-
رئيس الهيئة: ربط المدن الصناعية بشبكات النقل يزيد الإنتاجية ويخفض التكاليف ..ويعلن: مشاريع استراتيجية في سيناء لتعزيز الاقتصاد والربط الإقليمي
-
مصر أصبحت أرضًا خصبة للاستثمار في النقل واللوجستيات
-
خطة لتوطين صناعة الحاويات المبردة في مصر بالتعاون مع الجانب الصيني
-
موانئ ومناطق لوجستية جديدة في العريش وطابا والطور وبئر العبد
-
توزيع المهام بين الموانئ البحرية والجافة يقلل الغرامات ويحسن كفاءة التداول
تعمل الموانئ الجافة والمناطق اللوجستية على تعزيز كفاءة منظومة النقل في مصر وتخفيف الضغط عن الموانئ البحرية، كما تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وخلق فرص استثمارية جديدة، والتقى اليوم السابع المهندس سيد متولي، رئيس هيئة الموانئ البرية والجافة والمناطق اللوجستية، التابعة لوزارة النقل، للحديث عن دور الموانئ الجافة في دعم الاقتصاد الوطني، وتسهيل حركة التداول، وتعزيز الاستثمارات، والتوجهات المستقبلية للهيئة على الصعيدين المحلي والدولي.
وإلى نص الحوار ..
كيف تساهم الموانئ الجافة في تخفيف الضغط عن الموانئ البحرية؟
الموانئ الجافة تستقبل الحاويات لتخليصها داخليًا، مما يقلل الزحام بالموانئ الساحلية، فعلى سبيل المثال، أدى تشغيل ميناء أكتوبر الجاف إلى تقليل الكثافة حول ميناء الإسكندرية بنحو 30%، بينما يخدم ميناء العاشر من رمضان المناطق الصناعية في الشرقية والعين السخنة، مما يقلل زمن النقل والتكلفة اللوجستية.
ما الدور الذي تلعبه هذه المشروعات في دعم الاقتصاد الوطني؟
كل مشروع نقل هو مشروع اقتصادي في جوهره. فالميناء أو المحور اللوجستي يخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ويحفّز النشاط الصناعي والتجاري. انخفاض تكاليف النقل ينعكس على الأسعار ويحد من التضخم، لذا تُعد مشروعات النقل رافعة رئيسية للنمو الاقتصادي المستدام.
كيف تساهم الموانئ في تسهيل حركة التداول وتقليل الغرامات؟
عندما تتسارع إجراءات الإفراج والتداول داخل الموانئ، تقل الغرامات الناتجة عن التأخير،على سبيل المثال، نقل جزء من إجراءات التخليص إلى الموانئ الجافة الداخلية قلل زمن التداول وعدد مرات التعامل على البضائع، مما رفع الكفاءة الاقتصادية بشكل ملحوظ.
هل يمكن إعطاء مثال واقعي على ذلك؟
نعم، إحدى الشركات كانت تواجه غرامات ضخمة بسبب الحاويات المبردة. فعلى سبيل المثال، كانت تنقل حاوياتها من الإسكندرية إلى القاهرة، مما يستغرق وقتًا طويلًا ويترتب عليه غرامات كبيرة، لكن إذا تم تفريغ الحاويات في ميناء جاف قريب من الإسكندرية وإعادة تحميلها هناك، ثم نقل البضائع المبردة داخليًا، فإن ذلك يقلل الوقت والغرامات بشكل كبير. كذلك، عند استلام شحنة من الخارج، بدلًا من تفريغها وإعادة تحميلها في نفس الميناء البحري، يمكن تخزينها مؤقتًا في ثلاجات قريبة، ثم إعادة استخدامها في التصدير، مما يقلل زمن الانتظار، ويخفف الضغط على العملة الصعبة، ويزيد فرص التصدير.
ما أبرز التحديات في تصدير المحاصيل الزراعية؟
أهمها نقص أسطول الحاويات المبردة، ولهذا نعمل على توطين صناعتها في مصر بالتعاون مع الجانب الصيني. المشروع في مرحلة الدراسات، ونستهدف بدء الإنتاج محليًا قريبًا.
ولماذا التركيز على الحاويات المبردة تحديدًا؟
لأن المنافسة في الحاويات العادية صعبة أمام الصين التي تنتجها بتكلفة منخفضة، بينما الحاويات المبردة نادرة في السوق العالمية. تصنيعها محليًا يمنحنا ميزة تنافسية، بل وإمكانية تصديرها إلى دول مثل اليابان وفرنسا.
وأين سيتم تنفيذ المشروع؟
الموقع المقترح في منطقة برج العرب بجوار مصنع شركة “ألستوم” ، ويجري حاليًا إعداد الدراسات التفصيلية للمشروع.
ما أبرز الحوافز التي تقدمونها للمستثمرين؟
أهم الحوافز اختيار المواقع الاستراتيجية للميناء الجاف وبجوار خطوط السكك الحديدية والطرق السريعة والموانئ النهرية أو البحرية، كما تتولى الوزارة توصيل المرافق بينما يتولى المستثمر التخطيط الداخلي، وتنسق الهيئة مع الجهات الحكومية لاستخراج التراخيص من جهة واحدة فقط، مع تحديث القوانين لتسهيل عمل المستثمرين وحل النزاعات عبر لجنة محايدة.
إلى جانب ما سبق، يتم التسويق المباشر للمشروعات حتى بعد تشغيلها؛ فعلى سبيل المثال، يتم التنسيق اللازم لاستقبال المسؤولين الحكوميين الأجانب الراغبين في الاطلاع على الخدمات التي يقدمها أي ميناء جاف، وذلك بحضور القطاع الخاص، مما يحقق ترويجًا عالميًا ومجانيًا.
ما طبيعة التعاون مع الجانب الإيطالي؟
نسعى لجذب مزيد من المستثمرين الإيطاليين في مجالات النقل واللوجستيات. لدينا خط “رورو” قائم بالفعل بين مصر وإيطاليا نعمل على تطويره ليصبح أكثر انتظامًا، ليرتفع من رحلة أسبوعية إلى رحلتين أو ثلاث أسبوعيًا،كما يجري التنسيق لإعادة تنشيط الخط الملاحي بين الإسكندرية وطرابلس الإيطالية ليصبح خطًا تجاريًا منتظمًا، إلى جانب إنشاء مركز تدريب مصري–إيطالي مشترك في مجال اللوجستيات والموانئ لتأهيل الكوادر المصرية وفق أحدث المعايير الأوروبية
الجانب الإيطالي أبدى اهتمامًا كبيرًا بالمشاركة في مشروعات الموانئ الجافة والمناطق اللوجستية، وهناك مفاوضات لتأسيس تحالفات استثمارية جديدة في النقل البحري والبري داخل مصر.
ومؤخرا وقعنا مذكرة تفاهم مع شركة إيطالية متخصصة في التكنولوجيا والتدريب، وتهدف إلى تنمية رأس المال البشري، نؤمن بأن الاستثمار في الإنسان هو الأعلى عائدًا، فرفع كفاءة العمالة المصرية وتأهيلها للمشروعات الدولية لا يخلق وظائف فقط، بل يبني قاعدة قادرة على المنافسة عالميًا.
هل تسعى الهيئة من خلال هذه المشروعات إلى تحقيق تنمية شاملة تتجاوز الجانب الاستثماري؟
بالتأكيد. فالميناء الجاف ليس محطة لتداول البضائع فحسب، بل محرك رئيسي للتنمية. فعندما ربطنا ميناء أكتوبر بخط السكة الحديد “المناشي – 6 أكتوبر”، تحقق عدد من الأهداف التنموية على طول المسار، إذ أسهم الربط في تنمية المناطق المحيطة وظهور مصانع وفرص عمل جديدة، مما أدى إلى تشكيل مجتمعات عمرانية حول مناطق النشاط الصناعي.
هل تم تعميم هذه التجربة في مشروعات أخرى؟
نعم، تم تطبيقها في ميناء العاشر من رمضان الجاف فعند إنشاء مدينة العاشر لم تكن تتمتع بوسائل نقل مستدامة، حتى بدأت الوزارة تنفيذ مشروعي LRT وخط السكة الحديد “العاشر – بلبيس – الروبيكي”، وهو مشروع يخدم نقل الركاب والبضائع معًا ويوفر نحو 4 مليارات جنيه سنويًا نتيجة خفض تكاليف النقل اليومية، فتوطين العمالة قرب أماكن العمل يقلل استهلاك الوقود، ويوفر الوقت، ويزيد الإنتاجية، وهذا ما نسعى لتعميمه.
إذن ربط المدن الصناعية بشبكات النقل له عائد اقتصادي مباشر؟
نعم، عندما تقل ساعات الانتقال، ترتفع إنتاجية العامل وتنخفض تكلفة المنتج، فينعكس ذلك على الأسعار والتضخم. هذا هو مفهوم “الاقتصاد الشامل” الذي نعمل على تحقيقه في جميع المشروعات الاستراتيجية.
ما أبرز المشروعات الجاري تنفيذها حاليًا؟
هناك عدة مشروعات دخلت مرحلة التنفيذ، مثل ميناء العاشر من رمضان الجاف ومنطقة شق التعبان اللوجستية، إضافة إلى مشروع كوم أبو راضي الذي انتهت دراسته وجاهز للطرح العالمي خلال أيام، فالوزارة تتبنى سياسة الاستثمار المرحلي لجذب المستثمرين، أي البدء برأسمال صغير يحقق عائدًا سريعًا ثم التوسع التدريجي، وهو النموذج المفضل للمستثمرين الأجانب.
ماذا عن التعاون الدولي والربط الإقليمي؟
الربط الإقليمي يمثل البعد الخارجي لمنظومة النقل، وتعمل الوزارة على عدة محاور بالتنسيق مع القيادة السياسية، مثل الربط مع السعودية عبر مشروع جسر “نويبع – تبوك”، وهو مشروع استراتيجي يسهل حركة الأفراد والبضائع ويخلق فرصًا اقتصادية وسياحية،والربط مع ليبيا والسودان عبر شبكة الطرق البرية، حيث اكتمل تطوير محور السلوم الدولي ويُعمل على ربطه بالشبكة الليبية، إلى جانب تطوير محور أسوان – وادي حلفا لتحويله إلى ممر تجاري يربط شمال القارة بجنوبها.
وماذا عن التحول الرقمي في الهيئة؟
نعمل على رقمنة منظومة النقل البحري بالكامل لتسهيل الإفراج الجمركي وتقليل زمن الدورة المستندية،كما تم إدخال نظم إدارة إلكترونية للموانئ الجافة تتيح تتبع الشحنات رقميًا من الميناء البحري حتى الميناء الجاف.
ما الرسالة التي توجهونها للمستثمرين؟
الرسالة واضحة .. مصر أصبحت أرضًا خصبة للاستثمار في النقل واللوجستيات. لدينا بنية تحتية متكاملة، وتشريعات محدثة، ودعم سياسي قوي. نحن لا نقدم مشروعًا فقط، بل شراكة حقيقية قائمة على المصالح المشتركة والتنمية المستدامة.
كيف يتم اختيار الشركة المناسبة لمشروعات الموانئ البرية والجافة؟
آلية اختيار الشركة المناسبة تختلف وفقًا لكل مشروع على حدة؛ فهناك طرح يتم أمام جميع الشركات الراغبة في المنافسة على الفرص الاستثمارية، وآخر يتم اختيار الشركة فيه بناءً على عدة معايير، منها الملاءة الفنية والمالية وسابقة الخبرات، وثالث يتم اختيار الشركة فيه كونها عاملة في السوق المحلية وترغب في التوسع.
فالمشروعات في الموانئ الجافة أو المناطق اللوجستية تختلف تمامًا عن المشروعات التقليدية التي تنفذها الدولة مثل الطرق أو الكباري، لأنها تتعلق بجذب الاستثمار المباشر. وجذب الاستثمار يحتاج إلى رؤية واضحة تُظهر جدوى المشروع ووعده بالمردود الاقتصادي.
هل يمكن ذكر مثال؟
المنطقة اللوجستية في مدينة وادي النطرون، الواقعة بالقرب من مشروع الدلتا الجديدة، هذه الأرض تقع في موقع متميز، محاطة بالمناطق الزراعية الجديدة. وبعد دراسة متأنية وتوجيهات من الفريق مهندس كامل الوزير، رأينا أن هذا الموقع يمكن أن يتحول إلى منطقة لوجستية صناعية غذائية متكاملة، تضم مصانع للتعبئة والتغليف والتبريد والتجفيف، تعتمد على الإنتاج الزراعي المحلي، مع إنشاء مركز لوجستي "ترانزيت" غير مباشر. هذا المشروع يمتاز بموقع استراتيجي، إذ يقع على محور يربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر، أي أنه يربط أوروبا بدول الخليج عبر شبكة نقل عربية متكاملة. وبذلك يمكننا تقديم قيمة مضافة للمنتجات القادمة من الخليج والمتجهة إلى أوروبا أو العكس، في إطار فكر لوجستي حديث يخدم توجه الدولة نحو تعظيم الصادرات ودعم سلاسل الإمداد الإقليمية .
هل تستند عملية اختيار المشروع إلى حجم النشاط التجاري وحركة البضائع، أم إلى التوزيع الجغرافي والربط مع شبكات النقل القومية؟
الرؤية الأساسية تقوم على أن الميناء الجاف يمكن أن يتواجد في أربعة مواقع رئيسية تبعًا لطبيعة النشاط والخدمة المطلوبة: الظهير البحري للموانئ البحرية: أن يكون الميناء الجاف مرتبطًا مباشرة بميناء بحري رئيسي، ليساعد في تخفيف الضغط على الموانئ الساحلية.
الظهير الصناعي: كما في مناطق مثل العاشر من رمضان ومدينة السادس من أكتوبر وبرج العرب، حيث يخدم الميناء الجاف المناطق الصناعية الكبرى ويسهّل حركة التصدير والاستيراد.
الموقع المفصلي: مثل محافظة قنا، التي تُعد نقطة ربط محورية بين خطوط النقل من الشمال إلى الجنوب، ويمكنها أن تخدم حركة البضائع المتجهة من وإلى سفاجا وحدود السودان، مما يجعلها مركزًا استراتيجيًا في شبكة النقل البرية.
الموانئ الجافة للمناطق الداخلية: مثل ميناء السادات ووادي النطرون، اللذين يخدمان مناطق الدلتا الزراعية، أو مناطق توشكى وشلاتين التي تمثل بوابة للربط مع الجنوب والأسواق الإفريقية
ماذا عن أهم مشروعات الهيئة في سيناء؟
في سيناء، يجري العمل على تطوير موانئ ومناطق لوجستية تخدم الأهداف الاقتصادية والاستراتيجية للدولة، نعمل حاليًا على مشروع محور العريش–طابا، وهو أحد المحاور الجديدة التي تحظى باهتمام الدولة، ويمثل شريانًا حيويًا يربط شرق سيناء بغربها ويدعم مشروعات التنمية هناك. يوجد لدينا عدد من المناطق اللوجستية المقرر إقامتها في كلٍّ من طابا، والطور، وبئر العبد، والعوجة. جميع مشروعات الهيئة تصب في إطار واحد، هو تعظيم الاقتصاد المصري، وتحقيق التكامل بين الصناعة والزراعة والنقل والتجارة. ونحن نحرص في كل مشروع على أن يكون مكمّلًا للمخطط القومي للدولة، بحيث يخدم أولوياتها التنموية ويعظم العائد من كل استثمار.




