انطلقت، أعمال الدورة الـ12 من مؤتمر الشارقة الدولى للمكتبات، الذى تنظمه هيئة الشارقة للكتاب بالتعاون مع "جمعية المكتبات الأميركية"، بالتزامن مع فعاليات الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولى للكتاب، بحضور 400 متخصصاً من الأكاديميين والباحثين وأمناء المكتبات من 30 دولة من مختلف أنحاء العالم.
وشهد افتتاح المؤتمر أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذى لهيئة الشارقة للكتاب، والدكتورة ماريا ماكولي، الرئيسة المنتخبة لجمعية المكتبات الأمريكية، مديرة مكتبات كامبريدج العامة، بحضور مايكل داولينغ، مدير مكتب العلاقات الدولية فى جمعية المكتبات الأمريكية، والدكتورة ساندى هيرش، نائب عميد الشؤون الأكاديمية فى كلية المعلومات والبيانات والمجتمع بجامعة ولاية سان خوسيه فى كاليفورنيا؛ إلى جانب نخبة من أمناء المكتبات والخبراء والمتخصصين فى قطاع المكتبات من جميع أنحاء العالم.
محاور مؤتمر المكتبات
ويناقش المؤتمر مجموعة من المحاور الرئيسة التى تستشرف مستقبل المكتبات فى العصر الرقمي، وتبحث فى دورها المتنامى فى دعم التحول الرقمي، وبناء السياسات والتشريعات المعرفية التى تكفل وصولاً عادلاً إلى المعلومات. كما يسلّط المؤتمر الضوء على مكانة المكتبات كمراكز للابتكار والتعلّم مدى الحياة، ومحركات للتنمية المجتمعية المستدامة.
أساس للنهوض ومفتاح لتحقيق الطموحات
وفى كلمته خلال حفل افتتاح المؤتمر، عبر أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذى لهيئة الشارقة للكتاب، عن الفخر بتنظيم المؤتمر بالشراكة مع جمعية المكتبات الأمريكية للسنة الثانية عشرة على التوالي، حيث أصبح نموذجاً يحتذى به بالتعاون الدولى فى تطوير قطاع المكتبات، مشيراً إلى أن هذه الشراكة شكّلت علامة فارقة فى مسيرة المؤتمر، وأسهمت فى ترسيخ مكانة الشارقة كمركز عالمى للحوار حول مستقبل المكتبات والتعليم والثقافة.
وقال العامري: "حين أسس الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، المشروع الثقافى والحضارى للشارقة وضع المكتبات أساساً ومفتاحاً للنهوض، ومساراً للوصول إلى التطلعات والطموحات، وها نحن هذا العام نحتفى بمرور مئة عام على تأسيس مكتبات الشارقة العامة، وننظر إليها بفخر وقد أصبح فرعها فى كل مكان فى الشارقة جزءاً من حياة أهل الإمارة وسكانها".
الأبعاد النفسية والعلاجية للمكتبات
وفى كلمتها خلال المؤتمر، أكدت الدكتورة ماريا ماكولي، أن المكتبات لا تقتصر قيمتها على الجانب العلمى والمعرفى فحسب، بل تمتد أيضاً إلى أبعاد نفسية وطبية، موضحة أن الكتاب كان ولا يزال ملاذاً للعديد من المرضى، وأسهم فى شفاء بعضهم من أمراض خطيرة. واستشهدت بقصة المريضة "جولي" التى وجدت فى الكتب رفيقاً وداعماً خلال رحلة علاجها من مرض السرطان.
وأضافت أنهم يعملون على بناء شراكات اجتماعية مع المدارس والمؤسسات غير الربحية، لتعزيز دور المكتبات فى تنمية الطلاب خارج أوقات الدوام الدراسي، وترسيخ العلاقة بين القراءة والمجتمع من خلال مبادرات تفاعلية تسهم فى تقوية الروابط الإنسانية والمعرفية بين الأفراد.
من جانبه، عبّر مايكل داولينج عن شكره للرعاة الذين أسهموا فى نجاح دورة هذا العام، مشيداً بجهود جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات فى ترجمة عدد من كتب "جمعية المكتبات الأمريكية" إلى اللغة العربية بدعم من هيئة الشارقة للكتاب. وأكد أن هذه الخطوة تمثل إنجازاً مهماً يعزز التعاون الثقافى والأدبى بين المؤسستين، ويكرّس الشارقة بوصفها جسراً فاعلاً للتواصل المعرفى بين العالم العربى والمجتمع المهنى الدولى فى مجال المكتبات.
مكتبات عام 2035.. التحديات والفرص والمسار
من جهتها، أشارت الدكتورة ساندى هيرش فى جلسة "مكتبات عام 2035: الفرص، التحديات، والمسار نحو المستقبل" إلى أهمية التعلّم من تحديات العقد الماضي، ولا سيما التحولات التى فرضتها الجائحة وتطورات الذكاء الاصطناعي، مؤكدة ضرورة مواءمة خدمات المكتبات مع احتياجات المجتمعات المتغيرة، وتعزيز دورها كمراكز معلومات ودعم خلال الأزمات.
وأوضحت هيرش أن التفكير المستقبلى أصبح عنصراً محورياً فى تطوير المكتبات، داعيةً إلى تمكين العاملين فيها ليكونوا مدافعين عن المعرفة ومستشرفين للمستقبل قادرين على استباق الاحتياجات وتطوير الخدمات. كما استعرضت أبرز محاور كتابها Library 2035 التى تركز على البيئة والمجتمع والشمول والابتكار والتعاون العالمي، مشددةً على أهمية تطوير الكوادر المهنية وتوسيع الشراكات والاستفادة الواعية من تقنيات الذكاء الاصطناعي.
تجارب عالمية فى الابتكار المعرفي
وشهد اليوم الأول من مؤتمر الشارقة الدولى للمكتبات سلسلة من الجلسات المتخصصة التى تناولت مستقبل المكتبات فى ظل التحول الرقمي، حيث ناقشت مارسيلا إسوستر، من جامعة ماكغيل الكندية، موضوع "ما بعد الثقافة المعلوماتية للبيانات: بناء مجتمعات بيانات شاملة وتعاونية". وقدم حمد الحميري، مدير إدارة البحوث والخدمات المعرفية فى الأرشيف الوطني، ورقة بعنوان "التقنيات والابتكارات الناشئة".
وتحدثت نادين أشقر، مديرة مكتبات التعليم العالمية فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا فى "أوفردرايف"، فى جلسة بعنوان "مكتبتك الرقمية: الكتب الإلكترونية والصوتية للجميع"، وتناولت ريم الطرابلسي، مديرة مكتبة كلية العلوم بصفاقس فى تونس، تجربة تحويل المكتبة الجامعية إلى بيئة تعليم حديث فى جلستها "من الحلم إلى الإنجاز". كما تحدث تريفور واتكنز، أمين مكتبة جامعة جورج ماسون بفيرجينيا فى الولايات المتحدة حول موضوع "إنشاء مجتمع ممارسين للذكاء الاصطناعي".
واستُهلّت الدورة الثانية عشرة من مؤتمر الشارقة الدولى للمكتبات بيوم استباقى خُصّص لتنظيم عدد من الورش المتخصصة التى ركزت على تطوير مهارات العاملين فى قطاع المكتبات وتعزيز جاهزيتهم لمستقبل المعرفة؛ حيث ركزت تلك الورش على تطوير مهارات العاملين فى قطاع المكتبات وتعزيز جاهزيتهم لمستقبل المعرفة، إضافة إلى الحديث عن دور أمناء المكتبات كمعلمين وموجهين فى تعزيز الثقافة المعلوماتية، كما قدمت الورش تطبيقات عملية لاستخدام الذكاء الاصطناعى فى المكتبات العامة والأكاديمية والمدرسية.