كشفت صحيفة «تليجراف» البريطانية أن عصابات المخدرات تستخدم سفنًا محملة بالماشية لتهريب كميات هائلة من الكوكايين إلى أوروبا.
وأفادت مصادر استخباراتية للصحيفة، أن الشرطة لا تصادر السفن لأن التعامل مع آلاف الأبقار يُمثل «كابوسًا لوجستيًا».
وأدت الظروف الكريهة على متن السفن، حيث نفقت العديد من الحيوانات أو قضت شهورًا تتخبط فى فضلاتها، إلى إحجام الضباط عن تفتيش السفن.
تحميل 10 آلاف بقرة على متن سفن متهالكة

شحنات الكوكايين
وفى موانئ سانتوس وبيليم البرازيلية، الخاضعة لسيطرة العصابات، وفى قرطاجنة الكولومبية، يتم تحميل ما يصل إلى 10 آلاف بقرة فى المرة الواحدة على متن سفن متهالكة يبلغ طولها 200 متر، وفقًا لمصادر فى مركز التحليل والعمليات البحرية لمكافحة المخدرات (MAOC-N).
وأوضحت الصحيفة، أن المركز عبارة عن مجموعة إنفاذ قانون تابعة للاتحاد الأوروبى، مقرها لشبونة، تُعنى بمكافحة تهريب المخدرات بحرًا.

الكوكايين على متن السفن
وتبحر سفن الشحن، التى يبلغ عمرها 50 عامًا، حول منطقة البحر الكاريبي أو أمريكا الجنوبية لجمع شحنات الكوكايين من سفن أصغر، وعادةً ما تنقل ما بين 4 و10 أطنان، بقيمة تصل إلى حوالى 450 مليون جنيه إسترليني. وأفادت المصادر أن طاقم السفينة يُخفى الشحنات فى صوامع الحبوب العملاقة وأماكن اختباء أخرى.
وترفع السفن أعلام الملاءمة، حيث تُسجل السفينة فى بلد مختلف عن بلد ملكيتها، وغالبًا ما تكون فى بلدان ذات لوائح بحرية أقل صرامة، مثل بنما وتنزانيا.
وقالت الصحيفة أن الشحنة الأكثر ربحًا على متن السفينة متجهة إلى الموانئ البحرية الرئيسية فى أنتويرب أو روتردام، وهما بوابتا الكوكايين فى أوروبا.
وفى مرحلة ما عبر المحيط الأطلسى، يربط الطاقم طرود الكوكايين بقوارب مطاطية، ويربطون بها أجهزة تحديد المواقع (GPS)، ثم يلقون بها فى البحر حيث تلتقطها قوارب سريعة وتُهرَّب إلى بلجيكا وهولندا.
الشرطة الأوروبية لم تضبط سوى سفينة ماشية واحدة تحمل الكوكايين خلال 18 سنة

الكوكايين
وقالت الصحيفة، إن هذه الطريقة فعّالة للغاية لدرجة أن الشرطة الأوروبية لم تضبط خلال السنوات الثمانى عشرة الماضية سوى سفينة ماشية واحدة تحمل الكوكايين. وعلمت صحيفة التليجراف أن سفينة ماشية واحدة مشبوهة على الأقل تغادر أمريكا الجنوبية باتجاه أوروبا أسبوعيًا.
وتتكون مجموعة إنفاذ القانون من 10 دول أعضاء، من بينها المملكة المتحدة، وتعمل بشكل وثيق مع الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، وهى الوكالة البريطانية المُعادلة لمكتب التحقيقات الفيدرالى (FBI).
وصرح محلل استخبارات فى MAOC-N لصحيفة التليجراف: لن ترغب فى قضاء أكثر من دقيقة واحدة على متن إحدى هذه السفن، يمكنك تخيل الرائحة الكريهة. السلطات لا تريد وجود هذه السفن فى موانئها. لوجستيًا، لا ترغب الدول فى إجراء عمليات تفتيش على متن هذه السفن. الأشرار يعرفون ذلك، ولهذا السبب يستخدمونه.
الكلاب البوليسية عديمة الفائدة بسبب الرائحة

السفن التى تحمل الأبقار
وأضافوا أن الكلاب البوليسية تكاد تكون عديمة الفائدة فى كشف المخدرات، لأنها تنفر من الأبقار ورائحتها الكريهة.
ووصف المصدر حجم المشكلة بأنه «ثقب أسود». فبدون معلومات استخباراتية تُفصّل بدقة مكان وجود المخدرات على متن السفينة، كان من شبه المستحيل استيفاء الحد الأدنى المطلوب لإقناع سلطات الشرطة الوطنية بمصادرتها.
وقالوا: "يمكنكم تخيّل تكلفة مثل هذه العملية، الوصول إلى ميناء، وإخراج جميع الماشية، وتكليف جميع السلطات بتفتيش سفينة ضخمة، وإخفاء كبير [للمخدرات]. إنهم [العصابات] محترفون للغاية ويعرفون تمامًا ما يمكنهم استغلاله".
وفى 24 يناير 2023، نفذت الشرطة الإسبانية أول عملية ضبط على الإطلاق لسفينة ماشية تُهرّب الكوكايين فى المياه الأوروبية. اعترضت الشرطة المسلحة سفينة أوريون V، التى يبلغ طولها 100 متر، على بُعد 62 ميلًا بحريًا جنوب غرب جزر الكنارى أثناء رحلتها من كولومبيا إلى لبنان.
اكتشف الضباط 4500 كيلوجرام من الكوكايين، بقيمة تُقدر بنحو 82 مليون جنيه إسترلينى، مُخبأة فى عبوات داخل صوامع علف الماشية. وأظهرت لقطات من كاميرات الشرطة المثبتة على أجساد الضباط وهم يخوضون فى روث وبول 1750 بقرة على متنها.
وفى غضون ذلك، كشفت الشرطة الأسترالية الأسبوع الماضى عن استخدام سفينة مواشى تحمل أغنامًا لمحاولة تهريب 84 مليون جنيه إسترلينى من الكوكايين إلى البلاد.
عثر صيادون على الكوكايين مربوطًا ببرميل عائم قبالة الساحل الغربى لجزيرة لانسيلين، على بُعد حوالى 75 ميلًا شمال بيرث، فى 6 نوفمبر.
وزعمت فرقة العمل المشتركة لمكافحة الجريمة المنظمة فى غرب أستراليا أن المخدرات أُلقيت فى المحيط من سفينة نقل مواشى، فى طريقها إلى ميناء فريمانتل.
فى اليوم التالى لضبط المخدرات، اتهمت الشرطة كبير ضباط السفينة، وهو مواطن كرواتى يبلغ من العمر 46 عامًا، بمحاولة استيراد كمية تجارية من الكوكايين. فتش المحققون سفينته وعثروا على برميل أزرق وحبال مماثلة لتلك التى زُعم العثور عليها مع المخدرات.
ويُزعم أن رجلين من سيدنى، يبلغان من العمر 19 و36 عامًا، ورجل من بيرث يبلغ من العمر 52 عامًا، كانوا جميعًا جزءًا من مجموعة الشاطئ، وكانوا مسئولين عن جمع الكوكايين وإيصاله إلى الشاطئ.