هل تستطيع الحكومة توفير مليون وحدة سكنية لمحدودى الدخل فى 5 سنوات؟.. الدمرداش: المشروع غير تنموى والدولة غير قادرة على تنفيذه.. البرادعى: يساهم فى تحريك الاقتصاد.. والتمويل ليس أزمتنا

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011 08:10 م
هل تستطيع الحكومة توفير مليون وحدة سكنية لمحدودى الدخل فى 5 سنوات؟.. الدمرداش: المشروع غير تنموى والدولة غير قادرة على تنفيذه.. البرادعى: يساهم فى تحريك الاقتصاد.. والتمويل ليس أزمتنا محمد فتحى البرادعى وزير الإسكان
كتبت هبة حسام الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الوقت الذى تستعد فيه الدولة ممثلة فى وزارة الإسكان لطرح أول 60 ألف وحدة على شركات المقاولات ضمن مناقصة عامة من مشروع الإسكان الاجتماعى الجديد الذى ستنشئ الحكومة من خلاله مليون وحدة سكنية لمحدودى الدخل على مدار الخمس سنوات المقبلة بدءًا من العام القادم، إضافة إلى توفير المشروع 6 ملايين فرصة عمل حقيقية، وذلك من خلال الدراسة التى تؤكد أن الوحدة السكنية الواحدة توفر فى المتوسط 1.5 فرصة عمل مباشرة، و4 فرص عمل غير مباشرة - وفقا لتصريحات وزير الإسكان الدكتور فتحى البرادعى- شكك الدكتور مصطفى الدمرداش الرئيس السابق لمجلس إدارة المركز القومى لبحوث الإسكان والبناء التابع لوزارة الإسكان فى إمكانية تنفيذ الحكومة لمثل هذا المشروع (القومى).

وأكد الدمرداش عدم وجود القدرات التنفيذية لشركات المقاولات التى تمكنها من بناء مليون وحدة فى خمس سنوات فقط، كما أكد عدم توافر النواحى التمويلية التى يمكن للحكومة أن تمنحها للمقاولين فى تنفيذ هذا المشروع، ووسط تأكيدات الدمرادش على عدم قدرة الدولة على التنفيذ، والتى تقابلها تأكيدات أخرى من الدكتور فتحى البرادعى وزير الإسكان على قدرة الحكومة على التنفيذ، خاصة أنه تم الإعداد والتجهيز لهذا المشروع جيدا طوال الأشهر الماضية سواء من الناحية الفنية والتنفيذية أو التمويلية، يطرح "اليوم السابع" تساؤلا حول ما إذا كانت الدولة بالفعل ستستطيع تنفيذ المليون وحدة أم لا؟ وهل سيرى محدودو الدخل مشروع الإسكان الاجتماعى بعد خمس سنوات؟

فبينما أكد الدكتور فتحى البرادعى، وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، أن مشروع الإسكان الاجتماعى سيساهم فى تحريك الاقتصاد المصرى وأنه لن يوفر السكن فقط، وذلك من خلال إنعاش سوق الإسكان والعقارات، والذى ينعش معه نحو 90 صناعة مختلفة، بالإضافة إلى توفير العديد من فرص العمل، وصف الدكتور مصطفى الدمرداش، رئيس مركز بحوث الإسكان سابقًا، المشروع الاجتماعى الجديد بغير التنموى، قائلا: "النهارده مفيش حاجة اسمها اسكن فقط، ولكن من الضرورى عمل ما يسمى بالتنمية العمرانية، بمعنى أنى أوفر الشغل والخدمات الأول وبعدين أسكن الناس".

وكشف الدمرداش فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن مشروع المليون وحدة لم يخطط جيدا لبنائه، حيث ستقوم الوزارة ببنائه فى الأماكن الفضاء بالمدن الجديدة دون تخطيط جيد لصلاحية هذه الأماكن، هذا ما يؤدى إلى عدم وصول الوحدة لمستحقيها، حيث يقوم المواطن محدود الدخل والذى من المفترض أن يكون هو المستهدف من هذا المشروع الاجتماعى ببيع هذه الوحدة بعد الحصول عليها، لأنها وحدة بدون عمل أو خدمات بذلك لا يستطع المواطن البقاء فيها فيضطر لبيعها لمواطن أغنى منه ويتحول الأمر إلى استثمار تجارى.

وأضاف، كل العقارات المنشأة فى المدن الجديدة حاليا مغلقة، لأن لا يوجد بهذه المدن العمل الذى يستطيع المواطن أن يعمل به، لذا يقوم المواطن إما بغلق الوحدة أو بيعها للفئة القادرة، وبذلك تكون الوحدة المدعمة من الدولة تم بيعها فى النهاية ولم يستفد منها المواطن المستهدف فى الأساس، وهو محدود الدخل، لافتا إلى أن من المشكلات التى تعوق تنفيذ المشروع الاجتماعى أيضا هو أنه سينفذ بالطرق التقليدية فى البناء، والتى ستؤدى لرفع أسعار الحديد والأسمنت، وهو ما يعتبر فى حد ذاته أمراً غير اقتصادى، كما أنه ببناء هذا المشروع سأكون وفرت سكن فقط، ولكن لم أنشئ مجتمعا متكاملا، لأن المجتمعات تخلق عندما يتم عمل تنمية عمرانية متكاملة.

وأشار الدمرداش إلى أنه لا يوجد فى الدولة الكم الكافى من المقاولين سواء فى القطاع العام أو الخاص الذين يستطيعون بناء مليون وحدة سكنية فى خمس سنوات فقط، وتابع: "ممكن ده يتعمل لو بطرق غير تقليدية، والتى عرضها المركز على وزارة الإسكان ولكنهم رفضوا"، حيث لم يتلق المركز أى رد من الوزارة منذ أن أرسل مذكرة بذلك فى أغسطس الماضى وحتى الآن.

وأوضح الرئيس السابق للمركز أنه يوجد لدى مركز البحوث العديد من النماذج الجاهزة الحديثة التى يعمل العالم بأكمله بها حاليا، والتى تفيد فى إنجاز وبناء مثل هذه المشروعات القومية الاجتماعية بشكل سريع ومنخفض التكاليف، ولكن لا توجد لدينا الجرأة لتطبيق هذه التكنولوجيا، قائلا: "وقتما تتوافر لدينا الرغبة فى التحسين والتغيير بدون استفادات شخصية، ساعتها هنقدر نتقدم، ومن يعوق استخدام المواد الحديثة حاليًا هم أناس تصنع المواد الأخرى التقليدية، ومن لا يعطى القرار هو مستفيد بطريقة ما من عدم تطبيق هذه التكنولوجيا"، مؤكدا أن هذه الدولة أن لم نفكر لها بشكل غير تقليدى لن تتقدم، خاصة أن البناء بالطرق التقليدية يعتبر مكلفا بشكل كبير فى كل شىء بدءًا من توصيل المرافق للأرض وحتى بنائها بوحدات سكنية.

ولفت الدمرداش إلى أن المركز أعد طرقا حديثة للبناء وتوصيل المرافق بتكلفة تعادل سدس تكلفة توصيل الدولة للمرافق، بمعنى أن المرافق التى يتم توصيلها بمليار جنيه يمكن توصيلها بطرق حديثة بقيمة 200 مليون فقط، مشيرا إلى أن الدكتور فتحى البرادعى، وزير الإسكان الحالى، جاء فى ظروف صعبة وتحت ضغط كبير، وهو ما دفعه لاتخاذ قرار ببناء مشروع المليون وحدة، واصفا هذا المشروع بـ"المشروع السياسى" وليس الاقتصادى، قائلا: "الظروف التى جاء بها الوزير جعلته متخوفاً من اتخاذ قرار بتغيير الفكر السائد، وهو ما جعل المشروع الاجتماعى المقبل مشروعا بلا رؤى".

وأكد الدمرداش أن كل الأبحاث والدراسات التى قام بإعدادها المركز طوال الثلاث سنوات الماضية يصلح تطبيقها على المشروعات القومية بشكل عاجل وجاهز، لافتا إلى أن المركز أعد نحو 44 مشروعًا قوميا تم تجريب كل شىء بها على أرض الواقع سواء الطرق الحديثة فى البناء أو إعادة تدوير المخلفات الصلبة الناتجة من عمليات البناء، وكذلك تطبيق استخدام الطاقة المتجددة، مشيرا إلى أن الوزارة رفضت استخدام هذه الدراسات فى تنفيذ المشروع الاجتماعى الجديد، بل إنها لم تول أى اهتمام بذلك من خلال عدم الحضور أو المشاركة فى الندوات والمؤتمرات التى عقدها المركز طوال الأشهر الماضية حول هذه الأبحاث والدراسات الحديثة فى البناء والعمارة الخضراء والتخطيط البيئى الصديق للبيئة.

غير أن الدكتور فتحى البرادعى، وزير الإسكان أكد أن تنفيذ مشروع الإسكان الاجتماعى يتطلب توفير 16 مليار جنيه سنويا لإنشاء 200 ألف وحدة سكنية كل عام على مدار خمس سنوات، وجاءت تلك التكلفة من خلال حساب تكلفة الوحدة السكنية، والتى تصل إلى 100 ألف جنيه بالمرافق.

ولفت البرادعى إلى أن البداية فى هذا المشروع ستكون تدريجية، بحيث سيتم البدء فى السنة الأولى بتنفيذ نحو 100 ألف وحدة سكنية، على أن يزداد هذا الكم فى السنة التالية ليصل إلى 180 ألف وحدة على سبيل المثال، ومن الممكن أن نصل فى آخر عام إلى تنفيذ 350 ألف وحدة فى العام الواحد، فهذا نظام العمل المعروف فى تنفيذ مثل هذه المشروعات القومية، والتى يزداد العمل بها تدريجيا، وهو ما رد عليه الدمرداش قائلا: "إحنا قعدنا 6 سنين ومعرفناش نعمل نص مليون وحدة إزاى هنعمل مليون فى خمس سنوات فقط".

وقال البرادعى فى تصريحات لـ"اليوم السابع" إنه فى العام الأول من تنفيذ المشروع وهو العام المقبل، لا نحتاج من موازنة الدولة، والتى تم اعتمادها شهر يوليو الماضى سوى ما يكفى 6 أشهر فقط، خاصة أن المشروع سيبدأ فى يناير المقبل ويستمر معتمدا على موازنة العام الحالى إلى شهر يوليو فقط قبل اعتماد الموازنة الجديدة للعام الجديد، والتى سيؤخذ جزء منها أيضًا لاستكمال باقى الوحدات المقرر بناؤها فى العام المقبل، أى أن الموازنة المقررة لعام 2011/2012 ستستغل خلال الـ6 أشهر الأولى فقط من العام المقبل عند البدء فى تنفيذ المشروع فعليًا، ولا نحتاج فى هذا العام سوى 8 مليارات جنيه فقط، فضلا عما سيتم توجيهه من حصيلة الأرباح الهائلة التى ستحقق من بيع الأراضى بالمزادات للقادرين، والتى ستخدم مشروعات محدودى الدخل.

وتابع، قمنا طوال الفترة الماضية منذ الإعلان عن مشروع المليون وحدة فى يناير الماضى بحساب تكلفة العائدات التى ستحققها الدولة من الأراضى التى ستطرحها الفترة المقبلة سواء بنظام القرعة أو نظام المزاد العلنى، وجد أن عائد أول مزاد سيطرح العام المقبل بطرح 50 ألف قطعة أرض للقادرين، بالإضافة إلى نسبة 20% ربح يتم تحقيقه من عائد بيع أراضى القرعة لمتوسطى الدخل، ستغطى هذه العائدات تكلفة إنشاء 900 ألف وحدة سكنية من المشروع، كل ذلك ولم نتطرق إلى موازنة الدولة أو حصة شركاء التنمية التى ستوفرهم لنا وزارة التعاون الدولى والتى أعلن عنها من قبل.

وعن أراضى مشروع الإسكان، أكد الوزير أنه تم تحديدها فى المحافظات التى سينفذ جزء من المشروع بها، والجزء الخر سيطرح فى المدن الجديدة، حيث أن المحافظات تقدمت بمساحات أراض حتى الآن تكفى لإنشاء نصف مليون وحدة سكنية، أما الوحدات التى ستنشأ فى المدن الجديدة فأراضيها متوفرة من خلال هيئة المجتمعات العمرانية التى لديها أراض مرفقة جاهزة تكفى لإنشاء المشروع بالكامل.

فيما دعا عقاريون واستشاريون إلى ضرورة "التفاؤل" بالمشروع، وعدم الحكم على أى فكرة بالفشل قبل أن تبدأ، حيث اتفق عدد من الخبراء العقاريين على قدرة الدولة على تنفيذ مشروع الإسكان الاجتماعى الجديد سواء من الناحية التنفيذية الخاصة بشركات المقاولات والأعمال الإنشائية المتخصصة أو من الناحية التمويلية وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ هذا المشروع، حيث قال المهندس الاستشارى صلاح حجاب إن الدولة قادرة على إنشاء المليون وحدة سكنية، خاصة أن وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية التابعة لها لديها القدرة على توفير الأراضى اللازمة للمشروع.

وأضاف حجاب أنه فيما يخص الناحية التمويلية فإنه من السهل على الدولة توفير الاعتمادات المالية التى تستلزم بناء 200 ألف وحدة سكنية سنويا، وذلك من خلال حصيلة بيع أراضى القرع والمزادات بخلاف ما ستوفره الدولة من موازنتها العامة لهذا المشروع، لافتا إلى توافر القدرة لدينا فى الأداء بمعنى وجود شركات المقاولات الكافية والقادرة على إنشاء المليون وحدة.

واتفق معه فى الرأى الخبير العقارى أبو الحسن نصار، موضحًا وجود العديد من الشركات والكفاءات الهندسية لدينا، والقادرة على إعداد النواحى التنفيذية للمشروع الاجتماعى المقبل سواء على مستوى القطاع العام أو الخاص، لافتا إلى توافر القطاعات الهندسية التى تستطيع وضع برامج تنفيذية تتطابق مع الموارد المتاحة لتنفيذ المشروع.

وقال نصار إنه ليس من الضرورى أن نبدأ ببناء 200 ألف وحدة فى العام الأول للمشروع، طالما أن المشروع سينفذ على مراحل متتالية ليس بالضرورى أن نحسبه كله حسبة واحدة، بل يمكننا البدء بتنفيذ 50 ألف وحدة فقط فى العام الأول على أن نعوض هذا النقص فى العام التالى له والذى وقتها قد تكون الأوضاع الاقتصادية تحسنت ومعها سنستطيع زيادة الإنتاج، لافتا إلى أنه لا يمكننا اتباع سياسة الحكم على الأفكار قبل تنفيذها بالفشل، ولكن يجب أن نبدأ ولو حتى بكم قليل من الوحدات ثم نزيد الإنتاج بعدما تكون عجلة الاقتصاد دارت ومكنتنا من الإنتاج أكثر، مؤكدًا على قدرة شركات المقاولات المصرية على تنفيذ المشروع قائلا: "شركاتنا بنت مصر والدول العربية بأكملها".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة