زاهى حواس من معرض الشارقة للكتاب: المتحف المصرى الكبير أعظم مشروع ثقافى فى القرن الـ 21.. ومصر قادرة على استرداد التكلفة خلال عامين.. والأفريسنتريك تشويه متعمد.. واكتشاف أثرى كبير داخل هرم خوفو 2026

الأحد، 16 نوفمبر 2025 09:00 م
زاهى حواس من معرض الشارقة للكتاب: المتحف المصرى الكبير أعظم مشروع ثقافى فى القرن الـ 21.. ومصر قادرة على استرداد التكلفة خلال عامين.. والأفريسنتريك تشويه متعمد.. واكتشاف أثرى كبير داخل هرم خوفو 2026 عالم الآثار الكبير الدكتور زاهى حواس

حاروه من الشارقة أحمد منصور

في أروقة معرض الشارقة الدولي للكتاب بدورته الـ 44، حيث تمتزج المعرفة بروح الاكتشاف، كان للحديث مع عالم الآثار الكبير الدكتور زاهى حواس حضور مختلف، فهو لم يأت إلى الشارقة ضيفًا عاديًا، بل باعتباره شاهدًا على أسرار حضارة لا تزال تبهر العالم، بين دهشته بالتنظيم، وشغفه بالكشف عن الماضي، ورغبته في تصحيح الأساطير التي التصقت بالحضارة المصرية، جاء حواره مع "اليوم السابع"، ليكشف جوانب عديدة من تجربته الطويلة ورؤيته للمستقبل الثقافي العربي.. إلى نص الحوار..

- كيف ترى مشاركتك في معرض الشارقة الدولي للكتاب هذا العام؟

أولا أعرب عن سعادتي الكبيرة بالمشاركة في معرض الشارقة الدولي للكتاب بدورته 44، وقد أسعدني ما لمسته من مستوى رفيع في التنظيم، ومن جودة المشاركين والحضور، ويسرني أن أقدم ندوة حول الأسر المصرية، وهي المرة الأولى التي تطرح فيها هذه الندوة في الشارقة، مما يزيد هذه التجربة تميزاً بالنسبة إلي.

- ما الرسالة التي تحرص  على إيصالها للجمهور العربي من خلال هذا الحضور؟

أوجه رسالتي إلى الجمهور العربي من خلال هذا الحضور، فأرغب أولًا في ترسيخ عظمة الحضارة المصرية القديمة، وإبراز ما يمكن أن نستفيده اليوم من إرث المصريين القدماء الذين حكموا بالحق والعدل، وأؤكد أن مشروعهم القومي الأكبر، المتمثل في بناء الهرم أو المقبرة الملكية، وشكل جوهر حياتهم وفلسفتهم، وأقدم كذلك أحدث الاكتشافات الأثرية التي أعمل على إيصالها إلى الجمهور العربي، بما يفتح آفاقًا جديدة لفهم هذه الحضارة العظيمة.

- برأيك..  كيف يمكن لمعارض الكتب أن تساهم في نشر الوعي الأثري والتاريخي بين الأجيال الجديدة؟

يكتسب دور معارض الكتب أهمية كبيرة في تعزيز الوعي الأثري بصورة لافتة، ولذلك أتمنى أن تزداد استضافتها للأثريين للحديث عن حضارات متعددة، لا عن الحضارة المصرية وحدها، بل عن حضارات العراق القديم وسوريا وفلسطين واليمن، فهي حضارات عريقة تستحق الإضاءة عليها، وأدعو إلى إنتاج برامج تلفزيونية تعنى بهذه الموضوعات، لأنها تسهم في رفع الوعي الأثري لدى الجمهور، ولا سيما بين الشباب.

-  هل ترى أن الاهتمام بالتراث الإنساني يحظى بمكانه المستحق في مثل هذه الفعاليات الثقافية الكبرى؟

يبدو واضحًا أن الاهتمام بالتراث الإنساني يحظى بمكانة مهمة في هذه الفعاليات الثقافية، إذ دعوني من مصر لأتحدث في ندوة كبرى عن الحضارة المصرية القديمة، كما رتبوا تنظيم محاضرة موجهة للشباب في الجامعة الأمريكية التي ترأسها الشيخة بدور القاسمي، وهذا يؤكد بجلاء حجم العناية التي توليها الشارقة لهذا المجال.

- اعتدنا أن تبهرنا كل عام باكتشاف أثري جديد.. كيف ترى فترة عملك مع البعثات المختلفة.. هل هناك اكتشافات حديثة يمكن أن تكشف عنها الآن؟

الحديث عن البعثات المصرية مستمر، فأعبّر عن فخري بما تحقق خلال الفترة التي توليت فيها مسئولية الآثار، إذ أطلقت عددًا من البعثات العلمية التي عملت في مختلف المواقع الأثرية داخل مصر، وأسهمت هذه البعثات في الكشف عن مجموعات مهمة من اللقى الأثرية، وفي فتح ملفات جديدة في دراسة الحضارة المصرية القديمة، وأؤكد أن التعاون بين البعثات المصرية والدولية عزز مكانة مصر البحثية، ورفع مستوى الدراسات الأثرية التي نقدّمها إلى العالم، ستكشف عن اكتشاف أثري كبير داخل هرم خوفو العام المقبل 2026.

- ما القطعة أو الاكتشاف الذي تعتبره الأقرب إلى قلبك في مسيرتك الطويلة؟

اعتبر اكتشاف المدينة الذهبية في الأقصر أقرب الاكتشافات إلى قلبي، فهو كشف بالغ الأهمية يعود إلى عهد الملك أمنحتب الثالث، وحملت المدينة اسم "إشراقة آتون"، وهو الاسم نفسه الذي لقب به أمنحتب الثالث، وتظهر لدينا الآن أدلة ترجح أن أمنحتب الثالث ربما كان هو نفسه "إشراقة آتون"، إذ تبين من خلال النصوص أن إخناتون حين اعتلى العرش قال إنه يبني هذه المدينة لوالده "آتون".

وتتضمن هذه المدينة عددًا كبيرًا من الورش الملكية التي تشير إلى أن صناعة التماثيل واللوازم الملكية خضعت لتنظيم واضح، وربما صُنِعت فيها أعمال أسرة إخناتون كاملة. ويُعدّ هذا الكشف من أضخم الاكتشافات التي قدّمت لنا معلومات غير مسبوقة عن الفنانين الذين عاشوا في العصر الذهبي، أي عصر الأسرة الثامنة عشرة، وبلا شك، يمثل هذا الكشف نقطة تحول في فهمنا لحياة المصريين القدماء وفنونهم.

- كيف ترى المتحف المصري الكبير بعد افتتاحه؟ وهل يحقق الحلم الذي طالما تحدثت عنه في عرض التراث المصري للعالم؟

يمثل افتتاح المتحف المصري الكبير حدثًا عظيمًا بكل المقاييس، إذ أؤمن بأنه سيسهم بقوة في إنعاش الاقتصاد المصري،  لما سيجلبه من سياح من مختلف أنحاء العالم، وأؤكد أن مصر قادرة خلال عامين فقط على استرداد قيمة ما صُرف على هذا المشروع الضخم، بفضل العائد السياحي المتوقع.

ويعد المتحف من أهم المشروعات التي رفعت الوعي الأثري لدى المصريين، إذ بات الجميع يفكر في زيارته، ولا أنسى أسرة جاءت من الوادي الجديد، مصطحبة الأبناء خصيصًا لزيارة المتحف، وهي ظاهرة لم نشهدها من قبل بهذا الشكل، ما يعكس حجم التأثير الحقيقي لهذا الصرح، ومن وجهة نظري، يعد المتحف المصري الكبير أعظم مشروع ثقافي في القرن الحادي والعشرين

-  ما القطع الأثرية التي ترى أنها ستكون "أيقونة" المتحف المصري الكبير؟

تضم القطع الأثرية المعروضة في المتحف المصري الكبير مجموعة من أهم الأيقونات التاريخية، وتأتي في مقدمتها القطع المكتشفة داخل مقبرة "خع سخم" حارس أم الملك خوفو، وهي أول مقبرة ملكية يكشف عنها في مصر عام 1925، وتشكل مجموعة بالغة الأهمية في تاريخ علم الآثار.

وتبرز أيضًا آثار توت عنخ آمون، ولعل أهمّها في رأيي كرسي العرش الذي يجسد المشهد الشهير للحب بين الملك توت عنخ آمون والملكة عنخ إسن آمون، وهو من أجمل المناظر الفنية في تاريخ مصر القديمة، ويعرض كذلك القناع الذهبي الذي يعد من أعظم القطع الأثرية التي صنعت في التاريخ، إلى جانب التابوتات الضخمة الخاصة بالملك.

كما اعتبر متحف مراكب الشمس إنجازًا أثريًا استثنائيًا، إذ يمثل نقل مركب الشمس من موقعها جنوب الهرم إلى مقرها الجديد بجوار المتحف المصري الكبير عملية رائدة تعد من أهم الأعمال الهندسية والأثرية في العصر الحديث، ويعد هذا المتحف نفسه أيقونة لا يدرك كثيرون قيمتها الحقيقية.

ويستقبل المتحف زواره بتمثال الملك رمسيس الثاني، الذي أصبح نقطة اللقاء الأولى لكل الزائرين والوفود والشخصيات العامة، بما يعكس مكانة هذا الصرح الثقافي العالمي

- ما أكثر الأساطير التي واجهتها في عملك وتعتقد أن الوقت حان لتصحيحها؟

أصحح في كل مناسبة الأساطير التي صادفتها طوال حياتي حول ما يسمى "لعنة الفراعنة"، فأؤكد أنه لا وجود لها على الإطلاق، وأفند كذلك الادعاءات التي تزعم أن الهرم بناه كائنات جاءت من الفضاء، أو أنه شيد على يد حضارات مفقودة، فأوضح بالأدلة العلمية أن هذه الأفكار لا أساس لها، وأتناول أيضًا موضوع "الأفريسنتريك" في كل محفل، وأعمل على تصحيح ما يرد فيه من أخطاء وتشويهات، وأعتبر نفسي مسئولاً عن الدفاع عن الحضارة المصرية من أي تحريف أو إساءة توجه إليها، لأنها إرث إنساني يستحق الحقيقة، لا الخرافة.

- ما الذي يجعل الحضارة المصرية القديمة متجددة رغم مرور آلاف السنين؟

تظل الحضارة المصرية متجددة ومثيرة للدهشة، إذ يكفي أن تسأل طفلًا صغيرًا في أي مكان في العالم عن مصر، ليذكر على الفور خوفو، توت عنخ آمون، وأول مقبرة مكتشفة بالكامل التي احتوت هلة اكثر من 5000 قطعة،  وتثير هذه الاكتشافات شغف الناس وتلفت انتباههم، ولهذا السبب تواصل الاكتشافات الجديدة في مصر إلهام الناس حول العالم، وتعزز وعيهم بتاريخ وحضارة هذه الأرض العريقة

- كيف ترى تناول الإعلام العربي لقضايا الآثار والتراث؟ وهل تشعر أنه يقدم الصورة الحقيقية للحضارة المصرية؟

أرى أن الإعلام مقصر في نقل الحضارة المصرية وإبرازها، إذ لا يقتصر دوره على نقل القضايا اليومية فقط، وأؤكد أنه يجب على أجهزة التلفزيون في مصر إنتاج أفلام للأطفال عن الحضارة المصرية، بالإضافة إلى أفلام للكبار تحتوي على الإثارة والمعرفة، لتقديم المعلومات بأسلوب شيّق وجاذب، ولا يوجد في التلفزيون المصري أو أي جهة أخرى أي إنتاجات عن الحضارة المصرية حتى الآن، وهذا عيب كبير، ولذلك يجب عرض حضارتنا بشكل جميل وملهم، لأن الإنسان الذي لا يعرف تاريخه لا يستطيع أن يبني مستقبلًا أفضل

- إذا طلب منك أن تكتب كتابًا جديدًا عن تجربتك الطويلة.. ما العنوان الذي ستختاره له؟

إذا قررت كتابة كتاب لتوثيق تجربتي الحياتية بالكامل، اختير له عنوان "الحارس" لأنني أعتبر نفسي حارسًا لهذه الحضارة من كل محاولة لتشويهها أو تحريفها

- إلى أي مدى ترى أن التعاون الثقافي بين مصر والإمارات يسهم في تعزيز الوعي بالتراث العربي المشترك؟

أؤكد أن التعاون بيننا وبين الإمارات مهم جدًا، فقد شاهدت من خلال الشيخ سلطان القاسمي عظمته وتواضعه، ورجلًا يحب مصر والحضارة المصرية، ولهذا السبب كتبت كتابًا بعنوان "اسأل عالم آثار: مئة سؤال ومئة إجابة عن تاريخ وعظمة الإمارات"، موجها للشباب من سن 10 إلى 16 عامًا، وتعد هذه المرة الأولى التي يكتب فيها مصري كتابًا شعبيًا يصل إلى الجماهير بهذا الشكل، وقد نال الكتاب إعجابًا كبيرًا في معرض القاهرة الدولي للكتاب، كما ساهم في تعزيز نهضة مصر الثقافية والفكرية.

- هل ترى أن هناك إمكانية لإطلاق مشروعات عربية مشتركة في مجال حفظ وصون الآثار؟

أرى أن الجامعة العربية تقع على عاتقها مسئولية مهمة، إذ يجب عليها تنفيذ مشاريع كبرى لترميم التراث الذي تضرر في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وأؤكد ضرورة إقامة بعثات عربية مشتركة مع البعثات الأجنبية، للعمل على صيانة هذه الآثار وحفظها، إذ أن موجات الربيع العربي تسببت في تدمير كامل للعديد من المواقع الأثرية الهامة.

- ما الرسالة التي تود أن توجهها للعالم من خلال وجودك هنا في الشارقة..  عاصمة الثقافة العربية المستدامة؟

أوجه رسالتي من خلال حضوري في الشارقة بأنني جئت لأمثل مصر وأتحدث عن حضارة عظيمة، وأقدم ندوة للجماهير لأبين لهم عظمة الحضارة المصرية القديمة، وما يمكننا جميعًا أن نتعلمه من هذه الحضارة التي أسرت قلوب الناس في كل مكان حول العالم.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب