الفن القبطى تراث مصرى أصيل.. يحمل ملامح الفن الفرعونى ويعبر عن الشعب لا الحكام.. يجمع بين الدينى والمدنى ويستمد رموزه من البيئة المصرية.. رموز السمكة والطاووس والنسر تحمل دلالات المسيحية والخلود والقيامة

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2025 09:00 ص
الفن القبطى تراث مصرى أصيل.. يحمل ملامح الفن الفرعونى ويعبر عن الشعب لا الحكام.. يجمع بين الدينى والمدنى ويستمد رموزه من البيئة المصرية.. رموز السمكة والطاووس والنسر تحمل دلالات المسيحية والخلود والقيامة كنيسة

كتبت بتول عصام

يُعد الفن القبطي أحد أبرز ملامح الهوية المصرية الأصيلة، فهو ليس مجرد نتاج مرحلة دينية محددة، بل امتداد طبيعي للفن المصري القديم الذي ظل حاضرًا في وجدان الفنان القبطي، فاحتفظ بالخصائص الجمالية والرمزية التي تميز بها الأجداد منذ آلاف السنين.

ويرى مؤرخون أن الرسوم الجدارية القبطية، المحفوظة حتى اليوم في أديرة باويط قرب أسيوط ودير الأنبا أرميا بسقارة، تمثل أولى الشواهد على هذا الامتداد، حيث استخدم الفنان القبطي تقنية "الفريسك" أو الرسم على الجدران بطبقة من الطين الطازج، وهي أعمال ما زال بعضها محفوظًا في المتحف القبطي بمصر القديمة.

وتزدان الأديرة المصرية الأثرية، مثل دير البراموس والسريان والأنبا بيشوي والأنبا أنطونيوس، برسوم جدارية تعود إلى القرنين السادس والثامن الميلاديين، قبل أن يتجه الفنانون لاحقًا إلى الرسم على الخشب لتأسيس ما عُرف لاحقًا بفن الأيقونة، الذي اشتهر به فنانون مثل يوحنا الأرمني وإبراهيم الناسخ في القرن الثامن عشر.

ملامح فنية أصيلة

أما عن الصفات العامة للفن القبطي، فقد تميز بكونه فنًا شعبيًا يعبر عن الناس وحياتهم اليومية لا الحكام أو القصور، وفنًا دينيًا ومدنيًا في آنٍ واحد، يظهر في كنائس مصر القديمة وأيضًا في أدوات الحياة اليومية مثل الأمشاط ولعب الأطفال ورسومات الحيوانات.


كما يختلف الفن القبطي عن المصري القديم في كونه أكثر اهتمامًا بالجمال والرموز لا بالضخامة. فهو فن مستمد من البيئة المصرية، فبدلًا من التماثيل العملاقة والمعابد، اختار الفنان القبطي التعبير عن الإيمان والخلود برموز مثل السمكة (رمز المسيح)، الطاووس (رمز الخلود وكمال الرؤية)، والنسر (رمز القيامة والتجدد)، إلى جانب رموز الحروف اليونانية مثل الألفا والأوميجا أو XP التي ترمز للمسيح المخلص.

الأيقونة القبطية.. لاهوت في صورة

وفي الأيقونة القبطية، تتجلى الملامح الفنية بوضوح: فهي تحمل روح الفرح والغلبة، وتعكس الحب والحنان، وتجسّد القديسين والشهداء كرموز للإيمان والانتصار. أما على المستوى التشكيلي، فتظهر الرؤوس ضخمة رمزًا للوقار والحكمة، والعيون واسعة رمزًا للنقاء والبراءة، في تأثر واضح بالفن الفرعوني الذي ميّز عيون الملوك بالاتساع.


ويجمع الباحثون على أن الفن القبطي، سواء في جدارياته أو أيقوناته، كان انعكاسًا حيًا للهوية المصرية التي لم تنقطع منذ الفراعنة، بل استمرت في أشكال جديدة، مؤكدة أن مصر أرض حضارة متصلة الحلقات، تتجدد مع كل عصر دون أن تفقد جذورها.


الفن القبطي لم يكن مجرد فن ديني، بل حركة فنية متكاملة عبرت عن المصريين في حياتهم اليومية وإيمانهم العميق وهو اليوم شاهد حي على تواصل الحضارة المصرية، من الجداريات الفرعونية إلى الأيقونات القبطية، ليظل الفن القبطي تراثًا نابضًا يجمع بين الجذور المصرية والروح المسيحية، ويرسخ مكانة مصر كأرض حضارة ممتدة لا تعرف الانقطاع.

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة