أيمن غالى يكتب: (H.T.S) مونودراما سيكلوجية ترصد تمزق جيل

الأربعاء، 29 يناير 2020 03:38 م
أيمن غالى يكتب: (H.T.S) مونودراما سيكلوجية ترصد تمزق جيل أيمن غالى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ضمن فعاليات مهرجان مفيولا للمونودراما والديو دراما لفرق الهواة المقام على مسرح رومانس فى الفترة من 27 الى 29 يناير قدمت فرقة  "فاميلى" مونودراما "H.T.S." ، تأليف : احمد مجدي زكى ، بطولة : عبد الله محمود ، إخراج : أحمد مجدي زكى .
 
بداية اسم المسرحية H.T.S هو اسم مبهم للمتلقى ولم يوضح النص اى تفسير له اللهم إلا بعد سؤال القائمين على العرض عرفنا انه الإسم العلمى لأحد الامراض النفسية العصابية التى تؤدى الى هلاوس وظهور العديد من الشخصيات داخل التكوين النفسى للمريض ، وهذا قصور فى النص .
 
2
 
يتناول النص من منظور نفسى شخصية سعيد البالغ من العمر 25 عام ويعمل مهندس اليكترونيات فيرصد النص بدايات واسباب ظهور المرض النفسى فى شخصيته منذ مرحلة الطفولة وعلاقته بوالديه وهى علاقة متضاربة تحكمية سلطوية فوالده يريده ان يصبح دكتورا ووالدته تريده ان يصبح طيارا فتزرع بداخله نوعا من التضارب والتمزق بينهما لدرجة انه يحبهما ويكرههما فى نفس الوقت ثم ينتقل النص الى مرحلة الصبا وعلاقته بأقرانه فى المدرسة والحب الطفولى لإحدى زميلاته فى المدرسة لأنها دافعت عنه حين كان يضربه اقرانه وشعوره بأنه شخص غير مرغوب فيه وبداية انطوائه وعزلتته عن المجتمع ، ثم الإنتقال الى مرحلة مابعد التخرج ورحلة البحث عن عمل التى تنتهى بالفشل ثم مرحلة التقدم للخطوبة ومقابلة والد العروسة الذى يطرده ويتهمه بالجنون ، فنجد شخصية سعيد فى النهاية عاجزة عن مواجهة المجتمع وعن التوافق معه فيبدأ فى عزلته النفسية فى عالمه الخاص الوهمى ويبدأ فى استدعاء كافة الشخصيات التى تسببت فى تشوه تكوينه النفسى ويبدأ فى صراعه الداخلى معهم وهى لحظة انطلاق العرض المسرحى ونهايته . 
 
اعتمد النص على البنيوية التقليدية المنطقية للاحداث فبدأ بالتراتب الزمنى الطبيعى بداية من مرحلة الطفولة ثم الصبا ثم الشباب بالترتيب وبالتالى توازى الزمن النفسى للعرض مع الزمن الواقعى الطبيعى مما يجعل العرض ، ومن المعروف ان الزمن النفسى لشخصية المريض النفسى لا تتراب وفق التتابع الزمنى المنطقى الواقعى وإنما تتراتب وفق أهمية الأثر النفسى للحدث او الموضوع او الشخص المرتبط بهذه اللحظة ذات الأثر الاقوى والأعنف على شخصيته وبالتالى شخصية المريض النفسى لا ترتب الاحداث ترتيبا زمنيا واقعيا وإنما ترتبها وفق قوة ألمها النفسى واهميتها وعنفها ، وبالتالى وضع العرض المتلقى خارج سياق الحالة النفسية للمريض وجعلنا ننظر الى المريض من الخارج وليس من داخله ، واعتقد انه كان من الاقوى موضوعيا ان يتوازى زمن العرض مع الزمن النفسى للمريض دون الإلتزام بالتتابع الزمنى الواقعى .
 
وأيضا التتابع الزمنى الواقعى للأحداث ساوى بين الأثر النفسى للأحداث فلم نستطع التمييز فى الأهمية بينها فكلها جاءت على نفس الدرجة من الأهمية النفسية وهذا غير علمى لأن لكل مريض نفسى حدث ما يعتبر محورا ونقطة تحول فى إتزانه النفسى وهو مالم يتضح فى النص او فى العرض .
 
يبدأ العرض المسرحى بعرض سينما بروجيكتور لمقتطفات من افلام كارتون للاطفال تنقلنا مباشرة لمرحلة الطفولة وهو مدخل تمهيدى لبداية التكوين النفسى للشخصية ويتم عرض السينما على ستارة مقدمة المسرح نفسها ومع فتح الستارة وتبدأ الصورة السينمائية فى التلاشى ليحل محلها ومكانها بصرياً ديكور العرض المسرحى فيكون هو العالم النفسى الداخلى للشخصية لكننا نفاجأ بدخول الممثل من صالة المسرح وليس من منطقته النفسية التى حددها مكانيا العرض السينمائى والتى ححدها ايضا الديكور والتى سيستمر العرض منها ، لذا فهو دخول غير موفق مكانيا وبدون اى دلالة وخارج سياق الحالة غير مراع للخصوصية المكانية المسرحية . 
 
1
 
راعى العرض الإطار النفسى للشخصية فانتهج المنهج التعبيرى منذ البداية سواء فى الديكور او الإضاءة او الحركة المسرحية او الأداء التمثيلى ، فالديكور مكون من بعض العناصر (براويز صور – وشهادات – وصور ) المعلقة من أعلى خشبة المسرح فتنقلنا الى عالم الذكريات العالقة فى ذهن الشخصية وتدخلنا مباشرة الى داخل السياق النفسى لها ، وتحرك العرض منهجيا مابين التعبيرية  والواقعية  فرصدت الواقعية الحدث من ناحية ومن ناحية اخرى عبرت التعبيرية عن انعكاس الاحداث نفسيا وأثرها على الشخصية وتمزقها وانقسامها الداخلى وصراعها النفسى الذاتى وعن وجود عدة قوى تتجاذبها من عدة إتجاهات فكان التعبير الحركى المتقطع خلال العرض موفقا بدرجة كبيرة ومعبرا وموحيا بشكل كبير ، وكذلك الإضاءة المسرحية تناوبت الانتقال مابين الإنارة الواقعية لبعض المشاهد الحدثية وبين الإضاءة البؤرية الملونة التعبيرية فى مناطق متفرقة ، وكذلك تنوع اسلوب النص مابين الحكى والسرد احيانا فى منولوجات ذاتية سردية ومابين اسلوب الحوار الحدثى التجسيدى (التشخيصى) للموقف فتوازى مع الحالة العامة للعرض ، وكذلك تنوع الصوت بين المؤثرات الصوتية والموسيقى وصوت الممثل (OVER VOICE) من ميكرفون خارجى وخلق حوار بينهما هذا التنوع الصوتى والتنوع المنهجى اطلق حيوية عالية فى إيقاع العرض المسرحى وأثرى الحالة المسرحية فنيا وعمق الرؤية الاخراجية لموضوع العرض .
 
أما من ناحية التمثيل فقد تنوع الأداء التمثيلى مابين الواقعية والتعبيرية وبين المليودراما والتراجيديا والكوميديا وبين الأداء الحركى التعبيرى وبين الأداء الواقعى التشخيصى وقد أجاد الممثل فى إستخدام كافة أدواته التمثيلية الجسدية والانفعالية والصوتية وتعبيرات وجهه وإشاراته الجسدية وتنقله بين المراحل العمرية للشخصية وبين الحالات النفسية المختلفة والمتباينة بنعومة وسلاسة مما ادى إلى استمرارية الحالة الشعورية للشخصية واتصالها دون انقطاع طوال العرض مما يحسب للمخرج وللممثل .
 
فى النهاية هو عرض متماسك بنائيا كتابة وعرضا متناغم فى منهجيته ومتنوع فى تغيير ادواته الفنية وتلونها وفق الحالة النفسية للشخصية متصل وجدانيا وشعوريا . وحين يصل مستوى الهواة الى هذا المستوى فلانملك إلا ان نشكرهم ونحييهم عليه ونقدر مجهودهم واجتهادهم ونشيد به وبهم . فتحية تقدير وشكر لكل مسرحى هاو شارك فى هذا العمل الفنى الجيد .
 

3
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة