جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر ومن أول الأشياء التي أمر بها نابليون بونابرت القرار الذي أصدره في 22 أغسطس 1798 بإنشاء هيئة علمية على غرار "المعهد الوطني" في باريس، حملت اسم "المجمع العلمي المصري" بهدف تنظيم البحث ونشر التنوير في مصر ودعم قرارات الإدارة العسكرية بالمعرفة، وبعد يوم واحد فقط، انعقدت أولى الجلسات.
وانعقدت الجلسة الافتتاحية في 23 أغسطس في أحد القصور بحي الأزبكية في القاهرة، ترأّس الجلسة العالم جاسبار مونج، وانتخب نابليون نائبًا للرئيس، وتولى جوزيف فورييه وكوستاز مهمة الأمانة.
وحدّد نابليون ومُنظِّمو المجمع أهدافًا صريحة: تشجيع التقدّم ونشر التنوير في مصر، ودراسة الطبيعة والصناعة والتاريخ، وإبداء الرأي للحكومة في المسائل المعروضة، عمليًا، جمع المجمع بين وظيفة علمية أنتجت معرفة تأسيسية بتاريخ وطبيعة مصر الحديثة، ووظيفة سياسية/دعائية واكبت متطلبات الاحتلال وأدواته الإعلامية.
قسم المجمع إلى أربعة أقسام: الرياضيات، والفيزياء/التاريخ الطبيعي والطب، والاقتصاد السياسي، والآداب والفنون، بحد أقصى 12 عضوًا لكل قسم، واستقطب علماء "لجنة العلوم والفنون" المرافقة للحملة، وبلغ عدد الأعضاء الأساسيين نحو 48 عالمًا، من أبرزهم برتلو وجفروي سان-هيلير وفيفان دونو.
ماذا فعل المجمع؟
إصدارات ومنابر: نشر المجمع أبحاثه أولًا في الدورية المحلية La Décade égyptienne ثم في أربعة مجلدات بعنوان Mémoires sur l’Égypte (1798–1801) كما صدر عن دائرة العلماء صحيفة Courrier de l’Égypte – بدءًا من 29 أغسطس 1798 – بإشراف فورييه، وكانت أداة دعائية ومعرفية لرفع الروح المعنوية وتعميم الأخبار.
مشروعات علمية مبكرة: تناولت أعماله الأولى قضايا عملية مثل تنقية مياه النيل، وتفسير السراب الصحراوي، ودراسة مومياوات طائر أبو منجل، إلى جانب مسوح طبيعية وهندسية واسعة.
مشروع "وصف مصر" : في 22 نوفمبر 1799 قرر المجمع جمع العلماء في عمل موسوعي أصبح لاحقًا وصف مصر، الذي طُبع تباعًا بين 1809 و1828 في طبعات ضخمة من النصوص واللوحات.
استمر نشاط المجمع حتى مارس 1801 مع انسحاب الفرنسيين، لكنه ترك تراثًا أحدث منعطفًا في دراسة مصر وآثارها وتاريخها الطبيعي. وفي العصر الحديث، تعرّض مقره التاريخي في القاهرة لحريق كبير عام 2011 ثم أُعيد افتتاحه في 2012، في إشارة إلى استمرار رمزيته كأقدم مؤسسة علمية حديثة في البلاد.