محمود حمدون يكتب: أسير المخطوطات القديمة

الثلاثاء، 20 فبراير 2018 09:00 م
محمود حمدون يكتب: أسير المخطوطات القديمة مقام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هناك حيث يتلوّى الطريق ويضيق المسار، فى تلك الزاوية حينما تولّى ظهرك لمقام سيدى "النافع" ميمّما وجهك شطر الصاغة القديمة، تجد حانوته الصغير، لا يكاد يُرى من فرط ضآلته وسط الدكاكين القديمة والحديثة، يستقل بذاته بينهم، ظاهره تجارة العطارة وباطنه حياة يسعى وراءها أصحاب الحاجات .

 تتكدس بداخله كتب صفراء قديمة تزيد على البضاعة القليلة المتناثرة على الأرفف، وخلفها بركن معتم يقبع صاحب الحانوت، تجاوز فتوة الشباب ويقترب من الكهولة بخيلاء، قصير القامة، مثقف ودليل ذلك، منظار طبى رفيع الإطار يضعه فوق عينيه وتحت إبطه كتاب أينما سار .

 وقع أسير المخطوطات القديمة من زمن، لا نعرف كم بلغ من العلم، سألناه ولم نظفر بإجابة، فاكتفينا بهندامه، رطانته ببضعة مصطلحات غريبة وما حواه حانوته من بضاعة أشد غرابة كى نحكم على معرفة لم نصل لها أو أحد من الحى من قبل .

يحج إليه المئات كل يوم، تراهم رافعى أيديهم وعيونهم شاخصة. زبائنه نسوة سحقهن الزمن تحت عجلاته  فغار عن أجسادهن بهاء الحياة ونضارتها، أو عدم الإنجاب، وبضعة رجال فقدوا منذ قديم كل قدرة وطاقة على الوجود، لفّتهم رخاوة بعباءة سميكة فلهثوا وراء وصفة علّها تُجدى، لم أرى زائراً لدكانه يأتى مرتين، جميعهم يقبلون على وجوههم قترة، يذهبون حاملين بين أيديهم أملا ورجاء.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة