كيف تصدى المشرع المصري للجرائم السيبرانية عبر العالم الافتراضي؟.. القوانين تنال من مهددي الأسر باستخدام التكنولوجيا.. وعضو لجنة الأسرة بالحوار الوطني تشدد على ضرورة الإبلاغ: العقوبات رادعة

السبت، 08 فبراير 2025 10:30 ص
كيف تصدى المشرع المصري للجرائم السيبرانية عبر العالم الافتراضي؟.. القوانين تنال من مهددي الأسر باستخدام التكنولوجيا.. وعضو لجنة الأسرة بالحوار الوطني تشدد على ضرورة الإبلاغ: العقوبات رادعة جرائم الإزعاج السب والقذف والتشهير والابتزاز

كتب: أحمد قنديل

في زمنٍ باتت فيه التكنولوجيا سيدة الموقف، وأصبحت الشاشات تنبض بالحياة أكثر من قلوب البشر، وُلدت أسرٌ داخل قوقعةٍ رقمية، حيث يُختزل التواصل في رموزٍ ورسائل عابرة، ويضيع الدفء العائلي بين إشعاراتٍ لا تهدأ. في قلب هذه العاصفة الرقمية، نشأت أسرةٌ كانت تنعم بالترابط والتماسك، لكن سرعان ما وجدت نفسها مهددة، ليس بسيوفٍ ملموسة، بل بكلماتٍ نافذة كالسهم، وعباراتٍ تُلقي بظلالها الثقيلة على سمعة أفرادها.

لم يكن الإفراط في استخدام وسائل التواصل مجرد وسيلة للهروب من الواقع، بل تحول إلى سلاحٍ يشهره البعض للنيل من الآخر، فتسقط الكثير من الأسر وأفرادها ضحية السبّ والقذف والتشهير، والتعرض لإدعاءات باطلة، وأحيانًا ابتزازٍ إلكتروني لا يرحم، حيث تحوّل العالم الافتراضي إلى فخٍّ لا يميز بين بريءٍ ومدان.

إنّها مأساةٌ يعيشها كثيرون، حيث تختلط الحقيقة بالوهم، ويفقد الأمن الأسري حصونه أمام عاصفةٍ رقميةٍ، وربما يخال لبعض مرتكبي هذه الوقائع إنهم بعيدون المنال، كون أن جرائمهم لا تخرج عن العالم الافتراضي، فيأمنون العقاب ويزيدون من أعمالهم، ولعل ما نسمعه يوميًا حول وقوع ضحايا لجرائم الإزعاج، والسب والقذف والتشهير، والابتزاز الإلكتروني خير دليل.


ولكن على هذا القدر الموحش من فوضى العالم الافتراضي، إلا أن المشرع المصري لم يغفل أن يوجه درعًا لصد محاولات هدم الأسر والإيقاع بهم ضحايا، فقد سن عدد من القوانين الرادعة لتحديد أنواع الجرائم الإلكترونية والتكنولوجية التي تقع عبر العالم الافتراضي، وذلك وفقًا لما ذكرته الدكتورة نهى الجندي المحامية وعضو لجنة الأسرة بمجلس أمناء الحوار الوطني في تصريحات خاصة لليوم السابع.


وفندت المحامية نهى الجندي، نماذجًا من أنواع تلك الجرائم التكنولوجية والإلكترونية والعقوبات المقررة ضدها، وفقًا للتشريعات والقوانين المصرية.

جرائم الإزعاج والسب والقذف عبر الوسائل التكنولوجية
جرائم الإزعاج والسب والقذف عبر الوسائل التكنولوجية

 

أولًا.. جريمة الإزعاج عبر وسائل الاتصالات وتطبيقات الدردشة

قالت نهى الجندي، إن المادة 166 مكرر من قانون العقوبات نصت على أن من تسبب عمدًا في إزعاج غيره باستخدام وسائل الاتصالات، يعاقب بالحبس سنة وغرامة لاتزيد عن 100 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.


وأضافت، أيضًا مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد من المنصوص عليها وفقًا لقانون سنة 70 من تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، نصت المادة 76 على أنه، دون الإخلال بحق التعويض المناسب، يُعاقب بالحبس أو بغرامة تتراوح بين 500 جنيه و20,000 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.


وفسرت، أن الشخص المتضرر يمكن له بعد ان يتم إقرار العقوبة الجنائية على الشخص المتسبب له في الإزعاج، يحق له الادعاء بالحق المدني وطلب تعويض مدني يقدر على حسب الضرر الواقع.


ويعرف المتهم بالإزعاج، على إنه كل من استخدم أو ساعد في استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء الاتصالات، أو تعمد إزعاج أو مضايقة الآخرين من خلال إساءة استخدام أجهزة الاتصالات.


ويُقصد بجريمة الإزعاج أو المضايقة العمدية استخدام أي من وسائل الاتصال بطريقة تسبب إزعاجًا للغير، مما يؤدي إلى إقلاق راحته أو تعكير صفوه أو إصابته بالضجر. وقد جرم القانون هذا الفعل متى وقع عبر أي وسيلة اتصال، سواء كان ذلك عن طريق الهاتف، أو الحاسب الآلي، أو البريد الإلكتروني، أو الرسائل الإلكترونية، أو الإنترنت، أو الاتصالات الهاتفية المرئية، أو أي وسيلة أخرى. وبهذا، فإن أي استخدام متعمد لهذه الوسائل بهدف إزعاج أو مضايقة الآخرين يُعد جريمة يعاقب عليها القانون.

جرائم التشهير والابتزاز
جرائم التشهير والابتزاز

 

ثانيًا.. جريمة التشهير والإدعاء عبر وسائل التواصل والنشر والإعلام

ووصفت عضو لجنة الأسرة بمجلس أمناء الحوار الوطني، جريمة التشهير بأخطر الأفعال التي قد يرتكبها الفرد تجاه الآخرين، لما له من تأثير سلبي على سمعتهم وحياتهم الشخصية. ولذلك، يولي القانون المصري اهتمامًا بالغًا لمكافحة هذه الجريمة، حيث يفرض عقوبات صارمة على كل من يتورط فيها.


ونوهت، إلى إنه بموجب المادة 25 من قانون العقوبات، فإن أي شخص يعتدي على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع، أو ينتهك خصوصية الأفراد، أو يرسل رسائل إلكترونية متكررة دون إذن مسبق، أو يستخدم بيانات أشخاص في أنظمة أو مواقع إلكترونية بهدف الترويج دون موافقتهم، أو يقوم بنشر معلومات أو صور عبر الإنترنت دون رضا أصحابها، سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة، أو ينشر إدعاءات وافتراءات ومعلومات خاصة بأحوالهم الشخصية وحياتهم، يُعد مرتكبًا لجريمة التشهير. وتتمثل العقوبة في السجن لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وتوقيع غرامة مالية تتراوح بين خمسين ألف جنيه ومائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

ثالثًا.. جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل بمختلف أنواعها

وفي سياق متصل، أكدت المحامية نهى الجندي، يُصنّف المشرّع المصري إساءة استخدام التكنولوجيا الحديثة في توجيه السباب ضمن عدة جرائم مستقلة، تشمل جريمة السب، وجريمة القذف، بالإضافة إلى جريمة إساءة استخدام وسائل التقنية، وجريمة التعمد في الإساءة عبر النشر، مشيرةً إلى إنه عند ثبوت هذه الانتهاكات، يُحرَّر محضر رسمي، ليُحال الأمر بعد ذلك إلى النيابة العامة أو المحكمة الاقتصادية، نظرًا لاعتبار هذه الأفعال جريمة مركبة تستهدف النيل من الكرامة وإلحاق الأذى المعنوي، الأمر الذي يستوجب توقيع العقوبات القانونية اللازمة.

ولفتت، إلى أن المتهم عند ثبوت الوقائع عليه يعاقب بالغرامة أو الحبس، والحبس هنا يكون وجوبيا، وقد يصل الحبس إلى 3 سنوات بحد أقصى، وغرامة 200 ألف جنيه، والهدف من الحكم القضائى إثبات الإدانة، ويتمكن وقتها المجني عليه الادعاء بالحق المدني.

رابعًا.. جرائم الابتزاز الإلكتروني

تقول نهى الجندي، إن هذا النوع من الجرائم تحديدًا أضحى الأكثر شيوعًا، وغالبًا ما تكن الضحايا من الإناث، موضحةً أن جريمة الابتزاز في الأصل تعني قيام شخص بكشف معلومات محددة عن الأخر في مقابل الحصول على هدف ما يرسم له الفاعل سواء مادي أو معنوي بالإكراه، أو فعل شيء للشخص المهدد في حال رفض الاستجابة لمتطالباته غير المشروعة والتهديد بكشف معلومات أو نشر صور أو مقاطع تخص الشخص المهدد، وغالبًا ما تكون تلك التهديدات مدمرة اجتماعيًا.


وأردفت، أن الابتزاز الإلكتروني يقع عبر استخدام الفاعل للوسائل التكنولوجية ووسائل الاتصالات من أجل إكراه الشخص المهدد للاستجابة لمتطلباته، لافتةً إلى أن أغلب ضحايا الابتزاز الإلكتروني من الإناث، وتتضمن أكثر الجرائم المشهودة وقائع ابتزاز جنسي.
وتابعت، أركان جريمة الابتزاز الإلكتروني تتضمن: دلائل على تهديد الضجية بإلحاق الضرر بها وإجبارها على تسليم أموال أو وجود عامل أخر يشكل خطرًا وضررًا على الضحية في المستقبل.


وواصلت عضو لجنة الأسرة بمجلس أمناء الحوار الوطني، إن جريمة الابتزاز تقر عقوبتها وفقًا للقانون الحبس مدة تصل إلى 15 سنة في حال إحالتها لمحكمة الجنايات حال ارتباطها بوقائع تشير إلى طلب المبتز لأموال مقابل تهديده.


ونصت المادة 326 من قانون العقوبات على أنه "كل من حصل بالتهديد على إعطائه مبلغا من النقود أو أي شيء آخر يعاقب بالحبس. ويعاقب الشروع في ذلك بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين".


كما نصت المادة 327 من قانون العقوبات على أنه "كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو السجن المؤبد أو المشدد أو بإفشاء أمور أو نسب أمور مخدشه بالشرف، وكان التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر يعاقب بالسجن، ويعاقب بالحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر، وكل من هدد غيره شفهيًا بواسطة شخص آخر بمثل ما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه سواء أكان التهديد مصحوباً بتكليف بأمر أم لا، وكل تهديد سواء أكان بالكتابة أم شفهياً بواسطة شخص آخر بارتكاب جريمة لا تبلغ الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه".

وأشادت نهى الجندي، بدور الأجهزة الأمنية الفعال في ملاحقة مرتكبي هذه الأنواع من الجرائم، والقدرة التكنولوجية التي تملكها القطاعات الفنية المتخصصة بوزارة الداخلية لإثبات تلك الوقائع، بالإضافة إلى العدالة المشهودة في أنحاء وأروقة القضاء المصري التي أصدرت أحكام رادعة لنماذج ارتكبت هذه الأفعال.
وأشارت عضو لجنة الأسرة بالحوار الوطني، على أن تلك الجرائم المذكورة سلفًا والتي من شأنها تهديد الحياة الأسرية والاجتماعية للأفراد، هي محرمة دينيًا، فضلًا عن مخالفتها للقانون، مشددة على ضرورة الإبلاغ وعدم الاستسلام للتهديد والترويع، من أجل المصلحة العامة والحد من هذه الجرائم وردع مرتكبيها.

نهى الجندي عضو لجنة الأسرة بالحوار الوطني خلال إحدى الجلسات
نهى الجندي عضو لجنة الأسرة بالحوار الوطني

 

إمكانات الأجهزة الأمنية تتفوق على المجرمين وتتمكن من ملاحقتهم.. والقضاء يردعهم

وأشادت نهى الجندي، بدور الأجهزة الأمنية الفعال في ملاحقة مرتكبي هذه الأنواع من الجرائم، والقدرة التكنولوجية التي تملكها القطاعات الفنية المتخصصة بوزارة الداخلية لإثبات تلك الوقائع، بالإضافة إلى العدالة المشهودة في أنحاء وأروقة القضاء المصري التي أصدرت أحكام رادعة لنماذج ارتكبت هذه الأفعال.

 

موضوعات ذات صلة:

رحلة خفية فى عالم العملات الرقمية.. المواد القانونية فى مواجهة التداول المشفر وجرائمه.. قواعد تنظيم العمل بالعملات الرقمية بالأسواق المصرية.. وكيف تعزز قوانين "المركزى" عملية التحول الرقمى؟

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة