يحيى الرخاوى

نتعلم من الأطفال بعد أن عجزنا عن تعليمهم

الأحد، 13 أبريل 2014 11:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كما يفعل بطوط وهو يتعلم من: سوسو، وتوتو، ولولو، أبسط حيل الحياة وطرق التربية، أملتُ ونحن نأمل فى تكوين جيل جديد، أن نبدأ التخطيط بإعادة النظر فى كل ما نشيعه عن الطفولة والبراءة والفطرة، إذ خيل إلىّ مؤخرًا أننا نعرف أقل القليل عن فطرة الله التى فطر الناس عليها، فى أحسن تقويم، وركزنا على كيف رد الله الإنسان إلى أسفل سافلين، ونسينا الاستثناء: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ومن الصالحات أن نحسن التعامل مع طبيعتنا البشرية التى أصلها أنها "فى أحسن تقويم"، التخطيط الذى أدعو إليه، أو آمل فيه يبدأ منذ الحمل، ولا مؤاخذة، بعيدا عن ما نشيعه عن براءة الأطفال، والتمسح فى العطف عليهم، وما يخيل إلينا أنه رحمة بهم، أو إطلاق حريتهم ، ثم غمرهم بهذا الكم الهائل من القصص الساذجة وحكايات الوعظ والإرشاد دون خيال أو إبداع ، أتحاشى أن أقارن مجلة ميكى، بلغتها العربية الفصيحة، ورسومها الدالة العميقة، بمجلاتنا المحلية التى تصدر من مجتهدين الأرجح عندى أنهم غير متصالحين مع الأطفال داخلهم، وبالتالى مع الإبداع أصلا، أنار الله بصيرتهم، ودعم إتقانهم، لا أريد أن أذكر أسماء مجلات محلية احترامًا للجهد وتوفيرًا للوقت وترجيحًا لحسن النية، ولكننى أقر وأعترف أننى أعود بين الحين والحين لهذه المجلات فأفزع من فرط ما أكتشفه من بعدها عن الفطرة بل وعن ما هو إبداع ، فأشفق على أطفالنا (داخلنا وخارجنا)، أقارن ما يصلنى من مجلة ميكى، أو ما أتابعه (حتى صورة بدون صوت) فى قناة "نيكولودين"، أو مسلسلات "توم وجيرى"، أقارنه بمواعظ مجلات أطفالنا، بل وما نقدمه فيما يسمى برامج الأطفال فأتبين : أين نحن ، ولا أجرؤ أن أتمادى وأتساءل "إلى أين"؟ أحيانًا أدقق النظر فى عيون "توتو" و "سوسو" و "لولو" وهم أمام مشهد واحد، وأتعجب لدقة المبدع الذى رسم هذه تعبيرات غير متماثلة، لكنها تكمل بعضها بعضا، مع أنهم يبدون لأول وهلة نسخة واحدة، ثم أربط النظرات المعبرة بالحوار باللغة العربية السليمة، ثم بخلفية الصورة، وأتساءل: "كيف يتلقى الكبار كل هذا؟" و"يا ترى ما ذا يحرك فيهم؟" ثم خذ عندك موقف هؤلاء الأطفال المحب الناصح المسامح المعلـِّم لعمهم بطوط ، بطموحاته الشاطحة ، وكسله العسل، وطيبته الخائبة معا، جنبًا إلى جنب مع مشاكساتهم وحبهم وتقديرهم لعم دهب، ومعاونته أحيانًا فى مواجهة خصمه ياقوت، قبل أن يذهبوا إلى مزرعة الجدة بطة يتمتعون بحنان الجدة ورحابة الطبيعة ويرفضون كسل "لوز" ونهمه ، كل ذلك دون أية مبالغة من وعظ أو إرشاد مباشرين.

أملتُ أن نستوعب كل مصادر تخليق الدهشة والمراجعة والتفكير الفرضى منذ الطفولة حتى تتكون الثقة، وينمو الوعى الجمعى، ويترعرع الخيال، حتى إذا غضبوا أو ثاروا أو احتجوا شبابًا أو يافعين أو شيوخ، لم يخدعهم أحد، ولم تستقطبهم قوة، ولم تخدّرهم نتائج إحصاء ورقى، أو صناديق ملتبسة.

هكذا يتكون الوعى البشرى النامى، وهو يعرف معنى الإرشاد دون نصح أو إرشاد، مع التأكيد على حق الأصغر أن يشارك، وأن ينصح وليس فقط أن يتلقى النصائح، ويبدو أن هذا الأمل كان يحيط بى وأنا أتكلم بلسان الأطفال فى الأراجيز التى كتبتها عنهم (وليس بالضرورة لهم)، وهم يوجهون الكبار حتى إلى ماهية طبيعتهم، ويعرفونهم كيف يكتسبون قيمتهم من هذه الطبيعية فى جدلها مع إثبات الذات دون المغالاة فى تضخيمها، وكلام من هذا ظهر فى الأراجيز التى كتبتها للأطفال "داخلنا وخارجنا".
هيا نسمعهم، بعنوان:

أنا قيمتى هيّا إنى : قصدى خلقة ربــِّنا
حد فيكم أغنى منّى
أنا قيمتى هيّا إنّى
يعنى "إنى" أيوه إنى: هوّا أنا!
قصدى خلقة ربنا
***
أنا من بعد ما كنت أى حاجهْ
صرت مخلوق زيكم
بس مش نسخة تمامْ من صُنعكم
قصدى يعنى صرت "حاجة"
"حاجه كدا متميـِّزهْ"
يعنى: نَفْسِى، مش "لماذَا" أو "إذَا" ..
يبقى حقى إنكمْ تعترفوا بيَّا
حتى لو ما عملتش العملهْ اللى هيّا
***
لو وصلنى فى البداية حُكمكم من غير شروطْ
حاتفرد، وحابَاصِى كورْتِى، أو حاشوطْ
تيجى فى الجونْ شجـَّعونى،
تيجى برَّه،علـِّمونى
يعنى ييجى شرطـُكمْ بعد السماحْ
ما هو مش كل اللى أنا عايزة..مُباحْ

تبقى قيمتى هيـَّا قيمتى، زائد اللى وصلنى منكم
أبقى مليان باللى فيّا، بس مش مستغنى عنكم

ما هو ربى اللى خلقنى، هوَّا برضوا اللى خلقكم
وانتوا زى ما دِّيتونى، أنا برضو مش حا سيبكم








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة