مارينا فارس تكتب: محظوظون هؤلاء البشر!

الثلاثاء، 20 يناير 2015 10:10 م
مارينا فارس تكتب: محظوظون هؤلاء البشر! عصفورة - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان طقس يوم خريفى. أيقظتنى أشعة الشمس يبدو أننى قد نسيت أن أغلق النافذة بالأمس. ذلك الصيف اللعين يرفض أن يرحل.. تظل شمسه ممسكة بأطراف الخريف.. تحسست سريرى فوجدته خشن بعض الشىء.

فتحت عينى لأجدنى أنام على قش أنه عُش!! قمت مذعورة أتلفت حولى ما هذا الذى يغطى جسدى، إنه ريش؟! رباه هل تحقق حلمى الطفولى وأصبحت عصفورة ؟! نعم أنا أصبحت عصفورة وأخيراً سأجرب حياة العصافير، سأجرب الطيران. أى تعويذة فعلت بى ذلك؟! غير مهم. المهم الآن أنى عصفورة لها جناحان.

حين كنت طفلة، كان يشغلنى كثيراً أمر العصافير. تلك الكائنات الصغيرة الرقيقة، ترى هل تتحدث؟ هل تذهب للمدرسة مثلى؟ كنت أحسدها لأنها تطير وتذهب إلى حيث تريد. تتجول بعيداً فى السماء الواسعة، تغنى طوال اليوم ولا تشعر بملل. تصنع بيوتها الصغيرة فوق الأشجار العالية. والآن كونى عصفورة فإننى استطيع أن أفعل مثلها ولكن أهم شىء هو أن أتوخى الحذر من البشر.

لأنى كنت إنسان سيئ الحظ يمكن أن أكون قد أصبحت عصفورة سيئة الحظ أيضاً. أنا أثق فى حظى العاثر وأعلم أنه يتبعنى حيث أذهب حتى ولو عش فوق شجرة. عسى أن يمسك بى أحد هؤلاء البشر ويضعنى فى قفص وسأحرم من أهم حقوقى كعصفورة، حقى فى أن أطير.

كلا لن يحدث هذا أبداً. أنها الثامنة صباحاً، طبعاً لن أذهب للعمل. ولكن لما لا؟ سوف أذهب لأقف على حافة النافذة لأشاهد البشر المساكين يعملون ويزرعون رؤوسهم وسط الأوراق، طبعاً لن أحتاج لركوب المترو، فقط سأفرد ذراعى - أقصد أجنحتى - وأطير!.. أذكر حين كنت إنسانا، تلك اليمامة التى قررت أن تنسج عشها على حافة النافذة. كانت تدخل وتخرج دون اذن ولا تحتاج لتقديم اعتذار.

بعد مرور قليل من الوقت انفقته فى اللهو على الأشجار شعرت بالجوع، يجب أن أبحث عن حبوب أملأ بها معدتى الصغيرة. الآن بدى لى الكثير من الأشياء فى عالم العصافير. إنهم لا يأكلون البطاطس المحمرة ولا يشربون القهوة كان ذلك أول شىء مزعج اكتشفه فى عالم العصافير.. وأنا أقف فوق الشجرة رأيت شيئا آخر جعل ريشى ينتصب من الخوف، رأيت قط متربص فى الأسفل. لو كنت إنسان الآن كانت إشارة عابرة تكفى بإبعاده عنى. نظرت إلى أسنانه الحادة وتخيلتها وهى تسحق عظامى الخفيفة. تخيلت ريشى وهو يتطاير حول مخالبه. شعرت بالخوف وانعدام الأمان.. أن حياة العصافير صعبة حقاً... محظوظون هؤلاء البشر.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة