غسان شربل يكتب: أحلام قطر التوسعية فى المنطقة ذهبت بها للسقوط فى الأوهام.. رئيس تحرير الشرق الأوسط: الدوحة أمدّت الانتفاضة الليبية بالمال والسلاح.. وشجعت الحوثيين باليمن على الوقوف أمام الدولة

الإثنين، 29 مايو 2017 05:34 م
غسان شربل يكتب: أحلام قطر التوسعية فى المنطقة ذهبت بها للسقوط فى الأوهام.. رئيس تحرير الشرق الأوسط: الدوحة أمدّت الانتفاضة الليبية بالمال والسلاح.. وشجعت الحوثيين باليمن على الوقوف أمام الدولة الكاتب الصحفى غسان شربل
كتب مصطفى عنبر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كتب الكاتب الصحفى الكبير غسان شربل، رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط، مقالا اليوم الإثنين، استرجع خلاله ما كتبه عن الدور القطرى فى المنطقة.

وأكد شربل خلال المقال إن أحلام قطر التوسعية سقطت بها فى الأوهام. مؤكدا أن الدوحة أمدّت الانتفاضة الليبية بالمال والسلاح وراهنت منذ البداية على الإسلام السياسى، كما شجعت الحوثى فى اليمن على أن يجعل من نفسه نداً للدولة.

واليكم نص المقال:

حاولت أن أفهم الأزمة الجديدة فى العلاقات القطرية – السعودية، وهى أيضا أزمة فى العلاقات القطرية – الخليجية. فى الحساب المنطقى لقطر مصلحة فعلية فى أن تكون عضواً طبيعياً وفاعلاً فى مجلس التعاون الخليجى. وما حدث فى السنتين الماضيتين أوحى أنها أعادت النظر فى السياسات التى قامت على تظهير الخلاف والمشاكسة والسباحة ضد التيار الغالب فى المحيط الذى تنتمى إليه.

 

ولا غرابة أصلاً أن تسعى دولة إلى توسيع دورها وتعزيزه، خصوصاً إذا امتلكت أوراق قوة مالية وإعلامية تستطيع التأثير فى مواقف الأطراف أو الدول أو الرأى العام. والدول هنا تشبه الأفراد أحيانا. تذهب بعيداً فى الأحلام إلى حدّ السقوط فى الأوهام، وتتعلق بدور كبير لعبته حتى ولو تغيرت الظروف التى كانت تسمح.

 

ولأن الحاضر لا ينفصل عن الماضى القريب قلت أرجع إلى أوراقى وما سمعته أو نشرته.

لدى اندلاع الثورة فى ليبيا انهمكت بصفتى صحافياً فى جمع الروايات عن عهد معمر القذافى المديد، والتقيت عدداً ممن كانوا إلى جانبه منذ البدايات حتى اندلاع الأحداث، سواء فى الخيمة أم الحكومة أم مجلس قيادة الثورة.

ما يعنينى هنا هو بعض ما جاء فى حوار طويل أجريته فى فبراير 2014 مع رئيس الحكومة الليبى السابق، محمود جبريل، ونشر على حلقات فى الزميلة «الحياة».

قال جبريل إن قطر التى أمدّت الانتفاضة الليبية بالمال والسلاح راهنت منذ البداية على الإسلام السياسى، وبذلت جهوداً استثنائية لتنصيب عبد الحكيم بلحاج قائداً لثوار ليبيا. وبلحاج هو الأمير السابق لـ«الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» شارك فى القتال بأفغانستان واعتقله الأميركيون وسلّموه إلى القذافى وبقى فى السجن حتى 2010. وأكد جبريل أن قطر أخرت موعد اندلاع الانتفاضة فى طرابلس ليتسنى لبلحاج الوصول إليها وبهدف تكريس دوره القيادي. وروى أنه غادر اجتماعاً ثنائياً كان يعقده مع ولى عهد قطر الشيخ تميم لأن الأخير انشغل عنه بمتابعة مشاهد كانت تبثها قناة «الجزيرة» لوصول بلحاج إلى ثكنة باب العزيزية فى طرابلس.

روى جبريل أيضا حادثة بالغة الدلالات. قال إن مؤتمراً لأصدقاء ليبيا عقد فى باريس فى سبتمبر 2011، وانتهى اللقاء بمؤتمر صحافى شارك فيه نيكولا ساركوزى وديفيد كاميرون والشيخ حمد بن خليفة وجبريل ومصطفى عبد الجليل.

وقال جبريل: «سألنى أحد الصحافيين الآن وقد سقط النظام ماذا ستفعلون بهذه الأسلحة المنتشرة؟ فقلت إن لدينا خطة لاستقرار طرابلس ولجمع الأسلحة وشرائها. قاطعنى أمير قطر أمام الجميع، وقال: الثوار لا يلقون السلاح أبداً، الثوار هم الذين لديهم الشرعية. وكان ذلك طبعاً محرجاً وغريباً».

ملف ثانٍ. فى الأسبوع الأخير من مارس 2009 وقبل يومين من توجهه إلى القمة العربية التى عقدت فى الدوحة، أجريت حواراً مع الرئيس على عبد الله صالح. قال صالح: «الوساطة القطرية انتهت، وهى للأسف شجعت الحوثى على التمادى وأن يجعل من نفسه نداً للدولة وهذه كانت من الجوانب السلبية التى وقعت فيها الحكومة اليمنية».

الظروف التى سمحت لقطر بالقيام بالأدوار المشار إليها تغيرت. لم يعد هذا الدور ممكناً. الحريق السورى مفتوح ومعه التوتر السنى – الشيعي. أميركا ترمب لا تشبه أميركا أوباما. أولوياتها فى المنطقة شديدة الاختلاف. خطاب ترمب فى الرياض مغاير لخطاب أوباما فى القاهرة. لم تعد واشنطن تراهن على احتواء «القاعدة» عبر تسهيل وصول «إسلاميين معتدلين» إلى الحكم. لم يعد «الإخوان» خياراً وارداً أو مقبولاً. ولم تعد قطر قادرة على لعب دور الوسيط فى هذا المجال. موقف إدارة ترمب من إيران واضح هو الآخر؛ لا تعتبر توقيع طهران الاتفاق النووى مكسباً أميركياً استثنائياً. إدارة ترمب تدعو إلى عزل إيران وتدين سياستها فى الإقليم وتحديداً فى العراق وسوريا ولبنان واليمن. تشترط للتسليم بالحل الروسى فى سوريا أن يقلص نفوذ إيران وينهى دور الميليشيات التابعة لها. وفى هذا المجال لا يتسع المجال لوساطة قطرية.

تغيّرت المنطقة. قمم الرياض أظهرت أين تقف الأكثرية العربية والإسلامية من الإرهاب والتطرف وسياسة زعزعة الاستقرار الإيرانية. والعلاقات السعودية – الأميركية دخلت مساراً جديداً مختلفاً. ومصر تغيرت وكذلك اليمن.

ليس سهلاً على الدول أن تسلم بأن ما كان ممكناً لم يعد. عنادها يشبه أحياناً تعلق الأفراد بصور قديمة. لكن الأكيد هو أن علاقات قطر مع محيطها الطبيعى لن ترجع طبيعية ومستقرة إلا إذا أجرت مراجعة عميقة، وسلمت بأن الدور السابق صار متعذراً، وأن مصلحتها الفعلية هى فى العودة إلى حدود الدور الطبيعى.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة