إلى طلاب الثانوية العامة وأسرهم.. تحرروا من أكذوبة كليات القمة.. لا تطوفوا حول أصنام صنعناها ولا ترسموا المستقبل بمعايير الماضى.. الوصول للقمة يتوقف على تطوير المهارات ودراسة سوق العمل فلا تحزن على المجموع

الخميس، 11 يوليو 2019 04:22 م
إلى طلاب الثانوية العامة وأسرهم.. تحرروا من أكذوبة كليات القمة.. لا تطوفوا حول أصنام صنعناها ولا ترسموا المستقبل بمعايير الماضى.. الوصول للقمة يتوقف على تطوير المهارات ودراسة سوق العمل فلا تحزن على المجموع طلاب الثانوية العامة
تحليل تكتبه: زينب عبداللاه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا تسفهوا من اختيارات أبنائكم ولا تجبروهم على دراسة ما تحبونه فأعداد كبيرة من خريجى هذه الكليات عاطلون

 

سنة كبيسة يعيشها كل الطلاب وأسرهم، بصرف النظر عن مدى تفوقهم واجتهادهم، إنهاك مادى ونفسى للأسرة التى ترى أن هذه السنة تحدد مصير ابنها ومستقبله، فتحرم نفسها من الضروريات لتوفر نفقات الدروس الخصوصية، وتعلن حالة الطوارئ فى المنزل، بينما يعيش الطلاب حالة من التوتر النفسى والاكتئاب قبل وبعد وصولهم إلى هذه المرحلة التى يعيشون فيها فى كنف بعبع الثانوية العامة، بدءا من إرهاق الدروس والمناهج، مرورا بالامتحانات وما يعانيه معظم الطلاب من هزات نفسية تصل إلى حد إصابة بعضهم بالأمراض النفسية والعضوية، أو انتحار البعض بعد وصولهم إلى أقصى درجات الضعف والانهيار. ويستمر هذا المسلسل الكئيب ليصل إلى ذروته مع إعلان النتيجة، حالة من الحزن والحيرة تصيب أغلب الطلاب وأسرهم، ويتساوى فى ذلك الطلاب الذين حصلوا على درجات مرتفعة ومجموع 95 % فأكثر، وآخرون حصلوا على مجاميع أقل بدءا من 50 % وحتى 90 %.
 
يشعر أغلب الطلاب والأسر بعدم الرضا عن المجموع، فالطلاب المتفوقون الذين حصلوا على درجات عالية تصيب أغلبهم حالة حزن لأنهم قد لا يصلون إلى ما أطلقنا عليه وهمًا «كليات القمة»، والتى صنعنا منها على مدى أجيال أصناما فى أذهاننا نطوف حولها ولا نرى غيرها، ونعتبر الوصول إليها هو النجاح وغيره فشلا وخذلانا، وتتحمل الأسر من أجله ما يفوق طاقتها، بصرف النظر عن قدرات ورغبات أبنائها، رغم مقتضيات العصر وخطط الدولة الجديدة صناعيا واستثماريا واحتياجات سوق العمل تدفع فى الاتجاه نحو التعليم الفنى والعملى. ويشعر الطلاب الذين ربطتهم أسرهم فى فلك هذا الوهم والصنم بالإحباط والفشل حتى وإن حصلوا على درجات عالية، فيرون أنفسهم كمن رقص على السلم ولم يصل إلى ما خطط له، ويضطرون إما للاختيار بين رغبات قد تبتعد عن رغباتهم الحقيقية، فقط ليتناسب ما يختارونه مع مجموعهم، أو قد تستمر أسرهم فى فرض حالة الضغط على نفسها وعلى الطالب الضحية، حتى لا تتنازل عن هذا الحلم، فتختار أن يلتحق ابنها بإحدى كليات القمة فى الجامعات الخاصة، بينما يبحث الطلاب ذوو المجموع الضعيف على مكان يقبل مجموعهم «والسلام»، أو تحاول الأسر ان تلحقهم بإحدى الجامعات أو المعاهد الخاصة.
 
يجرى الجميع ويلهث وراء أوهام وأصنام صنعناها ومازلنا نطوف حولها، وأكبر هذه الأوهام كليات القمة، التى مازلنا نعبدها كما عبدها آباؤنا الأولون رغم أن سوق العمل اختلف، ورغم أن الكثيرين من خريجيها لا يزالون عاطلين لا يجدون عملا يناسب مؤهلاتهم، ومنهم خريجو طب وهندسة وإعلام وصيدلة وسياسة واقتصاد.
 
بينما يمتلئ سوق العمل بنماذج ناجحة لم يكن لها نصيب كبير فى حصد درجات عالية فى الثانوية العامة، وبعضهم لم يكن لمؤهلاتهم علاقة بالمهن التى عملوا فيها.
 
عدد من خريجى كليات الآداب والتجارة والمعاهد وجدوا فى أنفسهم مواهب فنية فحصلوا على دورات تدريبية فى فنون الجرافيك أو التصوير أو المونتاج، واختاروا هذه المهن ليعملوا فيها وحققوا فيها نجاحات، ومنهم من أسس مشروعات خاصة، وكثيرون نموا قدراتهم فى البرمجيات، وتفوقوا وحصلوا على وظائف جيدة لا ترتبط بمؤهلاتهم.
 
بينما أصبحت كليات أخرى لا تصنف ضمن كليات القمة تتيح لخريجيها مجالات عمل أوسع ومنها كليات الزراعة، ومعاهد البصريات.
الكثير من الشباب حققوا نجاحات فى مشروعات صغيرة وفى مجالات اكتشفوا مواهبهم فيها قد تبتعد عن مؤهلاتهم، أو اختاروا كليات ومعاهد لا تنتمى لأصنام كليات القمة وطوروا أنفسهم فيها، فحققوا التفوق والنجاح فى سوق العمل.
 
 
عزيزى طالب الثانوية العامة.. لا تنظر فى اتجاه واحد ولا تضع عينيك على كليات القمة فقط، ولا تر نفسك فاشلا إذا لم تلتحق بها، لا تشعر بالقهر إذا لم تحصل على مجموع كبير، فنجاحك فى الحياة والعمل لن يتحقق بعدد الدرجات التى حصلت عليها أو التى فقدتها، بل بأمور أخرى لا علاقة لها بالمجموع.
 
 نجاحك فى أن تفتش داخل ذاتك، وأن تكتشف رغباتك ومواهبك وقدراتك، وأن تطورها وتنمى نفسك فيها، انظر حولك وستجد مئات النماذج حققوا النجاح والتفوق المادى والمعنوى دون أن يكونوا ممن حصدوا أعلى الدرجات فى الثانوية العامة.
 
 
عزيزى ولى الأمر.. تحرر من عبودية أصنام نسميها كليات القمة ولا تقهر أبناءك وتجبرهم على الدوران فى ساقية المجموع والوجاهة الاجتماعية للكلية التى تريد أن يلتحقوا بها، حررهم من قهر الثانوية العامة ودرجاتها، ودعهم يفتشون عن مواهبهم ويعبرون عن رغباتهم ويحققونها، لأنك حينها ستفشل ويفشلون، دعهم يدرسون ما يحبون، فحينها فقط ستنجح وينجحون.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة