أفريقيا أرض الفرص وتصفية الحسابات.. حرب أوكرانيا تضع القارة فى صدارة منافسة القوى الدولية.. أمريكا تدق الأبواب بالقواعد العسكرية.. أوروبا تراهن على الغاز لإنهاء نفوذ موسكو.. والصين تداعب الأفارقة بالاستثمارات

الثلاثاء، 11 أبريل 2023 05:00 م
أفريقيا أرض الفرص وتصفية الحسابات.. حرب أوكرانيا تضع القارة فى صدارة منافسة القوى الدولية.. أمريكا تدق الأبواب بالقواعد العسكرية.. أوروبا تراهن على الغاز لإنهاء نفوذ موسكو.. والصين تداعب الأفارقة بالاستثمارات ماذا يريد الأمريكان والروس والصينيين والأوروبيين من أفريقيا؟
كتبت: إسراء أحمد فؤاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- الحرب الأوكرانية أسهمت في تحويل أفريقيا لساحة تنافس وتصفية حسابات

- روسيا تندد بمحاولات أمريكية لنسف القمة الروسية الأفريقية المزمع عقدها نهاية يوليو المقبل

- أوروبا تستبدل النفط والغاز الروسي بالأفريقي

- التنين الصينى يتغلغل للقارة من بوابة الاقتصاد

 

تتهافت الدول الكبرى على قارة أفريقيا من أجل البحث عن موطئ قدم بها، وسط نفوذ صيني يتسع، مرورا بصراع أمريكي روسي على الانخراط في القارة ومحاولات لسحب البساط من تحت أقدام التنين الصيني، وصولا بأوروبا التي تتحسس الطاقة من دول القارة، كل هؤلاء يتسابقون على هذه البقعة التي تحولت السنوات الأخيرة نتيجة لمتغيرات سياسية، إلى ميدان للتنافس الدولي، كونها تحتل موقعا استراتيجيا مهمًا وتمتلك نسبة كبيرة من الموارد الاقتصادية الهامة.

 

ومع بدء اشتعال الحرب الروسية على أوكرانيا ینایر 2023، وصل صراع النفوذ بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين ذروته، وباتت الحرب رقما فى معادلة بسط النفوذ الروسية الأمريكية الأوروبية، فقد أسهمت الحرب في تحويل أفريقيا لساحة صراع وتنافس وتصفية حسابات سياسية للقوى الكبرى، فمن ناحية أثرت الحرب على احتياجات شعوب القارة، وأدت إلى نقص الشديد في إمدادات الغذاء، ومن ناحية أخري دفعت أوروبا للتهافت على شراء النفط والغاز نتيجة تقليص إمدادات الطاقة من موسكو، كما دفعت الأخيرة لمحاولات لكسب تأييد الدول الأفريقية للتدخل العسكري في أوكرانيا.

 

وتمثلت محاولات النفوذ من خلال القمم الثنائية الدورية، والجولات المكوكية لمسئولين رفيعي المستوى للقارة السمراء، أو بالشراكة التجارية أو ضخ الاستثمارات أو حتى حزمات المساعدات وخطط التعاون على دحر الإرهاب، والمساعدة على التكييف مع التغيرات المناخية.

 

طموح روسي في استعادة نفوذ الاتحاد السوفيتي على القارة

كان للاتحاد السوفيتي نفوذ كبير في القارة، لكنه انحسر فى مرحلة ما بعد الحرب الباردة، ويتطلع الدب الروسي في استعادة نفوذه على القارة، وأصبحت روسيا شريكا دفاعيا هاما في أفريقيا، وهي أكبر مورد للسلاح في المنطقة، وبين عامي 2014 و2018، بلغ حجم واردات روسيا من السلاح إلى أفريقيا 17% من إجمالي الواردات الروسية، بحسب معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي. وأبرمت روسيا اتفاقات مع أنغولا ونيجيريا والسودان ومالي وبوركينا فاسو وغينيا الاستوائية خلال عامي 2017 و2018.وتمتد العلاقات الأمنية والعسكرية الروسية لأكثر من مبيعات السلاح، وأحيانا تتضمن استخدام مجموعات المرتزقة الخاصة، وتنتشر مجموعة "فاغنر" الروسية في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى لقتال المتمردين.

 

وتتنافس روسيا على بسط نفوذها على بلدان القارة وإزاحة الأمريكيين، ويري الباحث في الشؤون الإفريقية، أندريه إسيبوف، "لروسيا الآن تمثيل جيد في وسط إفريقيا، وهناك فرص جيدة لكسب موطئ قدم في دول غرب إفريقيا. يجري التعاون مع واحدة من أكثر الدول تقدمًا في القارة، جنوب إفريقيا، التي تترأس مجموعة بريكس منذ يناير. بالإضافة إلى ذلك، من الممكن تطوير العلاقات مع هذه الدولة في مجال الطاقة النووية. وبالنظر إلى المنافسة الشرسة من الصين والغرب، يمكن لروسيا تعزيز موقعها في المنطقة من خلال وجودها العسكري. فمثلما احتلت الصين موطئ قدم  في القارة السمراء من خلال إنشاء قاعدة في جيبوتي على البحر الأحمر، يمكن لروسيا أن تفعل الشيء نفسه".

 

وتسعى الولايات المتحدة لمنافستها، فقد ندد مسئولون روس قبيل القمة الروسية الأفريقية المزمع عقدها في نهاية يوليو بسانت بطرسبرج، بما أسموه بمحاولات أمريكية لنسف القمة المقبلة، جاء ذلك على لسان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذى قال أن الولايات المتحدة تحاول تدمير القمة الروسية المزمعة مع الدول الأفريقية في إطار الجهود الرامية لعزل موسكو.

 

لافروف الذى كان حريصاً على تعزيز العلاقات مع إفريقيا، وزار القارة مرتين هذا العام إضافةً إلى جولة في منتصف 2022، قال خلال مقابلة مع موقع "أرجومنتي آي فاكتي" الإخباري الروسي، إن موسكو تختلف عن الدول الغربية في علاقاتها مع أفريقيا من حيث «إننا لا نخبر شركاءنا الأجانب أبدا كيف يُفترض أن يعيشوا. ليس لدينا جدول أعمال سري». وأضاف: «صحيح أن الولايات المتحدة وأتباعها يبذلون قصارى جهدهم لعزل روسيا دوليا... (لكنهم) على وجه الخصوص يحاولون نسف القمة الروسية الأفريقية الثانية المزمع عقدها... لإقناع أصدقائنا الأفارقة بعدم المشاركة».

 

اتهامات لافروف لم تكن الأولي فقد سبقه نائبه ميخائيل بوجدانوف الذى قال في فبراير الماضي، إن الولايات المتحدة "تمارس ضغوطا غير مسبوقة" على الدول الإفريقية، منها محاولة عرقلة القمة الروسية الإفريقية"، ووفقا لتقارير فإنه عقب الحرب على أوكرانيا، تسعى موسكو لكسب التأييد في دول إفريقيا بعد أن حاول الغرب عزلها بسبب هجومه على أوكرانيا.

 

الولايات المتحدة تسعی لازاحة الروس

أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد كثف مسئوليها زيارات القارة السمراء كى تعزز انخراطها بالقارة عبر ضح المزيد من الاستثمارات ومنح حزم المساعدات لبلدانها، كانت آخرها جولة نائبة الرئيس الأمريكى كامالا هاريس، الأسبوع الماضى فى 3 دول أفريقية هى غانا وتنزانيا وزامبيا، كجزء من حملة واشنطن لمواجهة النفوذ الصينى والروسى المتزايد فى القارة، زيارة كامالا هاريس لم تكن الأولى فقد قام 4 مسئولين أمريكيين بجولات متفرقة فى القارة وهم وزيرة الخزانة جانيت يلين، والسفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد، والسيدة الأولى جيل بايدن، ووزير الخارجية أنتونى بلينكين.

 

وفى ديسمبر الماضى، استضافت الولايات المتحدة القمة الأمريكية الأفريقية ودعا خلالها الرئيس جو بايدن، إلى قيام شراكة واسعة مع القارة السمراء، وقطع وعودا لبلدان القارة، كما أطلق وزير الخارجية، أنتونى بلينكين، الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه منطقة أفريقيا جنوب الصحراء فى 8 أغسطس 2022، فى بريتوريا عاصمة جنوب أفريقيا، وذلك خلال زيارته للقارة التى شملت جنوب أفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا. وثيقة الاستراتيجية الجديدة.

 

ورصدت الولايات المتحدة 55 مليار دولار لأفريقيا لاستمالة دول القارة نحوها، تتضمن مساعدات في مجال الرعاية الصحية واستكشاف الفضاء خصوصا مع توقيع نيجيريا ورواندا اتفاقيات أرتميس، كما تدعو واشنطن لتعزيز دور أفريقيا على الساحة الدولية مع مقعد في مجلس الأمن الدولي، وتمثيل الاتحاد الأفريقي في قمة مجموعة العشرين.

 

وتكتسب منطقة القرن الإفريقي (وتشمل 4 دول، هي الصومال وجيبوتي وإثيوبيا وإريتريا) أهميتها بالنسبة للولايات المتحدة، كونها منطقة استراتيجية ووفقا لتقديرات تقارير عسكرية تمتلك واشنطن أكبر قاعدة عسكرية بالقرن الإفريقي، وتحديدا في جيبوتي، إذ يوجد بها أكثر من 4 آلاف فرد، كما تمتلك قواعد عسكرية سريّة في دول القرن، حيث توجد في كينيا قاعدتان بحريتان، وقاعدة جوية في إثيوبيا.

 

أوروبا تستبدل النفط والغاز الروسي بالأفريقي

وبالنسبة للغرب تسعى الدول الأوروبية للسباق على شراء الغاز الأفريقي لتعويض إمدادات الطاقة بعد أن حظر الاتحاد الأوروبي النفط الروسي كعقاب لموسكو بسبب شن حرب على أوكرانيا، وكثفت أوروبا حضورها في إفريقيا، وتدافع لإبرام صفقات لاستيراد الغاز من جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا، في ظل ارتفاعات قياسية في الأسعار، ففى مايو 2022، كشفت وسائل إعلام نيجيرية عن شراكة تم إبرامها بين الشركة الوطنية النيجيرية للبترول والمكتب الوطنى للهيدروكاربورات والمناجم بالمغرب، تم توقيعها بالأحرف الأولى فى يونيو 2018، جاء ذلك على لسان تولو أوغونليزي، مستشار الرئيس النيجيرى محمادو بوخارى الذى أكد أن بلاده والمغرب اتحدا لبناء أطول أنبوب غاز أوف شور فى العالم لنقل الغاز بين البلدين، باتجاه أوروبا عبر 11 بلدا بغرب أفريقيا".

والعام الماضى أجرى مسئولون أوروبيين جولات فى أفريقيا، فقد بحثت ألمانيا المشترى الأكبر للغاز الروسي- عقد صفقات لشراء الغاز من أفريقيا، كما بادرت إيطاليا التى تعد ثانى أكبر مشتر للغاز الروسى فى أوروبا بإيجاد إمدادات بديلة، وأصبحت الجزائر أحد مصدرى الغاز إلى روما.

وتبلغ احتياطيات الغاز الطبيعي في أفريقيا 625 تريليون قدم مكعبة خلال عام 2021، وتتوقع شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي أن يبلغ إنتاج الغاز في أفريقيا ذروته عند 470 مليار متر مكعب بحلول أواخر عام 2030؛ أي ما يعادل 75% من الكمية المتوقعة لإمدادات روسيا هذا العام.

وبخلاف الغاز، يعمل الاتحاد الأوروبي على دعم القارة السمراء، ففي فبراير 2022 أعلن الاتحاد الأوروبي توفير حزمة تمويل بقيمة 20 مليار يورو (22.7 مليار دولار)؛ وبهدف ضخ استثمارات في القارة الأفريقية من أجل دعم شبكات النقل، ومشروعات الطاقة، وعملية التحول الرقمي، وتعزيز قطاعي التعليم والصحة، فضلًا عن إنشاء ممرات استراتيجية، وكابلات بحرية دولية، وربط شبكات الطاقة الجديدة وتطوير مصادر الطاقة المتجددة، وتقول وكالة بلومبرج فى عددها فبراير 2022 أن التمويل جاء لمواجهة تمدد الصين في القارة.

 

التنين الصينى يتغلغل للقارة من بوابة الاقتصاد

التنين الصيني يسعى للتغلغل فى القارة الأفريقية فى ضوء حربها الباردة مع الغرب، من أجل الاستفادة من موقعها الجغرافي، ومواردها الطبيعية، وفتح أسواق جديدة، وتعد الصين أكبر شريك تجارى رئيسي لقارة إفريقيا، ومستثمرا بارزا فى مشروعات البنية التحتية والتعدين، حيث أظهرت بيانات الهيئة الوطنية العامة للجمارك أن التجارة بين الصين وإفريقيا وصلت إلى 254.3 مليار دولار في 2021، بزيادة 35.3% على أساس سنوي. كما تعد أول دائن عالمي للدول الفقيرة والنامية وهي تستثمر مبالغ طائلة في أفريقيا الغنية بالموارد الطبيعية. من جانبها، عززت روسيا وجودها في القارة بشكل كبير بما يشمل إرسال مرتزقة فاغنر لعدة دول أفريقية وهي تقيم علاقات وثيقة مع بعض العواصم الأفريقية".

وفى مطلع العام، قام وزير الخارجية الصيني الجديد تشين جانغ بجولة خارجية إلى عدة دول إفريقية، بهدف تنمية العلاقات الصينية الإفريقية، شملت إثيوبيا والجابون وأنغولا وبنين ومصر إضافة إلى مقرى الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربي.

وبخلاف ذلك اعتادت الصين على عقد القمم الثنائية للمشاركة فى حل أزمات القارة منذ انشاء منتدى التعاون الصيني الإفريقي في عام 2000، وفى نوفمبر 2021أيدت الحكومات الإفريقية مبادرة الأمن العالمي في قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي (FOCAC)، وكذلك فى منتدى السلام والأمن الصيني الإفريقي الثاني في يونيو 2022.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة