أحمد التايب

السودان وخطوط مصر الحمراء.. دلالات ومؤشرات

الأحد، 21 ديسمبر 2025 12:36 ص


السودان على مفترق الطرق في ظل الصراع المُحتدم، وفى ظل المعاناة الإنسانية التي تنهش أجساد السودانيين، وتقضى على كل مقومات الحياة جراء ارتكاب جرائم الحرب والمجازر التي ترتكب يوميا وحالة النزوح التي تعرض الملايين لكوارث حياتية على كل المستويات، يكفى تشريد الأطفال، وقتل كبار السن وحالات الاغتصاب الجماعى التي تحدثت عنها تقارير إعلامية وأممية، وما نود الإشارة إليه رسم مصر خطوط حمراء، بعد زيارة رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق عبد الفتاح البرهان للقاهرة، والتي تعد بمثابة تحول كبير في توقيت بالغ الحساسية مع تعقّد المشهد الميداني وتدهور موازين القوى على الأرض.

فما يحدث في السودان قطعا دفع أطرافًا إقليمية رئيسية – ليست القاهرة فقط - إلى إعادة تقييم سياساتها السابقة القائمة على إدارة الأزمة من الخلف أو الاكتفاء بالوساطات السياسية، خاصة أن استمرار جرائم الدعم السريع وتمدد نفوذه لا يهدد فقط الجيش السوداني كمؤسسة، بل يفتح الباب أمام سيناريو تفكك الدولة، وتحول السودان إلى ساحة نفوذ متنازع عليها، بما يحمله ذلك من تداعيات أمنية مباشرة على البحر الأحمر، والقرن الإفريقي، وحدود مصر الجنوبية.

غير أن زيارة البرهان إلى القاهرة، عقب زيارته إلى السعودية مباشرة، تحمل دلالات سياسية وأمنية عميقة تشير إلى ملامح تنسيق مصري – سعودي آخذ في التبلور بشأن الملف السوداني، في ظل التحولات المتسارعة في الإقليم.


وهنا تأتى أهمية رسم خطوط حمراء من قبل الدولة المصرية بهدف إعادة ضبط المشهد داخل السودان بعد اتساع رقعة الفوضى واستنزاف الدولة، لا سيما مع تصاعد خطر مليشيا الدعم السريع بوصفها فاعلًا مسلحًا خارج إطار الدولة، ومدعومة سياسيًا وعسكريًا من دول خارجية، بما يتعارض مع تصورات القاهرة والرياض لمعادلات الاستقرار الإقليمي.

وعلينا أن ننتبه، أن هذه الخطوط الحمر لا تأتى من فراغ ولا محل صدفة، وإنما لأن السودان يمثل عمقًا استراتيجيًا مباشرًا مرتبطًا بالأمن القومي، سواء من حيث الحدود الجنوبية، أو ملف مياه النيل، أو منع تحوّل السودان إلى ساحة نفوذ لقوى إقليمية معادية أو غير منضبطة، فدعم المؤسسة العسكرية السودانية بوصفها الإطار الوحيد القابل لإعادة توحيد الدولة، ومواجهة مشروع “الدعم السريع” الذي يقوم على تفكيك الدولة لصالح مليشيا عابرة للحدود والولاءات، ويهدد بتحويل السودان إلى نموذج ليبي جديد أو ساحة صراع بالوكالة.


لذا، جاءت أدوات ضغط وتأثير فعلية ومؤثرة على الأرض، في مواجهة شبكة المصالح الإقليمية التي تغذي استمرار الحرب، فالأمر لم مقتصرًا على التحفظ أو إدارة الخلاف بهدوء، بل انتقل إلى مستوى الإنذار السياسي ورسم خطوط حمراء تتصل مباشرة بالأمن القومي المصري، في محاولة لوقف اندفاع دول وقوى في دعم قوات الدعم السريع وتقويض بنية الدولة السودانية.


وأخيرا، نستطيع أن نقول إن زيارة البرهان تكشف وتعكس إدراكًا إقليميًا متزايدًا بأن الصراع في السودان تحوّل إلى ملف استراتيجي مفتوح، ستحدد مآلاته موازين النفوذ في المنطقة لسنوات مقبلة، وأن تركه دون تدخل  قد يفضي إلى نتائج يصعب تداركها لاحقًا.. وهو ما يجب الانتباه إليه من قبل المجتمع الدولى وأيضا قبل المنطقة خاصة الدول المتشاطئة على البحر الأحمر ..




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة