الحضارة المصرية القديمة واحدة من أهم الحضارات في العالم القديم، والجانب الديني منها حافل بالعديد من التفاصيل التي تستحق التوقف ومن ذلك ما يسمى بشجرة الآلهة، ويقول الباحث العراقي خزعل الماجدي في كتابه "الديانة المصرية" تحت عنوان "آلهة الأقاليم":
عندما تكوَّنت المدن المصرية القديمة كان لكل مدينة إله، وكان لهذا الإله معبده الخاص وطقوسه وأعياده، وظلت آلهة المدن، في مستوى قداستها نفسه حتى عندما طغت عليها آلهة الأقليم التي ضمت عدة مدن، وحتى عندما عبدت الآلهة الكونية فيها وكان إله المدينة يعتبر عند سكانها أعظم من آلهة المدن الأخرى، فهو الذي خلق كلَّ شيء وهو واهب الخيرات والنعم وقد ظل إله المدينة حتى أواخر الحضارة المصرية على صلة وثيقة بمدينته، فكان لواؤه هو نفسه علم المدينة التي نشأت عبادته فيها، وكان في كثير من الأحيان يسمى باسمها ويلقب بأنه سيدها، كما كانت المدينة نفسها تسمى بيته.
لقد منحت بعض المدن أسماءها إلى الآلهة (أو العكس) فمدينة نخب (شمال إدفو) منحت اسمها للإلهة نخبت الإلهة الرخمة. وكذلك مدينة باست (بوبسطة أو الزقازيق) التي منحت اسمها للإلهة باستت الإلهة القطة. وكان الإله تحوت يلقب بأنه سيد الأشمونين، وسماها الإغريق هيرموبوليس (مدينة هرمس الذي هو تحوت) … إلخ.
وعندما يتكون الإقليم يرتفع شأن المدينة التي أصبحت عاصمة للإقليم، ولذلك أصبح إله تلك المدينة إلهًا للإقليم بأكمله، وكان الكهنة في هذه الحال يسلكون أحد أمرين: فإما يهملون إله مدنهم الخاصة ويتملقون إله الإقليم، وإما يقربون صفات الإله الخاص من إله الإقليم ويذيبون الفروقات بينهما ويدعون أنه صورة من إله الإقليم وبذلك تتحور وظيفته أو تصبح له وظيفة جديدة، ويعتبر المنهج الذي قام بتطبيقه فرانسوا دوماس في تقصي آلهة المدن والأقاليم المصرية منهجًا كميًّا قديمًا، فقد أحصى وتتبع الآلهة المصرية من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، ولم يكشف لنا كتابه المكرس لهذا الغرض الإيقاع الذي كانت تنبض به أرض مصر روحيًّا، بل كان مجرد سرد جغرافي–ثيولوجي
لقد كانت الأقاليم المصرية مثار تدوين واعتناء من قبل المصريين القدماء أنفسهم، وقد وصلت على جدران الهياكل والمعابد قوائم بهذه الأقاليم التي كانت تنقسم بصورة عامة إلى قسمين؛ هما: أقاليم الوجه القبلي وعددها (٢٢) إقليمًا. وأقاليم الوجه البحري وعددها (٢٠) إقليمًا. ولم يكن تقسيم الأقاليم في مصر متغيرًا، وحافظت عليه طوال عصورها الفرعونية.
ومن الجدير بالذكر أن لكل إقليم إشارة خاصة كانت تصور على أعلام وتثبت فوق العلامة الهيروغليفية التي ترمز للإقليم. وفي مرحلة لاحقة صُوِّرت هذه الإشارات والأسماء فوق رأس سيدة تحمل بين يديها ما يرمز لخيرات الإقليم. أما في العصور المتأخرة واليونانية والرومانية فقد شاع تمثيل الأقاليم على هيئة إله النيل يحمل شارة الإقليم فوق رأسه .
ومن أجل إحصاء دقيق لتلك الأقاليم القبلية والبحرية وأسمائها المصرية واليونانية واللاتينية وعاصمتها واسمها الحديث، والآلهة التي عُبدت فيها عملنا على وضع هذين الجدولين المرقمين اللذين نظمها الأستاذ عبد العزيز فهمي صادق .