سعد هجرس

الصحفيون قطاع طرق!

الأربعاء، 08 يونيو 2011 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثيرون يحاولون تصدر المشهد، وهذا حق لهم ولغيرهم من الباحثين عن دور فى مصر «الجديدة»، لكن بعض هؤلاء يحاولون جر البلاد إلى معارك جانبية أو وهمية، بدلاً من التحلى بالمسؤولية فى وضع جدول أعمال، بأولويات واضحة وبرامج زمنية محددة، لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير.

وأحد أمثلة ذلك ما حدث بمؤتمر «الوفاق الوطنى»، ونقله لنا الزميلان محمد عبدالقادر وحسام صدقة فى تقرير إخبارى نشرته «المصرى اليوم» الجمعة الماضى يقول إن «لجنة القوات المسلحة والهيئات الاستشارية والرقابية بمؤتمر الوفاق القومى شنت هجوماً حاداً على الإعلام خلال اجتماعها (يوم الخميس الماضى).. واتهمت الصحفيين باستخدام جميع وسائل الابتزاز من أجل تلقى أموال غير مشروعة.

وقال اللواء سامى حجازى، عضو اللجنة، إن الإعلام من أخطر الأسلحة التى تدمر البلد، مشيرا إلى أن الابتزاز أصبح سمة «شبه عامة» منتشرة بين الصحفيين، وأيده معتصم راشد، عضو المؤتمر قائلا: «رجال الأعمال يتم ابتزازهم من الإعلام، واللى ميدفعش لهم تانى يوم يتشتم فى الجرائد ويقدم ضده بلاغا للنائب العام. واعترض بعض شباب الثورة على هذه الاتهامات، فتدخل ماهر هاشم رئيس اللجنة قائلا: «الكلام ده صحيح، وأنا شخصيا طلبوا منى أموال بالابتزاز».

هل هكذا يتم التعامل مع موضوع خطير، مثل الإعلام، فى لجنة يفترض أنها ستقدم توصيات «النخبة» لتحقيق التوافق الوطنى فى هذا المنعطف التاريخى الخطير؟!
وهل هكذا يتم توزيع الاتهامات ذات اليمين وذات اليسار؟!
وهل هكذا يجرى «التعميم» دون تمييز؟
ما هذا الهراء والكلام غير المسؤول؟!
وما هو الدليل الذى سوغ للبعض أن يصدر «حكما» لا يقبل النقض والإبرام بأن الابتزاز أصبح سمة «شبه عامة» منتشرة بين الصحفيين؟!
هذا كلام خطير لا يجب أن نتركه يمر دون حساب.

وأطلب من نقابة الصحفيين أن تقوم بواجبها فى الدفاع عن المهنة وأبنائها، وأن تتخذ الإجراءات اللازمة للرد على هذه الترهات التى تلوث الصحفيين المصريين قاطبة.
وأطلب من السادة المحترمين الذين أطلقوا هذه الاتهامات، دون أن يهتز لهم جفن، أن يقدموا الوقائع والأدلة والمستندات التى تثبت مزاعمهم إلى النائب العام فوراً... لأن ادعاءاتهم لا تتعلق فقط بـ «جرائم» يعاقب عليها القانون، بل إنها أيضا «من أخطر الأسلحة التى تدمر البلد».

فإذا لم يقدموا دليل إدانة الأغلبية الساحقة من الصحفيين والإعلاميين المصريين بالجرم المشهود، فإن نقابة الصحفيين مطالبة بالدفاع عن سمعة أبنائها بكافة الوسائل، ومن بينها الوسائل القانونية، فليس معقولاً ولا مقبولاً تلويث الصحفيين الذين قدموا تضحيات هائلة وصلت إلى تعرض العشرات والمئات منهم لفقد حريتهم والتعرض للسجن والتنكيل دفاعاً عن الاستقلال الوطنى والحريات والتنوير والعقلانية عبر عهود الاستبداد والفساد المتعاقبة، بينما كان بعض ممن يعممون الاتهامات اليوم على الصحفيين والإعلاميين المصريين ينامون فى سرير النظام السابق..

ورفضنا القاطع لتعميم الاتهامات على الصحفيين والإعلاميين، لا يعنى إنكارنا لوجود ظواهر سلبية كثيرة داخل صفوف الجماعة الصحفية، ومن بينها الابتزاز.
فكل فئة يوجد بها منحرفون ونحن أول من يعترف بأن هناك أفاقين وانتهازيين يحملون كارنيه نقابة الصحفيين.

ونحن أول من يطالب بمحاسبة هؤلاء، بالقانون، وإخضاعهم لسلطة ميثاق الشرف الصحفى أيضاً.
لكن هذا شىء.. وتوزيع الاتهامات وتعميمها – دون تمييز – على كل أو حتى معظم العاملين فى بلاط صاحبة الجلالة شىء آخر تماما.

وقد كنا نتوقع من أشخاص يشاركون فى محفل مهم يحمل لافتة «الوفاق الوطنى» أن يتعاملوا مع ملف الإعلام بصورة أكثر جدية، والعناوين الرئيسية لهذا الملف تشير إلى أمور أكثر خطورة من النميمة المذكورة. أولها أن الإعلام المكتوب والمسموع والمرئى مازال – بعد 25 يناير – يعانى من قيود مفروضة على حق الإصدار الذين يجب ان يكون بالاخطار فقط. وثانيا ان التشريعات المصرية مازالت حافلة بترسانة من المواد القانونية المعادية لحرية التعبير، وعلى رأسها القوانين التى تجيز الحبس فى قضايا النشر. وثالثها عدم وجود قانون ديمقراطى يكفل الحق فى الحصول على المعلومات وحرية تداولها. ورابعها أن الأطر القانونية لنقابة الصحفيين تنتمى إلى زمن الاتحاد الاشتراكى والجمهورية العربية المتحدة وتحمل أختامها وأصبح من اللازم إلقاؤها فى سلة مهملات التاريخ وتبنى أدبيات عصرية وديموقراطية.

هذا هو جانب من الحوار الذى نحتاجه... وليس «التلويش» غير المسؤول.. ونحن الصحفيين أول من يقولون بالفم الملآن إن أوضاع الصحافة والإعلام لم تتغير عما كانت عليه قبل الثورة، بل لعلها ازدادت سوءاً من بعض الزوايا.

فنفس السياسات هى ذاتها.. وكنا نحن الصحفيين أول من طالب بتغيير القيادات الصحفية والإعلامية التى كانت تدين بالولاء لنظام الرئيس السابق حسنى مبارك وتورطت فى الفساد وتسببت فى تخريب أصول المهنة وتقاليدها.

وخلاصة القول، أن الإعلام المصرى يحتاج إلى «ثورة» حقيقية لتحريره من ميراث طويل من الاستبداد والفساد.. وهذه فى المقام الأول مسؤولية الأغلبية الساحقة، الشريفة، من الصحفيين والإعلاميين.. التى لا يتورع البعض عن تلويثها والتطاول عليها.. دون دليل ودون منطق.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة