مع الانتشار الواسع لاستخدام روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، لم يعد دور هذه الأدوات مقتصرًا على البحث أو إنجاز المهام الدراسية والمهنية، بل امتد ليشمل الدعم العاطفي وإدارة الضغوط النفسية، هذا ما أكده مصطفى سليمان، الرئيس التنفيذي لقطاع الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت، مشيرًا إلى أن كثيرًا من المستخدمين باتوا يلجؤون إلى الشات بوت لتفريغ مشاعرهم و«تنقية أذهانهم».
لماذا يلجأ الناس إلى الذكاء الاصطناعي للدعم العاطفي؟
خلال ظهوره في بودكاست Breakdown، أوضح سليمان أن الرفقاء الرقميين من روبوتات الدردشة يُستخدمون بشكل متزايد لتجاوز أزمات شخصية مثل الانفصال العاطفي أو الخلافات الأسرية، وقال إن هذه الأدوات أصبحت وسيلة لـ«تفريغ المشاعر والتخلص من التوتر».
وأضاف أن هذا الدور لا يُعد علاجًا نفسيًا بالمعنى التقليدي، لكنه يلبّي حاجة إنسانية واضحة، موضحًا:«هذا ليس علاجًا، لكن لأن هذه النماذج صُممت لتكون غير حُكمية، وغير توجيهية، وتعتمد على الاستماع المتوازن والتعاطف والاحترام، فقد اتضح أنها تلبي حاجة حقيقية لدى الناس».
الاستماع دون حكم
يرى سليمان، أن أحد أهم أسباب لجوء المستخدمين إلى الذكاء الاصطناعي هو غياب الأحكام المسبقة، فالشات بوت يتيح مساحة آمنة للتعبير عن المشاعر وطرح الأسئلة الحساسة دون خوف من الانتقاد أو الإحراج، وهو ما لا يتوافر دائمًا حتى في الدوائر القريبة من الأصدقاء والعائلة.
ورغم أن الفكرة قد تبدو للبعض قريبة من سيناريوهات Black Mirror، يؤكد رئيس مايكروسوفت للذكاء الاصطناعي أن لهذه الظاهرة جوانب إيجابية، وقال:«هذه طريقة لنشر اللطف والحب، وتنقية أنفسنا، حتى نتمكن من الظهور بأفضل صورة ممكنة في العالم الحقيقي، مع البشر الذين نحبهم».
وبحسب سليمان، فإن هذا النوع من التفاعل قد يساعد المستخدمين على الشعور بأنهم مسموعون ومفهومون، خاصة في الحالات التي لا يجدون فيها هذا الدعم لدى محيطهم الاجتماعي.
اعتماد متزايد على الشات بوتات
لم تعد هذه الظاهرة محل شك، إذ سبق أن كشف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، أن عددًا من المستخدمين باتوا يتعاملون مع ChatGPT باعتباره «معالجًا نفسيًا»، وهو ما يفتح نقاشًا واسعًا حول حدود الدور الذي ينبغي أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في حياة البشر.
وفي ظل هذا التوسع، يبرز تساؤل أساسي حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مكملًا للدعم الإنساني، أم أنه قد يتحول إلى بديل عنه، وبينما يؤكد سليمان أن الشات بوتات ليست علاجًا نفسيًا، إلا أن دورها في تخفيف الضغط العاطفي يبدو مرشحًا للنمو مع ازدياد الاعتماد عليها في الحياة اليومية.