لإنقاذهم من الاستغلال الذى يتعرضون له مثل الإتجار بهم والمتاجرة بأعضائهم، وتعرضهم للعنف والاغتصاب والقتل.

الحل الوحيد
من جهتها قالت لمياء لطفى منسق حملة "حق الطفل فى إثبات نسبه"،إن هذا الإثبات يعد الأهم فى حياة مجهولى النسب وبنات الشوارع والأطفال الذين ولدوا نتيجة للاستغلال الجنسى، ولفتت إلى أن هذا هو الحل الوحيد للاعتراف بهؤلاء وإدراجهم على أجندة الدولة حتى يستطيعوا الحصول على جميع الخدمات الإنسانية والالتحاق بالمراحل التعليمية، وأضافت أن هذا المستند يعطى الحرية لهؤلاء الصغار والشباب فى التنقل والترحال وكل ما شابه، ولكنها تؤكد على ضرورة أن يتم إصدارها بشكل مؤقت وبأمر المحكمة فقط للأطفال المتنازع على أبوتهم من جميع أشكال الزواج غير الرسمى، وهو ما يعرف بإنكار النسب وذلك لحين الفصل فى نزاع الأبوة وحتى لا يستغل ذلك كفرصة لهروب الآباء من مسئولياتهم تجاه الأطفال المنكر نسبهم.

وأوضحت أن إصدار الوثيقة بهذه السرعة سيعطى الفرصة والحق لآلاف من الأمهات فى استخراج بطاقات هوية لأبنائهن، ملحق بها اسم الأم واسم اعتبارى للأب لحين الفصل فى النزاعات القضائية، وتلفت إلى أن هذه الهوية تمثل شكلاً من أشكال الحماية والغطاء الاجتماعى والقانونى للطفل مجهول النسب أو المنكر نسبه.

ضوابط لاسم الأب
ومن جهة أخرى، قال الدكتور محمد المهدى أستاذ طب النفس بالأزهر، إن القانون كان سيصبح مشكلة إذا نسب الطفل إلى أمه فقط، لأنه بذلك سيكون مختلفاً عن أقرانه مما يسبب له وصمة عائلية ونفسية كبيرة قد يكون لها أثر بالغ فى حياته فيما بعد، وإن كان فى مراحل سابقة من التاريخ نُسب أشخاص من عظماء التاريخ لأمهاتهم مثل ابن تيمية الذى هو اسم أمه أو جدته، ولكن فى الوقت الحالى تلك الفكرة تعتبر غير مقبولة فى مجتمعنا.

وأكد المهدى أن وضع اسم أب اعتبارى للطفل بجوار نسبه لأمه فى شهادة ميلاده يعتبر خطوة صحيحة فى القانون إذا لم يتم التوصل للأب، وله أثر إيجابى على الطفل لأنه يساعده أن يعيش حياة طبيعية كبقية أقرانه.

ولكن المهدى أضاف أن اسم الأب، لابد أن يكون خارج اسم عائلة الأم تماماً، وألا يكون للاسم صلة بأحد على الإطلاق، لأن من شأن نسب اسم أب الطفل لعائلة الأم أن ينشئ مشاكل عديدة فى الميراث واختلاط الأنساب وغيرها من المشكلات العديدة.

وأشار المهدى إلى أن القانون لا يشجع العلاقات غير الشرعية، لأن تلك العلاقات تحكمها النزوة، ولا يحكمها العقل أو القانون، ومهما كانت قوة القانون تجاه تلك العلاقات فلن تحدث فرقاً لأن وقت النزوة يغيب العقل والقانون، مضيفاً أن القانون فقط يحل مشكلة الأطفال الذين لا ذنب لهم فيما حدث.

لمعلوماتك
أكثر المواد إثارة للجدل فى قانون الطفل الجديد هى المادة رقم (7) التى تنص على رفع سن الزواج إلى 18 عاماً، متهمينه بأنه يساعد على انتشار ظاهرة الزواج العرفى، والمادة رقم (15) التى تنص على إعفاء الأم من الكشف عن اسم الأب عند تسجيل وليدها مما يشجع الزنا والعلاقات الغير شرعية فى المجتمع، والمادة رقم (97) التى تنص على حق الطفل فى الإبلاغ عن والديه لأقسام الشرطة فى حالة ضربه أو التعدى عليه الذى سيجعل الطفل مثل المخبر على والديه ويستطيع الخروج عن طوعهما وإدراجهما فى أقسام الشرطة والسجون.

قانون الطفل الجديد، كان فى بدايته 144 مادة، 92 منها للتعديل، تم دمجها فى 42 مادة، وبالتالى اقتصرت مواد القانون على 92 مادة فقط بعد التعديل.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة