حكومة "نظيف" فاشلة بتقدير امتياز فى رمضان!

الأربعاء، 01 أكتوبر 2008 03:19 م
حكومة "نظيف" فاشلة بتقدير امتياز فى رمضان! AFP
كتب أحمد عليبة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحكومة المصرية تستقبل شهر رمضان الكريم وتودعه بشعار تقيلدى، هو "الطوارئ". فلا يغيب عن أى وزير يتقدم بالتهنئة بالشهر أن يضيف عبارة "والوزارة فى إطار الاستعداد لشهر رمضان أعدت خطة طوارئ شاملة، فقامت بتشكيل لجان متابعة، غرف عمليات، وفرق مراقبة.. إلخ". وهذه الشعارات لم تعد تنطلى على الشعب المصرى لثبوت فشلها عام تلو الآخر، فالأسعار لا تزال تواصل صعودها، ولا يكبح جماحها لا قانون ولا وزارة. وعلى نفس المنوال تأتى بقية المشكلات فى ازدحام المواصلات، والأزمة المرورية، وأزمة شح السلع الغذائية والغش التجارى وإغراق الأسواق المصرية بسلع الترفيه الاستهلاكية القادمة من الصين وجنوب شرق آسيا، بمبرر وبدون مبرر. لكن كل هذه المشكلات السوقية والحالة الفوضوية كان الشارع المصرى يتعايش معها فى رمضان دون ضجر، لكن الجديد هذه العام هو سقوط الحكومة سقوطاً ذريعاً فى سلسلة اختبارات متوالية جرت أحداثها على مسرح البلاد بلا هوادة.

إذن جديد رمضان هذا العام، أن الحكومة واجهت سلسلة متوالية من الكوارث، فشلت فى التعامل معها سواء على مستوى إدارتها كأزمات، أو على مستوى ما أنتجته هذه الكوارث من أزمات تضاف إلى أزمات رمضان المعروفة. بدأ شهر رمضان بكارثة الدويقة، التى خلفت مئات من الموتى والجرحى والمشردين فى العراء. وفى حين أعلنت الحكومة أن حصيلة ضحايا الحادث تراوحت بين 92 قتيلا و 60 جريحاً، إلا أن تقارير غير رسمية أشارت إلى أن الحصيلة الفعلية للحادث، أسفرت عن أكثر من 250 قتيلاً، وفقدان نحو 500 آخرين، وآلاف من المشردين فى العراء بلا مأوى. الأمر الذى يستدعى تفاعل مجموعة من الوزارات، من بينها الداخلية والصحة والشئون الاجتماعية والإسكان، لإزالة آثار الأزمة.

لكن كانت العشوائية والفوضوية هى سيدة الموقف، حيث تم نقل المواطنين إلى مخيمات إيواء، وما تم الإعلان عنه من توفير مساكن لاستيعاب هذه الأسر المشردة لم يتجاوز 2000 مسكن من محافظة القاهرة، وهو وإن كان رقماً زهيداً مقابل الحصر السكانى الحقيقى، إلا أنه اقترن بإجراءات بيروقراطية شديدة التعقيد، على خلفية حصر المواطنين رسمياً، وإجراءات تسكينهم، ما جعل الكثير منهم يعزف عن الأمر برمته، مما يؤكد فشل وزارتى الإسكان والتضامن فى التعامل مع الأزمة. فضلاً عن ذلك، كانت هناك قسوة فى التعامل الأمنى مع المواطنين الذين قاموا باعتصام، احتجاجاً على السياسات الأمنية المفروضة عليهم بالقوة، فوجهوا بإجراءات أكثر قسوة لفض اعتصامهم، وهو ما صب زيت الغضب على نار الأزمة وزادها تعقيدا وحنقا على الحكومة.

وفى مأساتين متتاليتين جمع بينهما مثلت التاريخ والأثر والأهمية، شوهد معلمين حضاريين من معالم القاهرة يحترقان فى منظر مروع، سجلته سماء العاصمة بسحب الدخان الكثيفة، مؤكداً على الفشل الرسمى فى التعامل معها. الأول كان فى حريق الشورى المروع الذى قدرت خسائره رسمياً، وبحسب تقارير النيابة العامة بنحو 6 ملايين و800 ألف جنيه، الذى استدعى فرق الأمن والمطافئ والقوت المسلحة لإخماده، وخلف وراءه ركام مركز المعلومات والمبانى الإدارية التابعة للمجلس، فضلاً عن ضياع الكثير من الملفات والوثائق المهمة، وتفرقت أدوات وغرف عمل المجلس بوحداته ولجانه بين المبانى الوزارية المجاورة له، حتى ينتهى اللجنة المكلفة من إعادة ترميم المبنى وإعادته إلى ما كان عليه.

المأساة الثانية المماثلة كانت فى حريق المسرح القومى، أحد أقدم مسارح العاصمة، بما فيها مسرحى العرائس والطليعة. ورغم أن هذا الحادث المأساوى يذكرنا بحادث مسرح بنى سويف الذى احترق بنفس الكيفية، إلا أن المأساة الأكبر هى فشل قوات الإطفاء فى التعامل مع الحريق فور نشوبه، رغم أن مركز الإطفاء الرئيسى مجاور لمبنى المسرح.

آخر هذه الأزمات التى لا تنتهى، كان حادث اختطاف مجموعة السياح الأجانب الأوربيين، ومرافقيهم المصريين على يد عصابة إجرامية من دول أفريقية. فشلت الحكومة فى التعامل مع المسألة. أولاً، من حيث تضارب التصريحات، فى بداية الحدث، لدرجة أن وزير الخارجية أعطى تصريحاً على الهواء، بأنه تم تحرير الرهائن، ثم ما لبث أن عاد المتحدث باسم وزارته مجدى راضى، ليقول إن الأزمة جارٍ التعامل معها، ولينفى ما قيل على لسان الوزير جملة وتفصيلاً. كما لم يكن لدى وزارة السياحة معلومات دقيقة حول الحادث. وانتهى الأمر بتحرير الرهائن بعد أكثر من أسبوع بعد تدخل وحدة خاصة، من القوات المسلحة لإنهاء الأزمة.

الخط المميز لكل هذه الأزمات هو الفشل الذريع فى إدارة الأزمة من جانب الحكومة فى التعامل معها، وكذلك فى حالة الإحباط الصعبة التى منى بها الشعب المصرى فى توالى هذه الأزمات، دون أن يجد مسئولاً يتعاطى معها بشكل جدى. والأدهى من ذلك، أن معظم هذه الحوادث سبقتها تحذيرات رسمية وغير رسمية، سواء بالنسبة للحرائق أو حادث المقطم، فحادث الشورى كان داعيا لفحص كل المبانى التاريخية، والتأكد من سلامتها وتأمينها بشكل جدى.

من المؤكد، أن الحكومة تحقق فشلاً تلو الآخر، لكن القدر لم يمهلها فى رمضان الجارى نفحاته، فذنوبها ربما أكبر من أن يستوعبها شهر رمضان أو غيره من الشهور.

فى الاقتصاد ... تضخم وزيادة أسعار ومخاوف تثير القلق تجاه الاستثمار
"اقتصاد مصر يثير القلق رغم تزايد الاستثمار"، عنوان حملته صحفية التايمز البريطانية، ربما يكون العنوان الأكثر تعبيراً عن حالة الاقتصاد المصرى فى الوقت الراهن، حيث اعتبرت الصحيفة، أن الاقتصاد المصرى لا يزال يثير القلق، رغم ظهور فرص قيمة للاستثمار وإقبال العديد من المستثمرين الآتيين من أسواق وبورصات إقليمية كبيرة. فرغم ارتفاع سوق الأوراق المالية المصرية إلى 51.5% بين أغسطس 2007 وأبريل 2008، إلا أنها انخفضت مرة أخرى بنسبة 20.3%.

على مدار شهر رمضان، كان الغالب على سوق البورصة المصرية تسجيل انخفاضات متوالية فى حالة التداول، وتذبذباً ملحوظاً بين الارتفاع والانخفاض على أسهم شركات قيادية فى السوق المصرية، وكان أشهر هذه الانخفاضات ما منيت به مجموعة طلعت مصطفى، تأثرا بخبر إحالته لمحكمة الجنايات، بتهمة تحريضه على قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم. ولحق بهذا التذبذب مجموعة أوراسكوم تيليكوم، نتيجة تباطؤ النمو فى باكستان وبنجلادش وارتفاع تكلفة التمويل، ما دفع أسهمها للهبوط. وكذلك انخفض سهم "النساجون الشرقيون" بمقدار ثلاثة جنيهات، تأثرا بشائعة تورط محمد فريد خميس رئيس مجلس إدارتها فى قضية إرشاء أحد القضاة.

وبعيدا عن السوق الحرة، شهدت القطاعات الحكومية إخفاقات فى تقديم خدمات حيوية للجمهور، ومنها شركة الكهرباء، فوزارة الكهرباء أعلنت خلال شهر رمضان حالة الطوارئ القصوى، لمواجهة ذروة الأحمال الكهربائية، المتمثلة فى ساعتى المساء بعد غروب الشمس، نتيجة ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة، خلال هذه الأيام، حيث ارتفع خلالها استهلاك الطاقة الكهربائية، بنسبة 12% عن معدلات الزيادة فى الأعوام السابقة والتى بلغت خلالها 7% فقط.

معدل التضخم الشهرى خلال شهر رمضان شهد ارتفاعاً، هو الآخر يعد الأعلى على مدار العقدين الأخيرين، حيث بلغ المعدل العام خلال أغسطس الماضى 25.6%، مقارنة بشهر أغسطس من العام الماضى. كما ارتفع الرقم القياسى الخاص بالطعام والشراب بنسبة 35.5%، والفنادق والمطاعم فقد ارتفع بنسبة 47.6%، وشهد قطاع التعليم ارتفاعا مماثلا بلغ 35%، يليه النقل والمواصلات، بنسبة أقل حيث بلغ 20%.

ورياضياً.. أزمة البحث وحلول "جلسات العرب"
من ناحية أخرى، جاءت أزمة البث التليفزيونى لمباريات كرة القدم ومسابقتها الأهم "الدورى الممتاز"، لتؤكد على الفشل الذريع الذى أحاط بكل ما طرحته الحكومة من حلول قيل أنها طارئة، فبعد ما أعطت وزارة الإعلام، ممثلة فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، الضوء الأخضر للنادى الأهلى، لينقل على الهواء مبارياته الكروية عبر قناة الأهلى التى كانت قد بدأت بثها التجريبى، عادت لتمنع إشارة البث عن القناة الحمراء، بعد ما تقدم اتحاد الكرة بمعروض لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، جاء فيه أن الاتحاد الكروى هو مالك المسابقة ـ الدورى ـ وعليه فهو صاحب الحق فى تسويقها.

وبين ما قدمه الأهلى من أدلة منها صورة لعقد الاتفاق بين مسئولية، وممثل الاتحاد للإذاعة والتليفزيون اللواء أحمد أنيس واتحاد الكرة سمير زاهر، والذى ينص فى أحد بنوده على حق الأهلى أو أى نادٍ آخر فى الانسحاب فيما لو أطلق قناة فضائية، وما أكده اتحاد الكرة من تأكيد الأندية الأخرى على موافقتها تسويق مبارياتها عبر الاتحاد باعتباره "الأب الشرعى" لهذه الأندية... احتارت الدولة وغرقت فى شبر ميه؟!

الأزمة لم تنته باستخدام حق الدولة فى تعريف ماهية الاتفاق، وبالتالى إدارة الأزمة بصورة لا يستطيع أى طرف معها النفاذ عبر ثقوب الفشل الإدارى.

الحل لم يكن إلا تأكيداً لهذا المعنى. فقد عقد اجتماع فى صورة جلسة عرفية أو قعدة عرب، تم خلالها ترضية الجانبيين. فالأهلى يذيع مجاناً... مع السماح لقنوات الدولة الأرضية والفضائية بالنقل الحى، حتى لا تثور الجماهير، واتحاد الكرة يكمل عقده مع الفضائيات التى باع لها الحقوق لنهاية مدة العقد، الذى ينتهى عقب انقضاء الموسم الكروى الجارى!

حقاً إنها حكومة الحلول بالوصفات الشعبية!







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة