مارينا فارس تكتب : رحلة قصيرة ملونة

السبت، 03 يناير 2015 12:03 ص
مارينا فارس تكتب :  رحلة قصيرة ملونة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أخيراُ لملم الخريف ذيول الصيف ورحلوا جميعاً، لم يبق إلا الشتاء فلما لا احتفل بقدومه.. غيرت وجهتى، اتخذت القرار بين زحام الناس فى المترو. لن يحدث شيئاً إذا تركت مقعدى الدراسى فارغ قليلا.. سأذهب اليوم لاتنفس بعمق وأغسل روحى وأزيل ما علق بها من شوائب..

أجلس هناك غارقة فى عالمى الخاص، لا صوت إلا صوت الطيور ولا أرى سوى اللون الأخضر المريح.. وككل الأشياء البسيطة رائعة الجمال لا أحد ينتبه إليها، كل مرة أذهب إلى تلك الحديقة أجدها فارغة تقريبا الا من بعض القطط.
هناك متسع من الوقت يكفى للقليل من الأحلام وربما الشجن. فى مكان كهذا الملل ذنب لا يغتفر.. كانت قد أمطرت بالأمس وقد غسل المطر أشجار السرو والصنوبر وما تبقى من أوراق البونسيانا الذابلة.. تكفل المطر بأزالة اتربة الربيع وغضب الصيف. لتعود الأوراق الخضراء تلمع فى أشعة الشمس الشتوية الخجولة.

عاد الشتاء.. يبدو أن الخبر قد نال إعجاب العصافير فبدأت فى أغنيتها، كانت هنا يمامة صغيرة تمشى بتلك الطريقة المضحكة فتحرك رأسها وأرجلها فى شكل منتظم. وهدهد يحمل تاجه الفريد ليبحث بمنقاره عن شىء ما فى الأرض ثم يطير. جلست بعيدا ليتنسنى لى متابعة المشهد دون أن أزعجهم فيهربون للأشجار العالية.
طبعاً لن أغلق اذنى بسماعاتى الصغيرة، صحيح انها تسكب فى أذنى الحان أحبها لكنها أيضاً ستحجب عنى أغنية الطيور والبلابل التى غالباً ما اسمعها ولا أراها.. هى دائماً مختبئة.. سأكتفى بان اسمع اغنياتى بصوت منخفض كى لا أخل بالأغنية الأم.. بالطبع سيتداخل صوت فيروز مع صوت العصافير لتولد أغنية جديدة أروع..
تجولت فى صفحات كتاب اصطحبته معى، فوجدت أبوالقاسم الشابى يقول:
"سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعداءِ كالنَّسْر فوقَ القِمَّةِ الشَّمَّاءِ
أرْنُو إلى الشَّمْسِ المُضِيئةِ هازِئاً بالسُّحْبِ والأَمطارِ والأَنواءِ
أُصْغى لمُوسيقى الحَياةِ وَوَحْيِها وأذيبُ روحَ الكَوْنِ فى إنْشَائى"
ما تبحث عنه من سعادة أغنية تتردد فى أعماقك، أذا أوقفت ضجيج تلك الأشياء البالية من حولك ستسمعها بوضوح..








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة