كبيرنا ومعلمنا الذى علمنا الكتابة.. ذكرى مولد خير الكُتّاب نجيب محفوظ.. قيصر الرواية العربية يقطع مشواراً عمرياً طوله 77 عاماً و49 عملاً فنياً.. «الذى أبدع لم يمت»

الأربعاء، 10 ديسمبر 2014 10:59 ص
كبيرنا ومعلمنا الذى علمنا الكتابة.. ذكرى مولد خير الكُتّاب نجيب محفوظ.. قيصر الرواية العربية يقطع مشواراً عمرياً طوله 77 عاماً و49 عملاً فنياً.. «الذى أبدع لم يمت» نجيب محفوظ
كتب - وجدى الكومى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن العدد اليومى :

«ينظر إلى الأمام دائما، لا ينحنى إلا لإزاحة قالب طوب من الطريق ويلقيه جانباً فى هدوء، لا يخوض معارك شخصية، ولم يعرف أحد عنه خوضه فى أية كراهة، شديد التواضع، صاحب نفس قوية لا تعرف الجزع الشديد، ولا تعترف بالأفراح الصاخبة»، لكنها نفس تعرف المواجهة الدافئة القوية لكل الأفراح والأحزان.

تنتمى السطور السابقة إلى قلم الناقد الكبير الراحل رجاء النقاش، التى استهل بها كتابه «فى حب نجيب محفوظ» الصادرة طبعته عن دار الشروق عام 1995، وهى السطور التى جعلتنى أنتقيها كخير ما يوصف بها الروائى الكبير الراحل «نجيب محفوظ»، الذى تحين ذكرى مولده هذا الشهر فى الحادى عشر من ديسمبر، محفوظ المولود عام 1911، قطع مشواراً فنياً طويلاً، أثرى المكتبة العربية بتسعة وأربعين عملاً أدبياً ما بين مسرحية ورواية ومجموعة قصصية، فى 77 عاماً حتى رحيله فى 30 أغسطس 2006.

وبعد التتويج الكبير لمشوار قيصر الرواية العربية نجيب محفوظ، بحصوله على جائزة نوبل فى الأدب عام 1988، لم ينجح أى أديب عربى بعده فى أن يحقق مثل هذا المجد الأدبى الكبير على الرغم من مرور عقود على حصوله على الجائزة، التى بات ظاهراً أنها تخاصم الأدب العربى، لكن الأكيد أن الساحة الأدبية لم تشهد إنجازاً أدبياً كبيراً لأديب واحد مثل ذلك الذى حققه نجيب محفوظ فى حياته، فكيف حقق هذا الإنجاز الكبير؟

ليس جديداً أن نتحدث عن التزام «نجيب محفوظ» الذى يصل على حد التقديس، ولا نريد أن نهدر هذه السطور بإعادة مثل هذا الكلام، لكننى سأستعين بما قاله الناقد الكبير الراحل رجاء النقاش عن حياته، يقول النقاش فى كتبه «فى حب نجيب محفوظ»: لن نجد فى مشوار نجيب محفوظ أى طفرات مفاجئة، فحياته تمشى بانتظام هادئ، وليس فيها أى مسحة من الاستعجال أو الانفجارات، أو الأحدث الكبرى المدوية، فقد تميز منذ بداية وعيه بما يسميه هو نفسه «الواقعية» فى النظر إلى الأمور.

عافى الأديب الكبير الراحل نفسه من العمل فى السياسة، فلم يلوث يده ولسانه بالخوض فى التشهير والمعارك السياسية التى يصيب غبارها ضمن ما يصيب روح المشاركين فيها، وأقلامهم وأخلاقهم، لم يشارك نجيب محفوظ فى أى عمل سياسى على الرغم من كونه وفدياً، لقن مبادئه للدكتور أدهم رجب ابن جيله وزميله الذى أصبح أستاذاً ورئيساً لقسم الطفيليات بكلية طب القصر العينى، ونقل «النقاش» فى كتابه مقولة لأدهم رجب يقول فيها عن نجيب محفوظ: تولى نجيب مهمة تثقيفى سياسياً، وشرح لى التركيبة السياسية للنظام الاجتماعى وقتذاك، وكيف أن الوفد رغم قمصانه الزرق هو الذى كان يقف إلى جانب الشعب فى ذلك الوقت لأنه هو الشعب.

لم يعمل محفوظ بالسياسة على الرغم من اعتنائه فى كتاباته بها، ويكفى مقولاته السياسية البديعة فى عمله الفذ «ملحمة الحرافيش» ومنها: «لو أن شيئا يدوم على حال فلم تتعاقب الفصول»، أو كما قال فى «أولاد حارتنا»: «ومن عجب أن أهل حارتنا يضحكون وعلام يضحكون؟ إنهم يهتفون للمنتصر أياً كان المنتصر، ويهللون للقوى أياً كان القوى، ويسجدون أمام النبابيت يداوون بذلك كله الرعب الكامن فى أعماقهم».

وتبقى مقولته التى برزت بشدة منذ سنوات اندلاع ثورة 25 يناير، واستمدت شهرتها من كثرة تداولها والتى يقول فيها «محفوظ»: «إن الثورات يدبرها الدهاة وينفذها الشجعان ثم يكسبها الجبناء».

اختار نجيب محفوظ أن يكون «كاتباً وأديباً» حسبما يقول «رجاء النقاش»، ومن خلال الأدب يستطيع أن يعبر عن مشاعره ومواقفه وأفكاره السياسية، أما العمل السياسى المباشر، فهو شىء آخر، لم يقترب منه نجيب محفوظ، لأنه كان كفيلاً بجره إلى دوامة عنيفة تعوق عمله الأدبى، الذى يحبه ويرى أنه قادر على أن ينجز فيه شيئاً مثمراً.

وضع محفوظ خطاً فاصلاً بين الأدب والصحافة، فاختار الأدب، ورفض العمل بالصحافة رفضاً قاطعاً، على الرغم من الإغراءات الكثيرة التى قدمتها له مؤسسات صحفية كبرى، ليترك وظيفته الحكومية ويتفرغ للعمل الصحفى، وحتى عمله بالصحافة عام 1959 كان عملاً أدبياً، فلم يكن مشغولاً بالمتابعات الصحفية، اليومية المنهكة، إنما كان مشغولاً بإنجاز أعمال أدبية لنشرها بالأهرام.

ولعل أقوى دروس نجيب محفوظ التى نستعيدها مع رحيله هذه الأيام، هو حياته الاجتماعية، حرص عليها، وتكتمها، فلم يعرف المقربون منه بنبأ زواجه إلا صدفة، كما لم يربك نجيب محفوظ حياته فى بدايتها بالزواج خشية أن يتعطل أو يضطرب نظامه، فتزوج الروائى الكبير بعد الأربعين، ونجا بسفينة أدبه من هموم وأثقال المسؤولية التى قد توهن عزمه فى بداية حياته وفى ظل عتوه وقوته.

انتصر نجيب محفوظ على الزمن بباله الطويل، وواقعيته، ونظرته الصبورة غير المتعجلة للأوضاع المحيطة به، لم يخضع لأى ابتزاز قد يوهن أدبه، بل نجح فى أن يمر بسفينة أدبه وسط تقلبات السياسة العاصفة بين ثلاثة عهود، عبدالناصر والسادات ومبارك.

كان نجيب محفوظ وفياً للأماكن وللمدن، يظهر ذلك جلياً فى أدبه، وأعمال رواياته التى استمدت أسماءها من المناطق التى عاش فيها، ودارت حبكاتها حولها، ومنها: «بين القصرين» و«السكرية» و«قصر الشوق» و«خان الخليلى» و«زقاق المدق» وغيرها من الأماكن التى عاش فيها «نجيب محفوظ»، والتقى فيها أناسا، شكلوا جميعاً موضوعات كتبه.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد

عبارة غير لائقة

عدد الردود 0

بواسطة:

Maher Hassan

الوسطيه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة