سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 ديسمبر 1956.. قيادة المقاومة السرية فى بورسعيد تكلف يحيى الشاعر بدفن الضابط الإنجليزى «مورهاوس» سراً بعد خطفه وإخفائه فى صندوق

الأربعاء، 12 ديسمبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 ديسمبر 1956.. قيادة المقاومة السرية فى بورسعيد تكلف يحيى الشاعر بدفن الضابط الإنجليزى «مورهاوس» سراً بعد خطفه وإخفائه فى صندوق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
واصلت القوات الإنجليزية فى بورسعيد القبض على عدد كبير من المواطنين، بعد أن أقدمت المقاومة السرية يوم 11 ديسمبر على اختطاف الملازم «أنتونى مورهاوس» ابن عمة ملكة إنجلترا، وكان ضمن القوات البريطانية المشاركة فى العدوان الثلاثى «بريطانيا، فرنسا، إسرائيل» على مصر منذ يوم 29 أكتوبر 1956.
 
وحسب شهادة «محمد حمد الله» قائد المجموعة التى نفذت العملية، للكاتب محمد الشافعى فى كتابه «شموس فى سماء الوطن»: «قامت قوات الاحتلال بالقبض على عدد كبير من المواطنين وجمعوهم فى ملعب النادى المصرى، ومارسوا معهم كل صنوف العذاب والإرهاب النفسى، فكانوا مثلًا يعطون للرجل ملعقة شاى صغيرة ويأمرونه بحفر قبر ليدفنوه فيه، أويحفر حفرة ويضعون فيها بعض الرجال ثم يسلطون عليهم أضواء السيارات الجيب، ثم تسير هذه السيارات بسرعة كبيرة، ثم تتوقف فجأة قبل أن تدهم الواقفين فى الحفر، كما علقوا العديد من المشانق، وفتحوا خراطيم المياه الباردة على العرايا من الناس، ورغم كل هذا التعذيب لم يصلوا إلى شىء».
 
كانت العملية «أهم عمليات المقاومة السرية الشعبية المسلحة منذ الاحتلال «العدوان الثلاثى»، بوصف يحيى الشاعر فى كتابه «الوجه الآخر للميدالية-حرب 1956- الأسرار الكاملة لحرب المقاومة السرية الشعبية فى بورسعيد»، مضيفًا: «كان لها صدى عالمى كبير أدت نتائجه إلى زيادة حدة المقاومة، وشعور البريطانيين بالدخول فى فترة متقدمة من القتال الشعبى المنظم، كما أدت إلى سرعة تنفيذ الإنجليز لجدول مغادرتهم بورسعيد».. يذكر «الشاعر» شهادته كونه قائد المجمعوعات الشعبية المقاتلة «ضمن تشكيلات» «المقاومة السرية»، ولأنه وفقًا لتأكيده، اشترك فى تشكيل التطورات التى تلت اختطاف هذا الضابط البريطانى.. و«الشاعر» مواليد بورسعيد، 18 ديسمبر1937، ومن أسرة وطنية، وأمه «أمينة محمد الغريب» سيدة عظيمة، ووفقًا لعبد الفتاح أبو الفضل قائد المقاومة فى منطقة القناة وقت العدوان الثلاثى، فى كتابه «كنت نائبًا لرئيس المخابرات»: «ساهمت هذه السيدة الفاضلة بشجاعتها وأبنائها الثلاثة «محمد هادى وعبد المنعم ويحيى» فى أعمال المقاومة، وكانت مثلًا للمرأة المصرية فى الأزمات الوطنية.. أفرغت جزءًا من دولاب ملابسها لإخفاء جهاز لاسلكى فيه، كان هو الجهاز الوحيد الذى ينقل أخبار بورسعيد بشفرة خاصة إلى مراكز القيادات فى القاهرة، الرئاسة والمخابرات، وكان الضابط فرج محمد فرج هو المسؤول عن تشغيله، واستمر ملازمًا هذا المنزل وجهازه ولم يغادر هذا المكان إطلاقًا حتى انسحبت القوات المعتدية من بورسعيد».
 
يكشف «الشاعر» السياق التاريخى السرى والعلنى لعملية الاختطاف، مؤكدًا أنها بدأت باقتراح للضابط سمير غانم قائد العمليات الفدائية فى بورسعيد، أرسله للقاهرة يوم 8 ديسمبر 1956 باختطاف البريطانيين وجنودهم، للاحتفاظ بهم رهينة لمبادلتهم مع الأسرى المصريين عندهم، وفى اليوم التالى «9 ديسمبر»، وجاءت التعليمات اللاسلكية الشفرية من القاهرة إلى عبد الفتاح أبو الفضل بالموافقة، وكانت الرسائل الشفرية توجه إليه بالاسم الشفرى «أسد»، كما احتوت البرقية الشفرية الأوامر وتعليماتها إلى سمير غانم «نسر» بالتنفيذ الفورى خلال 48 ساعة من استلام الأوامر، وكانت أوامر الرئاسة واضحة بعدم الإضرار بالمختطفين، والإبقاء عليهم أحياء كرهائن بديلة لضباط الجيش والجنود الذين أسروا وأرسلوا إلى قبرص»، وأكدت الرسالة على أنه سيتعرض للمحاكمة من يخالف أوامر المحافظة على سلامة هؤلاء الرهائن.
 
يكشف«الشاعر»أن«غانم»أبلغه هو واليوزباشى كمال الصياد«منسق العمليات فى المقاومة الشعبية»بهذا التطور أثناء اجتماعه«اليومى»بهما يوم 10 ديسمبر فى مخبأ قيادة المقاومة بمبنى بوليس«قسم ثانى»المعروف بقسم العرب، وأوضح لهما التخطيط العسكرى للتنفيذ، وبعد انتهاء المناقشات، توجه«الشاعر»إلى أفراد«التشكيل الرابع»، وجميعهم يقطنون فى منطقة الحى العربى..يتذكر«الشاعر»:«تقابلت مع محمد حمد الله، وأحمد هلال، ثم توجهت لمقابلة عز الدين الأمير وطاهر مسعد وحسين عثمان، كل بمفرده، وأخبرت كل منهم بأننا اخترناهم لتحقيق عملية مهمة وحساسة، وضرورة تواجدهم فى مبنى القسم، حيث إنهم كانوا يعلمون بمسؤوليتى القيادية فى المقاومة، وبأننى الساعد الأمين لليوزباشى كمال الصياد فى تنفيذ العمليات ضد القوات المعتدية، علاوة على أننى كنت مسؤولًا ومكلفًا بالتنبيه على قادة المجموعات العشر للاجتماع فى الحالات المهمة».
 
أثناء الاجتماع، أبلغ غانم المجموعة: «لازم نخطف ضابط إنجليزى..بسرعة وفى خلال 48 ساعة.. يؤكد«الشاعر»: «لم يكن هناك أى تخطيط معين لخطف «مور هاوس»، كان اختياره محض صدفة»، ويذكر «حمد الله» تفاصيل تنفيذه للعملية، وآخر مشاهدها له وضعه فى «جوال» وربطه، ووضع الجوال فى صندوق حديدى وإخفاؤه بحجرة أسفل منزل طبيب الأسنان الدكتور أحمد هلالى بشارع عرابى.
 
تسلم «الشاعر» المهمة التالية»، ومفاجأتها كانت فى وفاة«مورهاوس»نتيجة اختناقه من بقائه فى الصندوق، وخوفًا من تعفن جثته واكتشاف مكانها عبر رائحتها، كلفه كمال الصياد وسمير غانم بدفنها.. يتذكر الشاعر: «طلبت أن يرافقنى فى هذه المهمة زميلى فى المقاومة السيد البوص، وزميلى الكومى، وفى منتصف الليل ومع ساعات الصباح الأولى من يوم 12 ديسمبر-مثل هذا اليوم- 1956حملنا الصندوق، وقمنا بدفن الجثة تحت السلم».. ولم تنته الحكاية عند هذا الحد.
انطونى-مور-هاوس
انطونى مور هاوس

يحى-الشاعر
يحيى الشاعر

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة