الحوار الوطنى.. مصر تسير بخطى ثابتة نحو الجمهورية الجديدة.. دراسة للمركز المصرى تكشف أولويات المحور السياسى.. وتؤكد: مصر والعالم أجمع يواجهان تحديات غير مسبوقة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية

الجمعة، 12 مايو 2023 08:00 ص
الحوار الوطنى.. مصر تسير بخطى ثابتة نحو الجمهورية الجديدة.. دراسة للمركز المصرى تكشف أولويات المحور السياسى.. وتؤكد: مصر والعالم أجمع يواجهان تحديات غير مسبوقة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية الحوار الوطنى
كتب محمود العمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تسير مصر بخطى ثابتة نحو الجمهورية الجديدة ونحو تحقيق تجربتها الخاصة من التحول الديموقراطي. جمهورية تكون فيها مساحة للجميع، وتحترم حقوق الإنسان، وتضمن العيش الكريم لكل مواطنيها. وفي هذا الإطار، توشك مصر أن تشهد مرحلة جديدة من هذا التحول وهي بدء الجلسات الفعلية للحوار الوطنى يوم 3 مايو 2023. وقد عكست مبادرة الحوار الوطني رؤية القيادة السياسية حول ضرورة تطوير الحياة السياسية في مصر كجزء أساسي من خارطة الطريق نحو الجمهورية الجديدة.

 

وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات أنه تشهد مصر والعالم أجمع تحديات غير مسبوقة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، مما يضيف كثيرًا من التهديدات أمام الحفاظ على الاستقرار، وتحقيق خطط التنمية الشاملة، ومن هذه التحديات ذاتها يأتي دور وأهمية الحوار الوطني المصري لرسم خريطة أولويات العمل الوطني في المرحلة المقبلة.

 

تنوع الأطراف والقضايا

"الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية" كلمات أطلق بها الرئيس السيسي دعوته إلى كافة الأطراف الوطنية إلى حوار وطني في حفل إفطار الأسرة المصرية العام الماضي. ومع بدء الجلسات الفعلية للحوار الوطني، سنجد أن هذه الكلمات لم تكن مجرد شعارات سياسية ولكنها تُرجمت إلى خطوات فعلية على أرض الواقع المصري؛ فبالنظر إلى مكونات الحوار الوطني سنجده يشمل كافة التيارات السياسية باختلاف أيديولوجياتها وتوجهاتها السياسية، وجميع مكونات المجتمع المصري من أحزاب ونقابات ومجتمع مدني وغيرها.

 

وبذلك يعكس الحوار الوطني حالة غير مسبوقة من التوازن والتنوع، هدفها الاختلاف من أجل الوطن وليس الاختلاف عليه؛ من أجل خلق حياة سياسية أكثر تنوعًا، وحالة نشطة من الديموقراطية في المجتمع المصري.  ولم يتوقف التنوع الذي يشهده الحوار الوطني عند القوى والتيارات المشاركة فيه فقط، بل انعكس التنوع أيضًا على القضايا التي يتناولها الحوار، فقد تضمن جميع القضايا على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

 

فيشمل الحوار الوطني 3 محاور رئيسة تندرج تحتها 19 لجنة فرعية تتناول حوالي 123 قضية مختلفة، مما يجعل هذا الحدث سابقة لم تحدث في التاريخ المصري. فقد كانت جميع محاولات الحوار الوطني من قبل تركز على قضية بعينها، وغالبًا ما كان هناك طرف بعينه مسيطرًا على عملية الحوار، ولذلك يعد التنوع في الأطراف والقضايا هو أحد أهم الخصائص التي تميز الحوار الوطني الحالي.

 

قضايا المحور السياسي

يخلق الحوار الوطني مجالًا للقوى الوطنية المختلفة لإيجاد مساحة مشتركة تكون نقطة انطلاق لمناقشة كافة القضايا النوعية على الساحة الوطنية. وقد توصلت الجلسات التحضيرية على مدار الشهور السابقة إلى ضرورة تقسيم المحور السياسي إلى خمس لجان أساسية، وهي: لجنة المحليات، ولجنة حقوق الإنسان والحريات العامة، ولجنة الأحزاب، ولجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي، ولجنة النقابات والمجتمع الأهلي.

 

ولكل لجنة من هذه اللجان دور حيوي يمس الحياة السياسية في مصر بشكل مباشر؛ فلجنة الأحزاب على سبيل المثال ستناقش الحياة الديمقراطية في مصر وسبل تنشيط الأحزاب سواء من خلال معالجة الأمور التشريعية أو معالجة الأمور الهيكلية داخل الأحزاب نفسها. ولذلك تُقسم المواضيع الرئيسة إلى ثلاثة عناوين رئيسة: تعزيز دور الأحزاب السياسية وإزالة المعوقات أمامها، والحوكمة المالية والإدارية داخل الأحزاب، وتشكيل واختصاصات لجنة الأحزاب السياسية. وستتطرق اللجنة إلى عدة نقاط فرعية، منها تعزيز دور الأحزاب السياسية، وحالة السيولة الحزبية، ومدى إمكانية دمج بعض الأحزاب ذات الأيديولوجيا المشتركة.

 

كذلك ستتناول لجنة التمثيل النيابي النقاش حول الشكل المناسب للنظام الانتخابي من الأشكال المختلفة كالقائمة والدوائر والنظام الهجين وغيرها من الأنظمة المختلفة؛ من أجل الوصول إلى الشكل الأمثل للحياة النيابية في مصر، بجانب التشاور حول دور وصلاحيات اللجنة المشرفة على الانتخابات.

 

أما عن لجنة المحليات فستختص بالتوصل إلى اتفاق حول قانون متوازن للمحليات، يستند إلى النسب التي نص عليها الدستور. كذلك ستتناول اللجنة رؤى الأحزاب السياسية المختلفة حول النظام الانتخابي للمجالس المحلية، وكيفية مواجهة الفساد، وتطوير وتنمية القرى؛ بهدف التوصل إلى نظام رقابي فعال يسهم في تطوير المنظومة ككل. وسيُتناول كذلك رؤية القوى المختلفة حول التحول نحو اللا مركزية، وأشكالها المختلفة من مركزية إدارية ومالية وغيرها.

 

وعلى جانب آخر، ستتناول لجنة حقوق الإنسان الكثير من المواضيع المهمة مثل: قضايا التظاهر، وقضايا الحريات، وأوضاع السجون، وسبل القضاء على التمييز. وستتم مناقشة العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والعلانية وحرية التعبير عن الرأي، بالإضافة إلى قانون الإجراءات الجنائية خاصةً قانون الحبس الاحتياطي، وما تم تنفيذه وما لم يتم تنفيذه من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقتها مصر.

 

وأخيرًا، ستكون لجنة النقابات والمجتمع الأهلي منوطة بمناقشة تفعيل الدور النقابي ودور المجتمع الأهلي، وستتناول قضايا حيوية مثل: مناقشة قانون العمل الحالي والتعديلات التي يحتاجها لضمان تحقيق الأمن الوظيفي وضمان حقوق العمال المصريين، وأهم المعوقات التي تعيق القطاع المدني من القيام بدور أكثر فاعلية لتعزيز قدرته على المشاركة في عمليات التنمية.

 

ويعد الهدف الرئيس للمحور السياسي بشكل عام هو خلق مجال سياسي ديمقراطي أكثر فاعلية، مع حوكمة عملية صنع السياسة العامة، وتشجيع المواطنين للمشاركة في الحياة السياسية؛ الأمر الذي يوفر فرصة حقيقية للأحزاب المصرية وغيرها من مكونات المجتمع المصري لإحداث تغيير حقيقي في مسار الحياة السياسة داخل الدولة.

 

وسيكون لزامًا على الأطراف المشاركة في الحوار الوطني أن تستثمر الإرادة السياسية الموجودة لإحداث اثر حقيقي علي أرض الواقع. وكانت استجابة الرئيس السيسي السريعة لمقترح أمانة الحوار الوطني الخاص باستمرارية الإشراف القضائي على الانتخابات لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية هو خير دليل على وجود إرادة جادة وحقيقية من القيادة السياسية للاستجابة لأي مقترح يخدم المصلحة العليا للبلاد، وهو الأمر الذي يزيد أيضًا من الآمال المعقودة على الحوار الوطني للخروج بنتائج فعالة وملموسة.

 

ولكن بالرغم من توافر الإرادة السياسية لإنجاح الحوار الوطني، فإنه لا يزال تحديات في ظل تشابك المشكلات الحالية وتداخل مسبباتها بين عوامل داخلية وخارجية، مع تفاقم المشهد الإقليمي والدولي. ولذلك من المهم أن تدرك القوى المختلفة المنخرطة في الحوار الوطني المسؤولية الملقاة على عاتقها في اللحظة الدقيقة الراهنة؛ إذ إن الأمر لا يتوقف عند مجرد "النقاش"، ولكن الهدف منه وهو الوصول إلى خطوات وحلول عملية للمشكلات الحالية.

 

وبالرغم من أن الفترة التحضيرية السابقة نتج عنها التوافق حول أهم القضايا التي يجب مناقشتها في الحوار الوطني، فإن الفترة المقبلة قد تشهد حالة من التضارب بين رؤى القوى المختلفة حول سبل التعامل مع القضايا المطروحة والحلول اللازم اتباعها؛ فبالنظر إلى الفترة الكبيرة التي استغرقها التوافق على الموضوعات التي سيناقشها الحوار الوطني يمكن توقع وجود تباين كبير في وجهات النظر بين القوى والأطراف المختلفة حول الشكل الذي يجب أن تتعامل به الدولة مع الملفات الشائكة المطروحة على طاولة الحوار، وهو الأمر الذي يرجع إلى التنوع الشديد في خبرات وانتماءات المشاركين السياسية والأيديولوجية، مما يجعل كل طرف ينظر إلى كل قضية وفقًا لمرجعيته الخاصة.

 

ويشكل الحوار الوطني مرحلة مهمة في مسار التحول الديموقراطي في مصر، وخطوة جادة في الطريق نحو الجمهورية الجديدة؛ جمهورية تحترم الجميع وتترك مساحة للاختلاف والنقاش حول أهم القضايا والمشكلات والتحديات وسبل التعامل معها، من أجل تحقيق مستقبل أفضل. ومن هذا المنطلق جاء الحوار الوطني ليشمل كافة فصائل المجتمع المصري السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفتح باب التحاور أمام كافة الاختلافات لوضع خريطة لأولويات العمل الوطني، والعمل على تخطي ما يواجهه من تحديات. ولذلك، جاءت معايير حرية التعبير والتنوع والتعددية والشفافية كسمات أساسية لفلسفة عمل الحوار الوطني.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة