أثار قرار الإدارة الأمريكية فرض قيود على التأشيرات وعقوبات حظر تستهدف شخصيات أوروبية بارزة موجة غضب وانتقادات حادة داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، في تطور يعكس تصاعد التوتر في العلاقات عبر الأطلسي، ويضع الشراكة التقليدية بين بروكسل وواشنطن أمام اختبار جديد ومعقّد.
رفض أوروبى
الاتحاد الأوروبي عبّر رسميًا عن قلقه العميق إزاء هذه الإجراءات، معتبرًا أنها تمثل تدخلًا مباشرًا في الشؤون الداخلية الأوروبية، وتتعارض مع مبادئ التعاون والاحترام المتبادل التي لطالما شكّلت أساس العلاقة بين الجانبين. وأكد مسؤولون أوروبيون أن فرض قيود على شخصيات أوروبية دون تنسيق مسبق أو إطار قانوني مشترك يهدد الثقة السياسية بين الحلفاء.
عقوبات على التأشيرات وحظر دخول أمريكا لبعض الشخصيات
وتشمل العقوبات الأمريكية قيودًا على منح التأشيرات وحظر دخول الولايات المتحدة لبعض الشخصيات، على خلفيات تتعلق بمواقف سياسية أو ملفات داخلية تقول واشنطن إنها تمس قضايا “الديمقراطية وحقوق الإنسان، غير أن بروكسل ترى أن هذه الخطوة تحمل طابعًا أحاديًا، وتفتح الباب أمام سابقة خطيرة في التعامل بين الحلفاء.
ويرى محللون أن هذه الأزمة تعكس تحولًا أعمق في السياسة الأمريكية تجاه أوروبا، حيث باتت واشنطن أكثر استعدادًا لاستخدام أدوات الضغط المباشر، حتى ضد شركاء تقليديين، في إطار ما تصفه بالدفاع عن القيم الغربية. إلا أن هذا النهج، بحسب خبراء أوروبيين، قد يأتي بنتائج عكسية ويؤدي إلى تآكل النفوذ الأمريكي داخل القارة.
داخل أروقة الاتحاد الأوروبي، تصاعدت الدعوات للرد بشكل متوازن ولكن حازم، بعض المسؤولين لم يستبعدوا اتخاذ إجراءات مضادة، مثل مراجعة التعاون في ملفات حساسة، أو إعادة النظر في آليات التنسيق السياسي مع الإدارة الأمريكية. ورغم أن بروكسل لا ترغب في تصعيد شامل، إلا أنها تؤكد في الوقت ذاته أنها لن تقبل بما تعتبره سياسة إملاءات.
تحديات أمام الاتحاد الأوروبى
وتأتى الأزمة في توقيت بالغ الحساسية، حيث يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات كبرى، من الحرب في أوكرانيا، إلى أزمات الطاقة والهجرة، وصولًا إلى المخاوف الاقتصادية مع اقتراب عام 2026. وفي هذا السياق، يرى دبلوماسيون أن أي توتر إضافي مع الولايات المتحدة قد يضعف الموقف الأوروبي على الساحة الدولية.
المزيد من التحذيرات
من جانب آخر، يحذر مراقبون من أن استمرار هذه السياسات قد يعزز الأصوات الأوروبية الداعية إلى الاستقلال الاستراتيجي عن واشنطن، سواء في مجالات الدفاع أو السياسة الخارجية. فبينما ظلت الولايات المتحدة لعقود الشريك الأمني والسياسي الأهم لأوروبا، بدأت بعض العواصم الأوروبية تعيد تقييم هذا الاعتماد في ضوء ما تعتبره سلوكًا أمريكيًا متقلبًا.
دول الوسيط لاحتواء الأزمة
في المقابل، تحاول بعض الدول الأوروبية لعب دور الوسيط لاحتواء الأزمة، خشية أن تتحول الخلافات إلى صدام مفتوح يضر بالمصالح المشتركة، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية العالمية وتصاعد نفوذ قوى منافسة مثل الصين وروسيا.
في المحصلة، تكشف أزمة العقوبات الأمريكية على شخصيات أوروبية عن شرخ متزايد في العلاقات عبر الأطلسي، وتطرح تساؤلات جدية حول مستقبل الشراكة بين الجانبين. فهل ستنجح الدبلوماسية في احتواء الخلاف، أم أن أوروبا وواشنطن تقفان على أعتاب مرحلة جديدة من العلاقات يشوبها الشك والحذر بدلًا من التحالف غير المشروط؟.