خالد قنديل

صمت الحكيم فى القاهرة.. والدولارات الهاربة من جحيم ببغاء أنقرة

الثلاثاء، 26 مارس 2019 06:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لست من دعاة رد مجاراة الجاهل إذا تفلسف، وأنى من أنصار الرد على السفيه بالصمت، عزيزي القارئ كم مرة حاول ببغاء تركيا المدعو غير الطيب أردوغان إخفاء كوارثه الاقتصادية بالحديث عن مصر وشخص الرئيس عبد الفتاح السيسي؟ الإجابة كثيرا، لكنى دعني أطرح سؤلا آخر: كم مرة تحدث فيها الرئيس المصري عن دول ترعى الإرهاب؟ الإجابة أيضا كثيرا. إذا ما الفرق؟ الإجابة باختصار شديد فى رئيس منتصر يأبى لسانه أن يدنس بأسماء لا ترى إلا فى العنترية الصوتية السبيل فى تضليل شعوبها وإلهائهم عن الكوارث التى أوقعوا شعوبهم فيها، وهذا حال الرئيس التركي أردوغان الذي يحاول دوما التلسن على مصر ورئيسها، أما صمت الحكيم فى القاهرة يترجم بالأرقام لا بالحنجرة.
 
الأرقام فى أنقرة تشير إلى كوارث حقيقية ما دعا إلى هجرة جماعية للمستثمرين من بلاد الخليفة الموهوم بالزعامة، والبداية حين هوى إنتاج قطاع الصناعات التحويلية بتركيا 7.3% على أساس سنوى فى يناير الماضي، أضف إلى ذلك ما أكده معهد الإحصاءات التركي، قبل أيام قليلة، ما يتعلق بحدوث تراجع للشهر الخامس على التوالى مع انزلاق الاقتصاد إلى الركود.
 
لقد كان من المتوقع أن يتراجع رقم الناتج الصناعي المعدل فى ضوء التقويم 7.55% على أساس سنوي، ومقارنة مع الشهر قبل الماضي أى يناير، ارتفع الإنتاج الصناعي 1% في يناير فقط، ناهيك عن أن الاقتصاد التركي انكمش 3% على أساس سنوي في الربع الأخير من 2018، مقارنة بانكماش بنسبة 2.7 %، ومع مرور الليرة التركية بأزمة أفقدتها 30 % من قيمتها العام الماضي، نما الاقتصاد هناك 2.6 % في 2018 بأكمله، وهو أقل نمو منذ 2009.
 
وبالفعل فإن الأرقام المنسوبة إلى جهات رسمية في انقرة لم تدفع أردوغان إلى التركيز في شأنه الداخلي بل تمادى في التركيز على استخدامه نظرية عصا موسى في الهاء شعبه عن كوارثه الداخلية وأقل ما يوصف أنه ضربة سابقة للاقتصاد التركي حيث تلقى ضربة جديدة، منذ 4 شهور مع الإعلان عن ارتفاع نسبة البطالة هناك وبشكل قياسي منذ العام الماضي، وسط أزمات أخرى تعاني منها أنقرة، أبرزها تدهور عملتها المحلية، كما ذكرت سابقا، وأظهرت بيانات حكومية ارتفاع البطالة في تركيا إلى 11.1 %  خلال الفترة الممتدة من يوليو إلى أغسطس من العام 2018 مسجلة بذلك أعلى مستوياتها منذ أوائل العام الماضي.
 
إن المتابع لحالة الاقتصاد المتدهور فى تركيا يكتشف أن أردوغان استمر فى التدخل في الاقتصاد المحلي ببلاده ما دفع جميع المؤشرات للانزلاق نحو الركود للمرة الأولى في قرابة 10 سنوات، ما أحدث نتائج سلبية على كافة المستويات. 
 
أردوغان وتحديدا فى 2018، تدخل بعدة قرارات تخص وزارة المالية والبنك المركزي التركي، كانت تتعلق بأسعار الفائدة، واتهامه للبنك المركزي بالتسبب في صعود نسب التضخم، وعلى الرغم من إعلان أردوغان نهاية العام الماضي وقف تدخلاته في أسواق النقد وفي قرارات البنك المركزي التركي المتعلقة بأسعار الفائدة، إلا أن نهمه في السيطرة على مطبخ القرارات الاقتصادية في بلاده ستقود تركيا للانهيار حتما ولا يعنينا ما يفعله بقدر ما يعنينا ويرفع هامتنا عاليا هو الصمت القاتل من جانب القاهرة لغرور الرئيس المهووس بالسلطة المطلقة على رقاب الأتراك.
 
الحقيقة أن المستثمرين فى السوق التركى باتوا يشعرون بالقلق من مستقبل تركيا الاقتصادي، ومن المتوقع أن "يجف" تدفق رأس المال الأجنبي إليها بينما يبدأ الأفراد والشركات حاليا في سداد ديونهم، فنموذج النمو الذي تبناه أردوغان، تلقى ضربة أخرى، حيث إن "ماكينة القروض" التي يعتمد عليها قد تعطلت، في ظل اضطرار المركزي التركي إلى رفع أسعار الفائدة لمستويات عالية؛ أملا في الحفاظ على استقرار الليرة والسيطرة على التضخم المتصاعد، وهو ما أدى إلى تقلص الائتمان المصرفي الحقيقي بنسبة 7.2% على أساس فصلي في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2018.
 
إذا أيقنت الآن وعلى المستوى الشخصي ما معنى صمت الحكيم في القاهرة، فمع كل الأرقام المقلقة التي أثمرت عنها سياسات اردوغان المتخبطة تعالوا سريعا نستعرض ماذا فعلت سياسة الحكمة في مصر وبشهادة المؤسسات الدولية فإن مصر تسير نحو الطريق الصحيح دون أن يخرج رئيسها يوما متهما فلان ولا علان بالفشل رغم فشلهم الحقيقي، لغة الأرقام تشير إلى ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتحسن معدلات النمو القطاعية وتراجع معدلات التضخم والبطالة، كما ارتفع مستوى التشغيل والاستثمار، وارتفع التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري، وأظهرت نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي إنجازا كبيرا بالنظر إلى فترة تطبيق برنامج الإصلاح، وما يواجهه الاقتصاد المصري من تحديات خارجية في ظل تقييد الأوضاع المالية العالمية والتوترات التجارية والجيوسياسية، وارتفاع أسعار النفط وأزمات الأسواق الناشئة.
 
عمليا وليس بالحنجرة ولا بادعاء الزعامة كما يفعل أردوغان تركيا كان العام المنقضى 2018 عام جني الثمار، لاسيما فى قطاع البترول والطاقة وتحول مصر من مستورد للغاز الطبيعي الى مرحلة الاكتفاء الذاتي وأيضا في مجال الكهرباء منذ تحول العجز الى مرحلة تصدير الفوائض من الكهرباء للدول الشقيقة عبر شبكة الربط مع السودان والسعودية والأردن.
 
أما حصيلة الصادرات السلعية خلال العام المالي 2017-2018، فقد ارتفعت كل من حصيلة الصادرات البترولية بنحو 33,1% وغير البترولية بحوالي 12,7% و25,8 مليار دولار أمريكي حصيلة الصادرات السلعية خلال العام المالي 2017-2018، وبلغ صافى الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي 2017/2018  ما قيمته 7.7 مليار دولار أمريكي، هذا بخلاف المعاملات الخارجية التي شهدت تحسناً ملحوظاً مع نمو الصادرات بسبب تحسن القدرة التنافسية وكذلك انخفاض الواردات، كما ساهم تزايد تدفقات رؤوس الأموال في تحسين ميزان المدفوعات الإجمالي، الذي سجّل فائضاً يزيد على 13 مليار دولار على مدى العامين الماضيين.
 
كما تراجع العجز في حساب المعاملات الجارية ليصل الى 4.2% من الناتج المحلى الإجمالي في السنة المالية 2017 /2018 مقارنة بـنسبة 5.9 % خلال السنة المالية السابقة كما ارتفعت صادرات مصر البترولية خلال الفترة من يناير – أغسطس 2018،  إلى 1.621 مليار دولار مقابل 1.598 مليار دولار في الفترة المماثلة من عام 2017. وبلغت قيمة صادرات مصر للبترول الخام خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، 1.369 مليار دولار، مقابل 1.386 مليار دولار لذات الفترة من العام الماضي.
 
وبلغت القيمة التصديرية لمنتجات البترول، 252 مليون دولار، للفترة من يناير ـ أغسطس 2018، مقابل 212 مليون دولار في الفترة المماثلة من 2017، بارتفاع بلغت قيمته 40 مليون دولار، وهو الارتفاع الذي ساهم في رفع قيمة الصادرات البترولية خلال الفترة المذكورة من 2018. في حين بلغت إجمالي صادرات مصر "البترولية وغير البترولية" خلال الفترة من يناير – أغسطس 2018 نحو 19.257 مليار دولار، مقابل 17.636 مليار دولار في ذات الفترة من عام 2017، بارتفاع بلغت قيمته 1.950 مليار دولار.
 
كما تحسن وضع مصر بمؤشر جودة الطرق حيث احتلت مصر المرتبة 75 بين 137 دولة عام 2018/2017، وانخفاض عدد الحوادث للسيارات على الطريق بنسبة 24.6% عام 2017مقارنة بـ 2016، أما دوليا فقد رفع البنك الدولي في آخر تقرير له عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2018، توقعاته لنمو الاقتصاد المصري ليحقق نسبة 5% خلال العام المالي الحالي مقارنة بنحو 4.9%، مستفيدا من استمرار الإصلاحات التي تنفذها الحكومة المصرية ضمن برنامجها للإصلاح الاقتصادي، خاصة بعد أن سجل النمو الاقتصادي 5.2% خلال النصف الأول من العام المالي الحالي 2017-2018، في مقابل 3.7% خلال العام السابق.
 
كما أشاد صندوق النقد في تقريره "آفاق الاقتصاد الإقليمي"، بتحسن مستوى النمو في مصر، بالإضافة إلى زيادة حجم الصادرات والسياحة، كما أكد الصندوق في توقعاته ارتفاع إجمالي الناتج المحلى في مصر إلى 5.2% خلال العام الحالي 2018، مقابل 4.2% خلال العام الماضي، بالإضافة إلى الوصول بمعدل نمو 5.5% خلال عام 2019، بدعم من الزيادة المتوقعة في إنتاج الغاز الطبيعي، أيضا رفع «البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية» توقعاته لآفاق النمو الاقتصادي في مصر خلال العام المالي الجاري إلى 5.3% بزيادة قدرها 0.8% عن توقعاته السابقة التي بلغت 4.5%.، كما توقع البنك أيضا تحقيق الاقتصاد المصري معدل نمو بنسبة 5.5% خلال العام المالي المقبل 2018-2019، بدعم من استمرار الثقة من قبل المستثمرين، وتعافي السياحة، وزيادة الاستثمارات المباشرة، وتحسن التنافسية، واستمرار تعزيز الصادرات، بالإضافة إلى بدء إنتاج الغاز من حقل ظهر، وتنفيذ الإصلاحات في بيئة الاستثمار، وتطبيق سياسات الاقتصاد الكلي المتوازنة.
 
وأخيرا وبعد أن استعرضنا عزيزي القارئ المؤشرات الرقمية بين ما يحدث في انقرة من تخبط وتوغل من جانب أردوغان تركيا وإفساده للشأن الاقتصادي، وما يحدث في قاهرة المعز من إنجازات غلفها الصمت الحكيم أصبح ضروريا أن نتبنى في القاهرة سياسات نقدية ومالية تجذب كل دولارات المستثمرين الفارين من قبضة الطاغية العثماني فى أنقرة وذلك عبر مزيد من التسهيلات للمستثمرين على المستويين المباشر وغير المباشر الأمر الذي يقودنا تلقائيا إلى تنويع سلة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية فى مصر وفتح مجالات إنتاجية جديدة وخاصة شركات الشحن البرى التى أعلنت إفلاسها في تركيا وهربت بأقل الخسائر فرارا من جهل الرجل الذي ولى نفسه خليفة للاقتصاد هناك، كما أنه من الضروري أن يتم تنشيط حملات الترويج للاستثمار فى مصر فى دول تلك الشركات الهاربة من عبث ببغاء أنقرة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة