أثرى:القاهرة الخديوية استغرق تأسيسها 5 سنوات لتصبح " باريس الشرق "

الأحد، 25 يونيو 2017 01:02 م
أثرى:القاهرة الخديوية استغرق تأسيسها 5 سنوات لتصبح " باريس الشرق "  القاهرة الخديوية
(أ ش أ)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
  تحتفل محافظة القاهرة فى شهر يوليو المقبل بمرور 150 عاما على إنشاء منطقة القاهرة الخديوية، حيث تنظم المحافظة احتفالية كبرى تستمر على مدار عدة أيام، تضم فقرات فنية تحييها الفرق الشعبية ودار الأوبرا ومعهد الموسيقى، إلى جانب إظهار عبقرية المكان من خلال تنظيم معارض وعمل نشرات تعريفية بأهمية المنطقة وتاريخها وقيمتها التراثية والفنية والثقافية.
واستعرض الأثرى ولاء الدين بدوى، مدير عام متحف قصر الأمير محمد على بالمنيل، تاريخ منطقة القاهرة الخديوية، مشيرا إلى أنها منطقة قلب القاهرة فى فترة الخديوى إسماعيل، وتبدأ من كوبرى قصر النيل، حتى منطقة العتبة، وعرفت فى عهد محمد على باشا التنظيم والتطوير من خلال تركيز الصناعات والحرف فى منطقة السبتية بشمال شرق بولاق، وإزالة الأنقاض والقمامة من حولها، وردم البرك والمستنقعات المنتشرة فيها، وتحويل مساحات شاسعة منها إلى حدائق ومتنزهات.
وأوضح "بدوى" أن محمد على أصدر قرارا عام 1831 أمر فيه بتعمير الخرائب، وتحديد مساحتها، كما أنشأ فى عام 1843م مجلساً أوكل إليه مهمة تجميل القاهرة وتنظيفها، وفى عام 1846 تمت توسعة شارع الموسكى، وترقيم الشوارع وإطلاق الأسماء عليها، لافتا إلى أنه حرص كذلك على تشييد القصور الملكية الفخمة الموقعة بأسماء مصممين معماريين من إيطاليا وفرنسا، مشترطا عليهم أن يعلم كل خبير هندسى منهم 4 مصريين فنون العمارة والتشييد، وكان فى مقدمة تلك القصور قصر محمد على باشا بحى شبرا.
وتابع ولاء بدوى، إنه على الرغم من توالى ثلاثة خلفاء على حكم مصر بعد محمد على باشا، بدءا من إبراهيم باشا مرورا بعباس الأول، وسعيد باشا، إلا أن إسهاماتهم فى مجال العمارة لم تكن بالشىء الملموس الذى يمكن التأريخ له إلا فيما ندر، مثل قصر الروضة فى عهد إبراهيم، وإنشاء حى العباسية فى عهد عباس الأول، وبداية حفر قناة السويس فى عهد سعيد، على عكس عهد إسماعيل باشا الذى تميز بانفجار معمارى على المستويات كافة.
وأضاف أنه عند تولى الخديوى إسماعيل الحكم عام 1863 كانت حدود القاهرة تمتد من منطقة القلعة شرقاً، إلى مدافن الأزبكية وميدان العتبة غرباً، ويغلب عليها التدهور العمرانى فى أحيائها، ويفصلها عن النيل عدد من البرك والمستنقعات والتلال والمقابر، بمساحة لا تتخطى 500 فدان، وكان تعداد سكانها فى ذلك الوقت حوالى 300 ألف نسمة.
وأشار إلى أنه فى زيارة الخديوى إسماعيل لباريس عام 1867 لحضور المعرض العالمى، طلب الخديوى إسماعيل شخصيا من الإمبراطور نابليون الثالث أن يقوم المخطط الفرنسى "هاوسمان" الذى قام بتخطيط باريس لتخطيط القاهرة الخديوية، وفى مقابلة التكليف بين الخديوى إسماعيل وهاوسمان، طلب منه أن يحضر معه إلى القاهرة كل بستانى وفنان مطلوب لتحقيق خططه، وقال عبارته الشهيرة "من يشرب من ماء النيل، فسيعود له المرة تلو المرة".
ولفت إلى أنه بذلك أعلن الخديوى إسماعيل مشروعه فى تخطيط القاهرة على الطراز الباريسى، واستقدم من أوروبا عمالقة التصميم المعمارى، وبدأوا فى تنفيذ حلم إسماعيل فى جعل القاهرة "باريس الشرق"، مشيرا إلى أن تصميم وتنفيذ المشروع استغرق خمس سنوات، ونجح هاوسمان فى تحويل القاهرة إلى تحفة حضارية تنافس أجمل مدن العالم، ليطلق عليها كتاب الغرب حينذاك "باريس الشرق".
وأكد الأثرى ولاء الدين بدوى، إن القاهرة الخديوية تمثل بداية العمران المصرى فى صورته الحديثة خلال النصف الثانى من القرن التاسع عشر، وهى تعد من المشروعات العالمية البارزة التى تمت فى ذلك القرن لما بنى عليه تخطيطها من دراسات للتخطيط، والتعمير الشامل، وتحطيم عوائق التنفيذ لإخراجها سريعًا إلى حيز الوجود، وبالشكل الذى يجعلها تضاهى أجمل مدن العالم.
وأوضح أنه فى عام 1872 افتتح الخديوى إسماعيل شارع محمد على بوسط البلد بطول 2.5 كيلومتر، فيما بين باب الحديد والقلعة على خط مستقيم، وزانه على الجانبين بما يعرف بالبواكى ، وفى العام نفسه افتتح كوبرى قصر النيل على نهر النيل بطول 406 أمتار، وكان يعد آنذاك من أجمل قناطر العالم، حيث زين بتماثيل برونزية لأربعة من السباع (الأسود) نحتت خصيصًا فى إيطاليا، كما افتتح أيضًا كوبرى أبو العلا على النيل على بعد كيلومتر تقريبا من الجسر الأول، والذى صممه المهندس الفرنسى الشهير «جوستاف إيفل»، صاحب تصميم البرج الشهير.
وأضاف أنه تابع ذلك شق شارع كلوت بك، وافتتاح دار الأوبرا المصرية عام 1875 رسميا؛ ثم أنشأ العديد من خطوط السكة الحديد وخطوط الترام لربط أحياء العتبة والعباسية وشبرا، وتم ردم البرك والمستنقعات للتغيير من حدود المدينة، مشيرا إلى أن طموحات إسماعيل فى تحقيق النهضة المعمارية بالقاهرة لم تكن تتوقف عند حد، ولذا كان قراره بتغيير مسار النيل ومجراه، فبدلاً من أن يمر بمنطقة بولاق الدكرور وبمحاذاة شارع الدقى حالياً وإمبابة، صار يسير فى مجراه المعروف الآن، وتزامن ذلك مع تنفيذ شبكة المياه والصرف الصحى، والإنارة، ورصف شوارع القاهرة بالبلاط، وعمل أرصفة وأفاريز للمشاة، وتخطيط الحدائق التى جلبت أشجارها من الصين، والهند، والسودان، وأمريكا.
وتابع قائلا إنه تم تغيير مجرى نهر النيل، وتم ردم البرك والمستنقعات وفى مقدمتها بركة عابدين التى كانت تحتل موقع الميدان الحالى، وبركة الأزبكية التى تحولت لأهم حديقة فى القاهرة تحفها المسارح ، بينما حلت الميادين محل باقى البرك مثل ميدان العتبة الخضراء وميدان الأوبرا، وميدان باب الحديد، وميدان سليمان باشا- طلعت حرب حاليا .
وكشف عن أن حديقة الأزبكية التى تغنت بجمالها كتب الرحالة الأوروبيين قبل ردمها وتحويلها إلى دكاكين وجراجات قبيحة، كانت هى ذاتها حديقة لوكسمبورج الباريسية الشهيرة بجميع معالمها وأسوارها وأشجارها، لكن الفرق هو درجة وعيهم هناك بقيمة ما لديهم، وجهلنا نحن بقيمة ما لدينا. 
وبالنسبة لميدان عابدين وقصره الملكى الذى يتوسط قلب القاهرة الخديوية ، أوضح بدوى أن عابدين بك هو أمير اللواء السلطانى فى عهد محمد على باشا، وكان يسكن قصراً بناه مكان القصر الحالي، وبعد وفاته اشتراه الخديو إسماعيل من أرملته وهدمه وبنى مكانه قصره الذى لايزال قائماً حتى الآن، شاهداً على العديد من الأحداث، فأمامه كانت مظاهرة عرابى ضد الخديو توفيق عام 1882 فيه تم حصار الملك فاروق بدبابات الإنجليز فى 4 فبراير 1942.
ونوه إلى أن المعمارى دى كوريل ديل روسو هو من قام بتصميم القصر وتنفيذه المعمارى وتكلف بناؤه 700 ألف جنيه مصرى وقتها ، بينما بلغ ثمن أثاثه 2 مليون جنيه، وظل القصر مقراً لحكم مصر حتى قيام ثورة يوليو 1952 حيث تم تغيير اسم الميدان من عابدين إلى الجمهورية، إلا أن اسمه الأول هو العالق فى أذهان المصريين لارتباطه بالقصر.
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة