بعد انتشار حالات الانتحار.. هل المنتحر كافر أم عاصى؟ وهل يدفن بمقابر المسلمين؟.. الإفتاء: لا يخرج عن الملة ويظل على إسلامه.. أحمد المالكى: لا يكفر عند الأئمة الأربعة.. والشحات الجندى: أخطر شيء إصدار صكوك الكفر

الأربعاء، 18 أبريل 2018 06:00 م
بعد انتشار حالات الانتحار.. هل المنتحر كافر أم عاصى؟ وهل يدفن بمقابر المسلمين؟.. الإفتاء: لا يخرج عن الملة ويظل على إسلامه.. أحمد المالكى: لا يكفر عند الأئمة الأربعة.. والشحات الجندى: أخطر شيء إصدار صكوك الكفر الداعية أحمد المالكى ود. محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الانتحار هو الفعل الذى يتضمن تسبب الشخص عمدًا فى قتل نفسه، وهناك بيانات لمنظمة الصحة العالمية أن 75% من حالات الانتحار تسجل ما بين متوسطى الدخل وسكان الدول الفقيرة، كما أشارات تقارير أن ما بين 800 ألف شخص إلى مليون تقريبًا يموتون كل عام عن طريق الانتحار، مما يجعله عاشر الأسباب الرئيسية للوفاة فى العالم، والمعدلات أعلى فى الرجال عنه فى النساء، بمقدار 3-4 مرات،كما تشير تقارير إلى أن هناك ما يقدر بنحو من 10 إلى 200 مليون محاولة انتحار فاشلة كل عام، وهذه المحاولات أكثر شيوعًا بين الشباب والإناث.

د. محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية
د. محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية

ومع ظهور حالات انتحار بسبب لعبة الحوت الأزرق وغيرها، يتجدد الحديث ويحتار البعض هل المنتحر كافر أم عاصى؟ وهل يصلى عليه ويدفن بمقابر المسلمين أم لا؟، وتتوارد الاسئلة إلى أهل المنتحر والمشيعين له والمتابعين أيضا.

 

الشحات الجندى: إصدار صكوك الكفر تعد من أخطر الأشياء

فى البداية، أكد الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، على أن أخطر شئ هو إصدار صكوك الكفر، وهو ما يحذر منه الأزهر الشريف دوما، فالمنتحر شخص تمرد على قضاء الله وقدره خرج على أصل من أصول الإيمان كونه لم يصبر على القضاء والقدر فهو بذلك مرتكب لخطيئة ذنب كبير فهو يائس من الحياة وما هكذا يكون المؤمن لكن مع ذلك فأمره موكول إلى الله البصير بعباده فهو شخص غير كافر ومن ثم يصلىً عليه ويدفن مع المسلمين.

 

دار الإفتاء: المنتحر لا يخرج عن الملة

من جانبها، قالت الأمانة العامة لدار الإفتاء أن الانتحار حرام شرعا؛ لما ثبت فى كتاب الله وسنة النبى -صلى الله عليه وسلم، وإجماع المسلمين على حرمة الانتحار، فالمنتحر وقع فى كبيرة من عظائم الذنوب وكبائرها؛ إلا أنه مع وقوعه فى هذه الكبيرة لا يخرج عن الملة، ويظل على إسلامه، وبعد موت يكفن ويغسل ويصلى عليه ويدفن فى مقابر المسلمين.

دار الافتاء
دار الافتاء

من جانبه، قال الداعية أحمد المالكى، الباحث الشرعى بمشيخة الأزهر الشريف، إن الانتحار هو قتل الإنسان نفسه، بأى شكل من الأشكال؛ مثل: الشنق، أو الحرق، أو تناوُل السموم، أو تناول جُرعة كبيرة من المخدرات، أو إلقاء نفسه فى البحر، أو غير ذلك.

 

باحث شرعى بمشيخة الأزهر الشريف: لا يكفر عند الأئمة الأربعة

وأضاف المالكى، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن الانتحار له أسبابٌ عديدة، منها: "ما يرجع إلى أمراض نفسية وعقلية؛ كالاكتئاب، والفصام، والإدمان، ومنها ما يرجع إلى عواملَ أخرى، مثل: المشاكل الاجتماعية أوالأُسرية أو العاطفية، أو الفشل فى ناحية من نواحى الحياة، كالفشل الدراسى، ومنها ما يعود إلى الآلام والأمراض الجسمية العصيبة، أو غير ذلك.

 

وأوضح الباحث الشرعى بمشيخة الأزهر الشريف، أن الانتحار من الآثام العظام والذنوب الكبار التى نهى ربنا عنه وتوعّد النبى صلى الله عليه وسلم فاعلها بالعذاب الأليم؛ لأنه دليل على ضعف الإيمان ورقّة الدين، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أن اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾النساء: 29، 30، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195وقال تعالى: ﴿ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴾ الفرقان: 68، 69، كما وروى الإمام مسلم فى صحيحه من حديث أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتَل نفسه بحديدة، فحديدته فى يده يتوجأ بها فى بطنه فى نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومَن شَرِب سُمًّا، فقتل نفسه، فهو يتحساه فى نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردَّى من جبل، فقتل نفسه، فهو يتردى فى نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا».

الداعية أحمد المالكى
الداعية أحمد المالكى

وروى البخارى، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «الذى يخنق نفسه، يخنقها فى النار، والذى يطعنها، يطعنها فى النار».

 

والإنسان العاقل هو الذى لا يقدم على الانتحار مهما أصابه من بلاء الدنيا، بل يصبر ويحتسب مقتديًا فى ذلك بالأنبياء والصالحين، ولا بد للإنسان أن يعرف أن الحياة الدنيا هى دار امتحان وابتلاء، قال تعالى: {الَّذِى خَلَقَ المَوتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُم أَيُّكُم أَحْسَنُ عَمَلًا}.

 

واستطرد المالكى:  "لكن هل يكفُر المُنتّحِر أم لا؟.. لا شك أن المنتحر قد ارتكب كبيرة من الكبائر، لكن لا يكفر كما عند الأئمة الأربعة ؛ لأن الكفر هو الإنكار والخروج عن دين الإسلام، وعند التأمل فى النصوص المحكمة نجد أن قتل المسلم لنفسه لا يُخرجه عن كونه آثمًا بفعله، مرتكبا لكبيرة".

 

المنتحر يُغسل ويصلى عليه

وأوضح الباحث الشرعى بمشيخة الأزهر الشريف، أن الفقهاء صرحوا بأن المنتحر يُغسل ويصلى عليه، ومعلوم أن الكافر لا يغسل ولا يصلى عليه، وقد ذُكِرَ فى الفَتَاوَى الخانيّة: أن المسلم إِذَا قَتَل نَفْسَهُ فِى قَوْل أَبِى حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يُغَسَّل وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وهذا صريح فى أن قاتل نفسه لا يخرج عن الإسلام، كما وصفه الإمام الزيلعى وابن عابدين بأنه فاسق كسائر فساق المسلمين.

 

وقد عد ابن حجر الهيتمى رحمه الله، الانتحار كبيرة من الكبائر فى كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر): «الكبيرة الرابعة عشر بعد الثلاث مئة (قتل الإنسان لنفسه)»: « وهاهنا جملة أمور لا بد من الإحاطة بها: أولها: أن وصف الإسلام باق للمنتحر فلا نرميه بالكفر، بل أمره إلى الله؛ ويدل على ذلك ما ثبت فى صحيح مسلم من حديث الطفيل بن عمرو الدوسى رضى الله عنه أنه هاجر إلى المدينة معه رجل من قومه، فاجتووا المدينة، فمرض فجزع فأخذ مشاقص له فقطع بها براجمه فشخبت يداه حتى مات، فرآه الطفيل بن عمرو فى منامه فرآه وهيئته حسنة، ورآه مغطيًا يديه، فقال له: ما صنع بك ربك؟ فقال: «غفر لى بهجرتى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم»، فقال: ما لى أراك مغطيًا يديك؟ قال: «قيل لى: لن نصلح منك ما أفسدت»، فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم وليَدَيهِ فاغفر».

 

وقد ترجم الإمام مسلم رحمه الله تعالى لهذا الحديث بقوله: «باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر»، فما يعتقده كثير من الناس من كفر المنتحر لا دليل عليه بل الدليل على خلافه.

 

ثانيها: أنا لا نجزم بدخول المنتحر النار، بل هو تحت المشيئة أن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له؛ لعموم قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، ومن أصول أهل السنة أنهم لا يشهدون على معين من أهل القبلة بأنه من أهل النار إلا من ورد فيه النص عن المعصوم صلى الله عليه وسلم بخصوصه.

 

 ثالثها: أنا لا نجزم بخلوده فى النار لو دخلها، بل يحمل الحديث كما قال بعض العلماء على من فعل ذلك مستحلًا مع علمه بالتحريم فيكون كافرًا، أو أن المراد بالخلود طول المدة والإقامة المتطاولة لا حقيقة الدوام، كما يقال: «خلَّد الله ملك السلطان»؛ وذلك لما تواتر فى الأحاديث من أنه: «يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه».

 

رابعها: إذا عُلم هذا فإن المنتحر تُجرَى عليه أحكام موتى المسلمين، فيُغسَّل ويُكفَّن ويصلى عليه ويدفن فى مقابر المسلمين، ويورث ماله ويترحم عليه ويدعى له، وبعض العلماء كابن شهاب الزهرى كما نقل عنه النووى فى شرح صحيح مسلم كره الصلاة على المرجوم وقاتل نفسه، وبعضهم كره أن يصلى عليه أهل الفضل بل عليهم أن يعتزلوا الصلاة عليه ردعًا لغيره أن يقترف مثل هذا الذنب العظيم.

 

وعلاج هذه القضية تكون بـ: التربية الدينية الشاملة الواعية، وإعلاء منظومة القيم الدينية، ولا بد من حملات مجتمعية توعوية، وإحياء الروح المعنوية عن طريق بث الأمل فى النفوس.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة