عندما انطلقت أول بطولات كأس الأمم الأفريقية عام 1957 بمشاركة ثلاث دول هى مصر وإثيوبيا والسودان، لم يتوقع الخبراء أن هذه البطولة التى بدأت فى الظل ستصل إلى هذا القدر من الأهمية والقوة، وأن جميع المهتمين بكرة القدم العالمية سيأتى عليهم وقت ويترقبون انطلاق هذه البطولة لمتابعة النجوم الأفارقة المشاركين فيها والذين صالوا وجالوا فى ملاعب العالم وتألقوا فى أهم بطولات الدورى العالمية، ولمتابعة المنتخبات الأفريقية التى أصبحت لها ثقل ووزن ونتائج مبهرة على الصعيد العالمى.
لم يتبق سوى ساعات قليلة على افتتاح بطولة كاس الأمم الإفريقية السادسة والعشرين بالعاصمة الغانية "أكرا".ويترقب خبراء كرة القدم العالميون البطولة باهتمام بالغ، لما لكأس الأمم الأفريقية من أهمية حيث تصنف على أنها ثالث أقوى بطولة عالمية فى كرة القدم، بعد كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية.
المعركة صعبة بدليل أن المنتخب الجزائرى صاحب التاريخ العريض على الصعيدين العالمى والأفريقى، فشل للمرة الثانية على التوالى فى التأهل للنهائيات، كما أن المنتخب المصرى حامل اللقب لم يستطع أن يحسم أمره فى التأهل، إلا فى المباراة الأخيرة، عندما تغلب بصعوبة بالغة على ضيفه منتخب بتسوانا بهدف دون رد، إضافة إلى ذلك فإن المنتخبات الصغيرة والتى ليس لها تاريخ كبير على صعيد كرة القدم الأفريقية، تدخل هذه البطولة والجميع يحسب لها ألف حساب بعد أدائها المبهر فى التصفيات، فالمنتخب الناميبي الذى وقع فى المجموعة الأولى، بجوار كلاً من غانا وغينيا والمغرب، تأهل إلى النهائيات بعدما تصدر مجموعته فى التصفيات والتى ضمت كلاً من الكونغو الديمقراطية وليبيا وإثيوبيا، واستطاع أن يطيح بالكنغو الديمقراطية خارج البطولة تماماً، وهو المنتخب الذى وصل فى البطولة الماضية إلى الدور ربع النهائي.....أما منتخب بنين المتواجد فى المجموعة الثانية بجوار كوت ديفوار ونيجريا ومالي، تأهل للنهائيات بعدما فجر مفاجأة مدوية فى التصفيات بإطاحته بمنتخب توجو الذى تأهل إلى كأس العالم الماضية، ليس ذلك فقط بل إن هجوم منتخب بنين يعتبر من أقوى خطوط الهجوم فى التصفيات حيث أحرز لاعبوه عشرة أهداف متفوقاً على منتخبات عريقة مثل زامبيا الذى سجل هجومها تسعة أهداف فقط، والمنتخب المصرى، حامل اللقب الذى أحرز لاعبوه فى مباريات التصفيات تسعة أهداف على الرغم من تواضع مجموعته التى ضمت معه بوروندى وبوتسوانا وموريتانيا.
مفاجأة التصفيات الحقيقية تجلت فى المنتخب السوداني البعيد عن المشاركة فى النهائيات منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً، فقد كان بحق مفاجأة التصفيات، عندما تفوق فى مجموعته على منتخب تونس أحد أقوى المنتخبات الأفريقية، واحتل المركز الأول برصيد 15 نقطة تاركاً المركز الثانى لتونس برصيد 13 نقطة ليتأهل نسور قرطاج إلى النهائيات كأفضل منتخب حصل على المركز الثانى.
كل هذه المعطيات جعلت بالفعل كأس الأمم الأفريقية هى الحدث الأبرز على صعيد كرة القدم العالمية فى الفترة القادمة بل ويمكن القول إن كرة القدم السمراء ستكون عروس الكرة العالمية فى الفترة من 20يناير وحتى العاشر من فبراير.
يرى المتابعون أن الفرصة ستصبح قوية أمام معظم هذه المنتخبات للظهور بقوة والسيطرة على المراكز الأولى فى البطولة القادمة خاصة أن معظم المنتخبات الكبيرة مثل غانا و الكاميرون ونيجيريا قد ابتعدت تماماً عن الظهور القوى فى البطولات السابقة ومع عودة البطولة لأن تقام فى غرب أفريقيا مرة أخرى، بعد أن سيطرت دول شمال أفريقيا على تنظيم البطولة والفوز بها فى آخر بطولتين، حيث نظمت تونس البطولة وحصلت على لقبها عام 2004، كما توجت مصر بلقب البطولة الأخيرة التى استضافتها عام 2006بالإضافة إلى الصراع الكبير المتوقع حدوثه فى بداية البطولة والذى من الممكن أن يطيح بمنتخبات ثقيلة الوزن من الدور الأول، فللمرة الأولى يمكن أن نعتبر وبحق أن جميع المجموعات يمكن أن نطلق عليها لقب (مجموعة الموت) فوجود غانا وغينيا والمغرب فى مجموعة واحدة وهى المجموعة الأولى سيجعل الصراع مشتعلاً للحصول على بطاقتى التأهل لربع النهائى، كم أن الصراع سيحتدم بالتأكيد فى المجموعة الثانية، ولن يحسم إلا فى اللحظات الأخيرة من مباريات الدور الأول، إذ تضم هذه المجموعة كلاً من مالى ونيجيريا وكوت ديفوار، إضافة إلى بنين، ويمكن القول إن هذه المجموعة تحديداً ستكون أكثر المجموعات إثارة فى الدور الأول من البطولة القادمة.
وستشهد المجموعة الثالثة والتى تضم مصر والكاميرون وزامبيا والسودان صراعاً كبيراً بين مصر والكاميرون، ولا يستبعد الكثيرون أن تدخل زامبيا فى هذا الصراع خاصة بعد نتائجها القوية فى الفترة الأخيرة، ويكفى أن نعلم أن المنتخب الزامبى فاز على جنوب أفريقيا فى جوهانسبرج بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد فى التصفيات، كما حقق فوزاً لافتاً على تونس فى عقر دارها بهدفين مقابل هدف فى إطار استعدادات المنتخبين قبل انطلاق البطولة.
ونذهب للمجموعة الرابعة والأخيرة لنجدها هى الأخرى تتميز بالتقارب الشديد بين منتخباتها الأربعة وهى تونس وأنجولا وجنوب أفريقيا والسنغال، فالمنتخب التونسى مرشح فوق العادة دائماً للذهاب بعيداً فى بطولات الأمم الأفريقية.
أما المنتخب الأنجولى فهو القوة الصاعدة بسرعة فى سماء الكرة الأفريقية، ويتميز هذا المنتخب تحديداً بعنصرين مهمين أولهما هو ثبات التشكيل منذ فترة طويلة إضافة إلى استمرار مديره الفنى لويس جونكالفيس فى تدريب المنتخب وهو الذى قاده إلى نهائيات كأس العالم الماضية.
أما العنصر الثانى فهو أن نتائج هذا المنتخب تسير فى تصاعد دائما، فبعد المظهر المشرف الذى ظهرت به أنجولا فى كأس العالم الماضية واصل منتخبها التألق فى تصفيات كأس الأمم وسيطر تماماً على قمة مجموعته برصيد 13 نقطة.
ويدخل المنتخب السنغالى هذه البطولة مدعماً بآمال كبيرة فى أن يتمكن من تكرار إنجازه فى بطولة عام 2002 عندما وصل إلى المباراة النهائية وخسر بصعوبة من الكاميرون بضربات الترجيح، ولا شك أن الجيل الحالى فى المنتخب السنغالى بقيادة هنرى كمارا والحاج ضيوف وبابا بوبا ديوب يود أن تكون البطولة القادمة هى مسك الختام لهم بعد مشوار رائع حققوا خلاله نتائج تاريخية للكرة السنغالية أبرزها الوصول إلى ربع نهائى مونديال 2002.
كما يسعى المنتخب الجنوب أفريقى لاستعادة توازنه على المستوى الأفريقى، بقيادة نجميه المحترفين فى الدورى الإنجليزى، أرون موكينيا مدافع بلاكبيرن وبينار لاعب وسط إيفرتون، ويحاول المنتخب الجنوب أفريقى أن يستعيد أمجاده على صعيد الأمم الأفريقية عندما فاز بالبطولة عام 1996 ووصل للنهائى عام 1998. كما يحاول المسئولون فى الاتحاد الجنوب أفريقى أن تكون البطولة القادمة هى البداية الحقيقية لهذا المنتخب الذى سيستضيف كأس الأمم العالم القادمة عام 2010.
صدام مبكر
وأهم الأسباب التى جعلت من البطولة القادمة حدثاً مختلفاً ومتفرداً فى تاريخ الكرة الأفريقية، هو أن هذه البطولة يمكن أن يقال إنها بدأت بصورة معكوسة، أو ستبدأ بما كان يجب أن تنتهى عليه، فمعظم المباريات التى ستقام فى الدور الأول هى مباريات قمة وصدام مبكر بين عمالقة القارة، فعلى سبيل المثال سيلتقى المنتخب المصرى حامل اللقب مع نظيره الكاميرونى العتيد، وسيفتتح المنتخب النيجيرى مواجهاته بلقاء نظيره الإفوارى فى موقعة مثيرة كان يجب لو سارت الأمور حسب المنطق أن تتم فى الأدوار النهائية من المسابقة.
ولعل هذا الأمر هو ما دفع الكثيرين للتخوف من أن تتسبب هذه المواجهات المبكرة بين المنتخبات الكبيرة فى أن تخرج هذه المنتخبات بعضها البعض من الأدوار الأولى لتفتح الطريق أمام المنتخبات الصغيرة للذهاب بعيداً فى البطولة.
اهم النجوم المشاركين
لقطات مهمة
