يُعد حمض الدوكوساهيكسانويك (DHA) من أكثر الأحماض الدهنية أهمية لصحة الإنسان، إذ أثبتت الأبحاث أنه يلعب دورًا وقائيًا حيويًا ضد أمراض العصر المزمنة، مثل أمراض القلب، والاكتئاب، والسكر، واضطرابات الدماغ التنكسية كألزهايمر، لا يقتصر تأثير هذا الحمض على البالغين فقط، بل يمثل أيضًا عنصرًا أساسيًا لنمو دماغ الأطفال وبصرهم فى السنوات الأولى من العمر، وفقًا لتقرير نُشر فى موقع Vinmec.
ما حمض DHA ولماذا يحتاجه الجسم؟
ينتمى DHA إلى عائلة أحماض أوميجا-3 الدهنية، وهى دهون مفيدة لا ينتجها الجسم بشكل كافٍ، بل يجب الحصول عليها من الغذاء، يوجد هذا الحمض بنسبة مرتفعة فى أنسجة المخ وشبكية العين، مما يفسر ارتباطه الوثيق بالذكاء والإبصار.
توضح الدراسات أن تناول كميات كافية من DHA يساعد فى خفض الالتهابات داخل الجسم، ويحافظ على مرونة الأوعية الدموية، ويقلل من تراكم الدهون الضارة، مما يجعله حاميًا طبيعيًا من الجلطات ومشكلات الشرايين، كما أن وجوده فى الخلايا العصبية يعزز من سرعة التواصل بين خلايا الدماغ، وهو ما ينعكس على الانتباه، والذاكرة، والقدرة على التعلم.
نقص DHA.. مشكلة تبدأ في الرحم
من المثير للقلق أن نقص هذا الحمض لا يؤثر فقط على صحة البالغين، بل يبدأ أثره منذ فترة الحمل، المرأة الحامل التي لا تحصل على كفايتها من DHA قد تواجه مشكلات مثل الولادة المبكرة، وتسمم الحمل، والاكتئاب بعد الولادة، كما أن الجنين قد يتأثر سلبًا من حيث نمو الدماغ والجهاز العصبي.
وتضيف أن DHA ينتقل من الأم إلى الجنين عبر المشيمة، ثم من خلال حليب الأم بعد الولادة، ولهذا فإن الرضاعة الطبيعية تمثل المصدر الأول لتزويد الطفل بهذا الحمض الحيوي، والأطفال الذين يحصلون على كميات كافية من DHA خلال عامهم الأول يتمتعون عادة بقدرات إدراكية أفضل، وتطور بصري أسرع، واستجابة مناعية أقوى.
حمض DHA ليس مجرد عنصر غذائي، بل هو استثمار طويل الأمد في صحة الدماغ والقلب والجسم ككل.
الاهتمام بالحصول عليه بانتظام — سواء من الغذاء أو المكملات — يمكن أن يحمي من أمراض مزمنة ويمنح الأطفال بداية قوية في الحياة.
إن التوازن في تناول الأطعمة الغنية بالأحماض الدهنية الصحية ينعكس على الذكاء، والمزاج، والمناعة، وهو ما يجعل DHA أحد أسرار الحياة الصحية في كل المراحل العمرية.
أهم الأطعمة الغنية بحمض DHA
الحصول على DHA لا يتطلب مكملات دوائية بالضرورة، بل يمكن تأمينه من خلال نظام غذائي متوازن يشمل مجموعة من الأطعمة الغنية بالأحماض الدهنية المفيدة..
1. الأسماك الدهنية مثل السلمون، والسردين، والتونة، والماكريل تعتبر المصدر الأغنى بـDHA، وتكفي وجبتان أسبوعيًا لتلبية احتياجات الجسم.
2. المأكولات البحرية كالحبار، والروبيان، والسلطعون غنية أيضًا بالكالسيوم والبروتين إلى جانب الأحماض الدهنية المفيدة.
3. صفار البيض يحتوي على نسبة جيدة من DHA بالإضافة إلى مادة الكولين، الضرورية لتطور خلايا الدماغ.
4. المكسرات مثل الجوز واللوز والفول السوداني تمد الجسم بأحماض أوميجا-3 النباتية، وتساعد على تحسين الذاكرة والتركيز.
5. الخضراوات الورقية كالجرجير والسبانخ والبروكلي لا تحتوي على DHA بشكل مباشر، لكنها غنية بمركبات تساعد الجسم على الاستفادة من الأحماض الدهنية بشكل أفضل.
6. الحليب المدعم للحوامل والأطفال يوفر خيارًا عمليًا لتغطية النقص الغذائي خصوصًا في الفترات التي تقل فيها الشهية أو التنوع الغذائي.
من يحتاج إلى مكملات DHA؟
رغم أن الغذاء هو المصدر الأساسي، إلا أن بعض الفئات تحتاج إلى دعم إضافي من المكملات.
الحوامل والمرضعات من أكثر الفئات التي يُنصح لهن بتناول مكملات DHA، إذ يحتاج الجنين في المراحل الأخيرة من الحمل إلى نحو 2 جرام يوميًا من الأحماض الدهنية لتطوير دماغه وأوعيته الدموية.
أما الرضع الذين لا يرضعون طبيعيًا، فيُستحسن أن يتناولوا حليبًا صناعيًا مدعّمًا بـDHA وEPA لضمان نمو طبيعي، وفي مرحلة الطفولة المبكرة (من عمر عام إلى ست سنوات)، تزداد أهمية هذا الحمض مع بدء الطفل في التعلم والنشاط الذهني، لذا يُنصح بتضمين مصادر DHA في غذائه اليومي.
علاقة DHA بصحة البالغين
لا تقتصر فوائد DHA على مراحل النمو المبكرة، بل تمتد لتشمل صحة القلب والدماغ لدى البالغين.
فهو يعمل على خفض مستويات الدهون الثلاثية، ويحسن من استجابة الإنسولين، مما يقلل من خطر الإصابة بالسكر من النوع الثاني، كما أن له تأثيرًا مهدئًا على الجهاز العصبي، يقلل من التوتر ويقي من الاكتئاب.
وتشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يتناولون الأسماك الدهنية بانتظام يتمتعون بقدرات ذهنية أعلى، وفرص أقل للإصابة بالخرف مع التقدم في السن.
كيف يمكن ضمان الحصول على كمية كافية من DHA؟
تناول الأسماك مرتين أسبوعيًا على الأقل، مع التنويع بين الأنواع.
إدخال المكسرات والبذور مثل الجوز وبذور الكتان في الوجبات اليومية.
اختيار الزيوت النباتية الغنية بالأوميجا 3 مثل زيت الكانولا وزيت بذور الشيا.
استشارة الطبيب قبل تناول أي مكمل غذائي لتحديد الجرعة المناسبة حسب العمر والحالة الصحية.