المورد الثقافى تقدم مقترحا يرسم ملامح إستراتيجية السياسية الثقافية فى مصر

الجمعة، 24 أغسطس 2012 06:07 م
المورد الثقافى تقدم مقترحا يرسم ملامح إستراتيجية السياسية الثقافية فى مصر المورد الثقافى
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حصل "اليوم السابع" على نسخة من الاقتراح الذى قدمته المجموعة الوطنية للسياسة الثقافية، إلى لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الشعب، فى مارس الماضة، ويقدم إطار عام لسياسة ثقافية جديدة فى مصر
والمجموعة الوطنية للسياسة الثقافية مكونة من 25 عضواً من المبدعين، وأساتذة الجامعات، والمختصين فى الإدارة الثقافية، تأسست بمبادرة من مؤسسة المورد الثقافى من أجل صياغة سياسة ثقافية مصرية، واعتمدت كإطار عام لعملها، نموذج السياسة الثقافية الذى وضعته مجموعة العمل على السياسة الثقافية فى أفريقيا الخاصة بشبكة أرتيريال، وهى أكبر شبكة ثقافية أفريقية غير حكومية. هذا النموذج، الذى وضعته شبكة أرتيريال، يهدف إلى تسهيل مهمة واضعى السياسات الثقافية فى البلدان الأفريقية، حيث إنه يشكل إطاراً عاماً يمكن تعديله ليناسب ظروف كل بلد.
ويأتى النموذج استجابة لتصديق الاتحاد الأفريقى فى عام 2006 فى الخرطوم على "ضرورة اتخاذ وتنفيذ مناهج تجديد عميقة وطنيًا وإقليميًا فيما يخص السياسة الثقافية". وفى عام 2008 انعقد الاجتماع الثانى للاتحاد الأفريقى فى الجزائر وتم فيه التصديق على خطة عمل تشجع "الدول الأعضاء على التوفيق والتنسيق فى السياسات الوطنية الخاصة بكل منها حول تنمية الصناعات الثقافية والإبداعية. كما تنص على أن الدول الأعضاء "عليها تحديد السياسة المثلى وأطر العمل القانونية والمؤسسية من أجل تعزيز الصناعات الثقافية والإبداعية."
ويضم هذا الإطار الملامح الرئيسية للسياسة الثقافية المقترحة والتى ستكون مفصلة فى عدة فصول تشمل كل قطاعات الثقافة المصرية، مع الأخذ فى الاعتبار أن هذا الإطار العام يشكل كلّاً متكاملاً بكل عناصره ولا يمكن فصل هذه العناصر عن بعضها.
المبادئ العامة للسياسة الثقافية المقترحة
تلتزم السياسة الثقافية لجمهورية مصر العربية بالمبادئ الأساسية التالية:
1.الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية، وهى هوية متعددة الروافد ترسخ جذورها فى التراث الثقافى، الإسلامى، والعربى، والمصرى القديم، والقبطى، والإفريقى، والمتوسطى. وهى هوية حية، تتجدد باستمرار وتتفاعل مكوناتها مع تطورات الحياة فى مصر وفى العالم، ومع الإنتاج الثقافى المعاصر، لتصبح فى حالة حيوية مستمرة.
2.البعد الثقافى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية: الثقافة مكون أساسى فى خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تؤثر فيها سلباً وإيجاباً، لذا لا يمكن عزل التنمية عن احتياجات وضروريات بناء الإنسان ثقافياً، أى معرفيا ووجدانيا.
3.الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان: يؤكد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى مادته رقم 24 على أن "لكل إنسان الحق فى المشاركة بحرية فى الحياة الثقافية، إنتاجا - واستهلاكًا، والتمتع بالفنون والمساهمة فى التطور العلمى وما يجلبه من منافع". يستلزم ذلك أن تكون كل سبل العمل الثقافى مفتوحة بشكل ديمقراطى وعادل أمام المصريين بتنوع ثقافاتهم وآرائهم ومعتقداتهم.
4.السيادة: تحتفظ الدولة بحقها السيادى فى أن تحتفظ وتصدق على وتطبق السياسات والإجراءات التى تراها مناسبة لحماية وتشجيع أشكال التعبير الثقافى والتنوع الثقافى داخل نطاقها الجغرافى، مع ضمان التدفق الحر للأفكار والأعمال. ووفقاً لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولى، وبما لا يتعارض مع الحريات الأساسية المحمية طبقا لإعلان حقوق الإنسان والقانون الدولى، وعلى الأخص قوانين حماية حرية الرأى والتعبير.
5.الشفافية والقابلية للمحاسبة والتقييم: لابد أن تلتزم السياسة الثقافية للدولة بتقنين آليات تتيح الشفافية الكاملة، بحيث تكون كل المعلومات المتعلقة بمجال الثقافة متاحة سواء للمؤسسات الرقابية أو مؤسسات المجتمع المدنى أو المواطنين بشكل عام. ويستلزم ذلك أن تتضمن السياسة الثقافية مؤشرات وأدوات تقييم ومراجعة ملائمة ومنتظمة، كما يجب عقد مؤتمر وطنى ليصدّق على ويتبنى الصيغة النهائية لها.
المقومات الرئيسية للسياسة الثقافية المقترحة:
1.الحفاظ على التراث الثقافى المصرى المادى والمعنوى: هو من أهم الأصول الثابتة للأمة المصرية، ولا يقتصر فقط على الآثار المصرية القديمة، والقبطية، والإسلامية، التى ينبغى حمايتها وتشجيع الاعتزاز بها بين المواطنين، وإنما يشمل أيضاً كل الموروث المعمارى، والبصرى، والموسيقى، والأدبى، واللغوى، والمعيشى الذى راكمه الشعب المصرى على مدى العصور والحقب التاريخية المختلفة التى مر بها، إذ ينبغى حماية هذا الموروث وتوثيقه وزيادة الوعى بأهميته بين المواطنين وتقنين طرق استخدامه.
2.رعاية وتنشيط الإنتاج الثقافى المصرى المعاصر: الاهتمام بدعم وإنتاج وتوثيق وتوزيع الإبداع الثقافى المصرى المعاصر بفروعه ومجالاته المختلفة، وبتنوع أساليبه ومدارسه، يجب أن يكون على رأس أولويات السياسة الثقافية المصرية. هذا قطاع مطرد النمو ويشكل حلقة وصل مهمة بين قطاع ضخم من المنتجين الثقافيين والجمهور المحلى والدولى.
3.تنشيط التعاون الثقافى بين مصر ودول العالم: استناداً إلى الموقع الهام لمصر تاريخياً وجغرافياً، وإلى الدور المتميز الذى لعبته فى المنطقة العربية وفى قارتى أفريقيا وأوروبا، وطموحاً إلى دور أكثر فعالية وتأثيرا على المستوى الدولى، تؤكد هذه السياسة على أهمية تبنى إستراتيجيات أكثر فعالية فى مجال العلاقات الثقافية الدولية تستند إلى الندية والاحترام المتبادل بين الثقافة المصرية فى تنوعها وبين ثقافات العالم.
أهداف السياسة الثقافية المصرية
الهدف العام للسياسة الثقافية المصرية هو:
دعم وتطوير حياة ثقافية غنية. مبدعة، ونشطة، ومنتجة يشارك فيها ويستفيد منها كل المواطنين المصريين دون تمييز. كما تؤكد هذه السياسة على الحق الأصيل لكل مواطن مصرى فى تلقى الخدمات الثقافية التى تمول من المال العام، بشكل حر وعادل، وفى التعبير الإبداعى عن أرائه وأحاسيسه دون قيود.
لتحقيق هذا الهدف العام حددت هذه السياسة الثقافية الإستراتيجيات التالية خلال السنوات الثلاث المقبلة:
1.تحديد الميزانية الخاصة بالثقافة بـ 1.5% من الموازنة العامة للدولة، وإعلان تفاصيل هذه الميزانية.
2.الحد من مركزية الثقافة، سياسيًا، وإدارياً، وجغرافياً، وعلى هيمنة العاصمة والمدن الكبرى على الحياة الثقافية.
3.التكامل بين السياسة الثقافية وسياسات التعليم فى مصر بدءاً من التعليم الأساسى، والارتقاء بتعليم الفنون بشكل متخصص.
4.إعادة هيكلة وزارة الثقافة وكل الأطر المتعلقة بتمويل الثقافة وإدارتها بهدف تمكين المجتمع المدنى من لعب دور فعال فى الحياة الثقافية، وزيادة الشفافية ومنع الفساد.
5.احترام حرية العمل الثقافى وتنقية القوانين المقيدة للحريات الثقافية، وزيادة وعى المجتمع بأهمية احترام وحماية حرية الرأى والإبداع والتعبير.
6.دعم التشاور والمشاركة بين كل القوى الاجتماعية والسياسية فى وضع وتنفيذ السياسة الثقافية، واتخاذ كافة السبل إلى احترام التنوع الثقافى فى مصر واعتباره من الأصول الهامة للثقافة المصرية.
•آليات التنفيذ:
ومن أجل تحقيق الهدف العام من هذه السياسة الثقافية من خلال الأهداف الفرعية السابقة، نقترح اتخاذ القرارات والإجراءات والآليات التالية:
أولاً: دور مجلس الشعب:
1.القيام بمراجعة وتطوير كل القوانين والتشريعات واللوائح المؤثرة فى العمل الثقافى، مثل قوانين حرية التعبير والرأى والنشر، وتكوين الشركات ذات النفع العام، واستخدام الأماكن العامة، والضرائب، والجمارك، وتشغيل المواقع الفنية والثقافية، والملكية الفكرية، ورعاية الفنانين والأدباء وغيرها من القوانين بهدف تحقيق أهداف هذه السياسة الثقافية، كذلك مطالبة السلطة التنفيذية بتفعيل الاتفاقيات الإقليمية والدولية التى وقعت عليها مصر ولم تفعل مثل اتفاقية اليونسكو لحماية ونشر كل أشكال التعبير الثقافى (2005). وتقوم المجموعة الوطنية للسياسة الثقافية حالياً بإعداد قائمة تفصيلية بالقوانين التى تحتاج إلى مراجعة وتطوير.
2.مناقشة وتحديد معايير وأسس الاختيار التى توزع على أساسها المخصصات المالية للمحافظات، والمؤسسات الثقافية والأفراد، والإعلان عن هذه المعايير بشكل شفاف.
3.إقرار هذه السياسة الثقافية ووضع آلية واضحة متفق عليها بين الأجهزة الحكومية ومؤسسات المجتمع المدنى لضمان متابعة وتقييم تنفيذها بشكل موضوعى، مع الإعلان عن نتائج التقييم وكل المعلومات الأخرى الخاصة بهذه السياسة. ويستتبع ذلك الاتفاق على آلية لتعديل وتطوير هذه السياسة كل ثلاث أو خمس سنوات.
ثانياً: دور الأجهزة الحكومية:
1.أن توزع الميزانية المخصصة للثقافة بشكل ديمقراطى وعادل على كل محافظات مصر تبعاً للتركيز السكانى فيها وتمشياً مع أولويات التنمية، مع مراعاة الاهتمام بالمحافظات المهمشة، عبر آليات ومعايير معلنة وشفافة تمكن الفاعلين النشطين فى القطاع الثقافى من المشاركة فى اتخاذ القرارات المتعلقة بتوزيع الميزانية فى محافظاتهم، على المشروعات الثقافية والمؤسسات الثقافية المستقلة والمبدعين الأفراد، وعلى أن يراعى توزيع الميزانية التوازن بين الحفاظ على وتوثيق التراث الثقافى المادى والمعنوى وبين دعم وتشجيع الإبداع المصرى المعاصر.
2.إعادة صياغة دور وزارة الثقافة بحيث تقوم بالتنسيق بين الوزارات المختلفة من أجل ضمان أن تلعب المؤسسات الحكومية الدور المنوط بها فى تنفيذ هذه السياسة الثقافية فى جميع قطاعاتها، حيث أن المجال الثقافى يتداخل مع وزارات أخرى مثل وزارة التربية والتعليم، والإعلام، والاقتصاد، والصناعة، والتجارة، والشباب والرياضة، والأوقاف، والسياحة، والمالية، والداخلية، والتنمية المحلية، على سبيل المثال. كذلك تقوم الوزارة بدور الممول والداعم الرئيس، وليس المنتج أو المنفذ أو الموزع، للأنشطة والخدمات الثقافية، فضلاً عن دورها الهام فى تمثيل القطاع الثقافى أمام مجلس الشعب.
3.إبرام اتفاقات وتصميم برامج تتيح التكامل فى خدمات وزارتى التعليم والثقافة، والالتزام بتعليم الفنون والآداب فى التعليم الأساسى الحكومى بشكل حقيقي، وتطوير برامج ومناهج دراسية ملائمة للمجالات الإبداعية والإدارة الثقافية وربطها بالتطور التكنولوجى لتعزيز قدرة الصناعات الإبداعية الوطنية على المنافسة فى الأسواق المحلية والدولية. كذلك الاهتمام بإدراج تلقى وتذوق الفنون فى المناهج الدراسية فى التعليم المدرسى والجامعي.
4.إصلاح وزارة الثقافة إدارياً بشكل تدريجى وحل مشكلة تضخم العمالة بها، مع تخلى الوزارة عن لعب دور المنتج والموزع للخدمات والمنتجات الثقافية وقيامها بدور الممول والراعى للعمل الثقافي. تقترح أيضاً السياسة إعادة دمج وزارتى الثقافة والآثار فى وزارة واحدة، والتحول من نمط "الإدارات الحكومية" إلى نمط "المؤسسات العامة" الذى يضمن استقلال الثقافة عن السلطة التنفيذية ويضمن فى نفس الوقت إشراف أجهزة الدولة الرقابية مالياً وإدارياً على العمل الثقافي.
5.أن تلعب وزارة الثقافة دوراً محورياً فى دعم وتنشيط صناعات ثقافية وطنية قوية تنخرط فى الاقتصاد الوطنى، عبر التنسيق مع وزارات الاقتصاد والتجارة والصناعة، ومع القطاع الخاص، وعن طريق اقتراح تعديلات تشريعية وإجرائية تضمن تحفيز الاستثمار فى هذه الصناعات، ودعم قدرتها التنافسية.
6.أن تبادر وزارة الثقافة بتوثيق كل مناحى العمل الثقافى فى مصر، عبر شبكة معلومات تشارك فيها المؤسسات الثقافية المستقلة. وأن توفر هذه المعلومات للمواطنين والسائحين والباحثين بأشكال متنوعة، ومن خلال مراكز معلومات ثقافية فى كل محافظات مصر.
ثالثاً: دور المجتمع المدنى:
1.إشراك المؤسسات الثقافية المستقلة بشكل فعال فى وضع وتنفيذ ومراقبة وتقييم هذه السياسة الثقافية، ويستلزم ذلك إيجاد أطر قانونية مناسبة تضمن سهولة إنشاء وعمل مؤسسات ثقافية أهلية تختلف فى طبيعة عملها جذرياً عن الجمعيات الأهلية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، مثل الشركات ذات النفع العام، وتيسير وتوحيد الإجراءات القانونية المتعلقة بإنتاج وتوزيع الخدمات والمنتجات الثقافية.
2.التزام المؤسسات الثقافية المستقلة بأساليب الإدارة الجيدة للمال العام وبالشفافية فى الإعلان عن ميزانياتها ومصادر تمويلها واحترام تلك المؤسسات للقوانين المتعلقة بالعمل الثقافى السارية فى مصر، مع الأخذ فى الاعتبار ضرورة تطوير هذه القوانين لضمان تحرير العمل الثقافى.
3.ضمان حرية النقابات الفنية وإخراجها من دائرة السيطرة الحكومية، وتشجيعها على لعب دورها فى رفع المستوى المهنى لأعضائها، مع الحفاظ على مصالحهم دون التحكم فى ممارسة العمل الفنى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة