الكشرى إلى قوائم التراث الثقافى غير المادى.. كيف ذكره ابن بطوطة؟

الجمعة، 12 ديسمبر 2025 02:00 م
الكشرى إلى قوائم التراث الثقافى غير المادى.. كيف ذكره ابن بطوطة؟ الكشرى

محمد عبد الرحمن

يُعدّ الكشري المصري واحدًا من أكثر الأطباق الشعبية حضورًا في الذاكرة والوجدان المصري، ويمثل في الوقت نفسه نموذجًا حيًا لكيفية اندماج الثقافات وتأثيرها المتبادل عبر العصور وقد جاء إدراج الكشري ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو اعترافًا دوليًا بقيمته الرمزية وبامتداده التاريخي المتجذّر في المجتمع المصري.

أول ظهور للكشري في المصادر التاريخية

يرجّح كثير من الباحثين أن أول ذكر للكشري في المدونات جاء لدى ابن بطوطة عام 1377ميلادية في كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ففي حديثه عن الهند، وصف طبقًا مكوّنًا من الأرز والـ"منج" (العدس) المطهوّ بالسمن، وأشار إلى أنه يُسمّى كشري (بالكاف والشين والراء) وتستند بعض القراءات اللغوية إلى أن كلمة كشري ذات أصل سنسكريتي وتعني “أرز مع أشياء أخرى”، وهو ما ينسجم مع طبيعة الطبق باعتباره مزيجًا من مكونات متعددة.

تطور المكوّنات وتشكّل الهوية المصرية للكشري

يرى عدد من الباحثين في الفولكلور المصري، ومنهم الدكتور مسعود شومان، أن مكوّنات الكشري الأساسية—البصل والثوم والعدس—عناصر موغلة في التاريخ المصري القديم، وأن مصر عرفت بالفعل خليطًا غذائيًا قريبًا من الكشري يجمع بين العدس والأرز. وعلى الرغم من أنّ اسم الطبق ذو جذر لغوي هندي، فإنّ الطعم والتكوين والتركيب اكتسبت عبر الزمن هوية مصرية خالصة، وهو ما يظهر واضحًا من انفراد مصر بشهرة هذا الطبق دون غيرها.

روايات أخرى حول أصل الكشري وانتقاله إلى مصر

هناك روايات تاريخية مختلفة تشير إلى أن انتشار الكشري بصورته الحديثة في مصر يعود إلى بدايات القرن العشرين، تحديدًا في فترة الحماية البريطانية (1914). فقد وصل إلى مصر مجموعات من الجنود الهنود الذين كانوا يقدمون طبقًا مشابهًا يُعرف باسم "كوتشري". وبتفاعل المصريين مع هؤلاء الجنود—وهو تفاعل معروف عن الشخصية المصرية التي تميل إلى الانفتاح والتجربة—انتقل الطبق إلى المجتمع المصري.

التعديلات المصرية على الطبق وأثر الثقافات المتجاورة

ومع انتشار الطبق في الأحياء الشعبية والوسطى، وصل إلى أحياء كانت تضم جاليات إيطالية في القاهرة. ويُعتقد أن دخول المكرونة إلى مكونات الكشري جاء بفضل هؤلاء الإيطاليين. لكن ما ميّز الكشري وأضفى عليه طابعه المصري الخالص هو إضافة:

الدقة المصنوعة من الخل والثوم والشطة، البصل المقلي (التقلية)، الصلصة المصرية المعروفة بتركيبتها الخاصة هذه الإضافات جعلت الطبق يمتلك شخصية متفردة لا تشبه نظائره في أي بلد آخر.

الكشري اليوم: رمز اجتماعي وثقافي

تحوّل الكشري عبر العقود إلى رمز للهوية المصرية وطبق يعبر عن بساطة الحياة اليومية وتنوع المجتمع. فمن عربات الكشري الشعبية في الأزقة القديمة إلى سلاسل المطاعم الكبيرة، ظل الكشري نقطة التقاء بين الطبقات الاجتماعية المختلفة. وأصبح جزءًا من الذاكرة الغذائية للمصريين، وحاضرًا في المناسبات، ومعبّرًا عن روح المشاركة والدفء الاجتماعي.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة