فيسبوك
واتساب
تبدأ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الثلاثاء، صوم الميلاد المجيد، أحد أبرز الأصوام في العام الكنسي، حيث يمتد 43 يومًا حتى ليلة عيد الميلاد في 6 يناير، ويُختتم بالاحتفال بالعيد في 7 يناير 2026. ويُعتبر صوم الميلاد صومًا من الدرجة الثانية، حيث تسمح الكنيسة فيه بتناول الأسماك تخفيفًا على الأقباط من كثرة أيام الصوم التي تصل إلى نحو 200 يوم سنويًا.
وتعود بدايات صوم الميلاد إلى الكنيسة الأولى، حين كان الأقباط يصومون يومًا واحدًا فقط قبل العيد، عُرف بـ"البرامون". ومع مرور الوقت رتَّب البابا خرستوذولوس (البطريرك الـ66) مدته لتكون 43 يومًا، إذ أضاف ثلاثة أيام تخليدًا لمعجزة نقل جبل المقطم في زمن القديس سمعان الخراز، ليصير الصوم 40 يومًا على مثال موسى النبي الذي صام قبل أن يتسلم كلمة الله، بالإضافة إلى 3 أيام للمعجزة.
الطقس والروحانية
يحمل صوم الميلاد بعدًا مزدوجًا من الفرح والخشوع؛ فهو استعداد لاستقبال ميلاد المسيح طفل المذود، وفرصة للتوبة وتجديد الحياة الروحية. تبدأ الصلوات فيه بالألحان السنوية مع إضافة قسمة صوم الميلاد، ثم يدخل الأقباط مع بداية شهر كيهك (الشهر الرابع في التقويم القبطي) في أجواء "الطقس الكيهكي"، حيث تقام السهرات الليلية حتى الصباح لمدح السيدة العذراء مريم، وتُرتل الإبصاليات والمدائح والذكصولوجيات الخاصة.
ويُسمح خلال صوم الميلاد بتناول الأسماك، على عكس الصوم الكبير الذي يُحظر فيه تناولها تمامًا. ويرتبط اختيار السمك بأبعاد رمزية وروحية، فهو طعام البركة كما في معجزة الخمس خبزات والسمكتين، ويرمز للحياة لأنه يبقى حيًا وسط الأمواج، كما أن كلمة "سمكة" باليونانية (ΙΧΘΥΣ) تحمل الأحرف الأولى لجملة "يسوع المسيح ابن الله المخلص".
الاختلاف بين الطوائف
ورغم وحدة الهدف الروحي، تختلف الطوائف المسيحية في توقيت الصوم: فالأقباط يبدأون في 25 نوفمبر، بينما يبدأ صوم كنيسة الروم الأرثوذكس يوم 15 نوفمبر، والكاثوليك يوم 10 ديسمبر. كذلك يختلف توقيت العيد تبعًا للتقويمات المختلفة؛ فالكنيسة القبطية تحتفل في 7 يناير وفقًا للتقويم القبطي.
ملامح كيهك
شهر كيهك له خصوصية فريدة في طقس صوم الميلاد، حيث يخصص بالكامل لتمجيد السيدة العذراء بصلوات "سبعة وأربعة"، ويقال عنه في التراث الكنسي "كيهك صباحه مسيَّح وليله مفرَّح". وتتناول قراءات آحاد كيهك الأربعة أحداثًا تمهيدية للميلاد: البشارة بميلاد يوحنا المعمدان، البشارة بميلاد المسيح، زيارة العذراء لأليصابات، ثم ميلاد يوحنا المعمدان.
أبعاد تعليمية وروحية
صوم الميلاد لا يقتصر على الامتناع عن أطعمة معينة، بل يمتد ليشمل تربية النفس على الصوم الروحي، وضبط الإرادة، وإعداد القلب ليكون مسكنًا يليق بالطفل الإلهي. وتؤكد الكنيسة على أن المعنى الأعمق للصوم هو "تغيير الفكر وتجديد الحياة"، لا مجرد ممارسة ظاهرية.
الاحتفالات والقداسات
يُختتم الصوم بصوم البرامون، الذي يمتنع فيه الأقباط عن تناول الأسماك، استعدادًا للاحتفال بالعيد. ويترأس قداسة البابا تواضروس الثاني قداس عيد الميلاد بكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة مساء 6 يناير، بمشاركة آلاف الأقباط وممثلين عن الدولة والكنائس الأخرى، في مشهد يتجدد سنويًا ليعكس وحدة المصريين وبهجة العيد.
