سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 4 مايو 1982.. وفاة زهير الشايب الذى أفنى عمره فى ترجمة موسوعة «وصف مصر» وفصله أنيس منصور من عمله الصحفى واضطهده موسى صبرى وكرمه السادات

السبت، 04 مايو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 4 مايو 1982.. وفاة زهير الشايب الذى أفنى عمره فى ترجمة موسوعة «وصف مصر» وفصله أنيس منصور من عمله الصحفى واضطهده موسى صبرى وكرمه السادات زهير الشايب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان المترجم والمبدع زهير الشايب، يبلغ سبعة وأربعين عاما، حين توفى يوم 4 مايو، مثل هذا اليوم، 1982، لكن «جهده على مستوى القص والترجمة حفر اسمه فى جدارية الأدب والثقافة بحروف من ذهب»، حسبما يذكر الشاعر والناقد شعبان يوسف، فى كتابه «المنسيون ينهضون».

وتعد ترجمة «الشايب» لموسوعة «وصف مصر» شاهدة على أنه أحد البنائين العظام للوعى فى تاريخ مصر، رغم القهر والاضطهاد الذى تعرض له بقيام الكاتب أنيس منصور وقت أن كان رئيسا لإدارة وتحرير مجلة أكتوبر بفصله من العمل، وبعدها التحق بجريدة الأخبار لكنه واجه اضطهادا جديدا على يد موسى صبرى رئيس التحرير إرضاء لأنيس منصور، حسبما يذكر الكاتب الصحفى جميل عارف فى كتابه «أنا وبارونات الصحافة»، الذى يكشف فيه القصة كاملة كشاهد عليها، وداعما للشايب من خلال موقعه كمدير لتحرير مجلة أكتوبر.

يكشف «عارف» أن زهير الشايب حين بلغه قرار أنيس بفصله علق بأسى: «أملك قلمى، ولا أظننى سأموت أنا وأطفالى من الجوع، وكل ما أستطيع أن أقوله هو حسبى الله ونعم الوكيل»، كان أطفال الشايب أربعة، أكبرهم منى التى استكملت مسيرته بعد ذلك، وأصبحت أستاذ بكلية الآثار، واستكملت ترجمة باقى الموسوعة.

اللافت أن اضطهاد الشايب جرى بحجة أنه بتوجيهات سياسية عليا، إلا أن ما جرى بعد ذلك فضح الأمر، حيث كرمه الرئيس السادات عام 1979، ومنحه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية فى عيد العلم بعد إصداره الأربعة أجزاء الأولى من «وصف مصر»، وهو ما يثير التساؤل عن سبب اضطهاده.

يجيب جميل عارف: «كان الشايب ضحية الحقد والغل الذى يملأ قلوب بعض زملائه الكبار، بسبب قيامه بترجمة «وصف مصر الذى كان عملا يحتاج إلى مؤسسة كبيرة للترجمة والنشر»، ويتذكر عارف: «ذهبت مرة إليه فى بيته وكان يسكن فى شقة صغيرة مكونة من ثلاث حجرات بالدور الخامس فى منزل قديم لا يوجد به مصعد، وكانت الساعة متأخرة من الليل، وأثارنى كفاح الأديب الشاب وهو يقوم بعمله فى ترجمة «وصف مصر»، وكان يجلس فى صالة الشقة أمام طاولة صغيرة تشبه الطبلية، وكانت عادته أنه ينتظر حتى ينام أطفاله ثم يتسلل إلى صالة الشقة، ويجلس أمام هذه الطاولة ليباشر عمله فى ترجمة الكتاب».

وعن أهمية «وصف مصر»، تذكر الدكتورة رضوى زكى، فى مقالها «موسوعة وصف مصر» المنشور فى مجلة «ذاكرة مصر» عن مكتبة الإسكندرية، عدد 50 خريف 2022»: «نالت الموسوعة الخالدة التى وضعها العلماء المصاحبون للحملة الفرنسية بعد خروجهم من مصر، وفشل الحملة الفرنسية 1798 - 1801 الشهرة والمكانة باعتبارها أسبق عمل جامع شامل عن مصر القديمة والحديثة.

تضيف: «صدرت أجزاء تلك الموسوعة فى باريس عام 1810، فيما صدر آخر أجزائها عام 1826 لتكتمل أقسام هذا السفر العظيم المكون من تسعة كتب للنصوص، يصل كل منها إلى 800 صفحة، وأحد عشر كتابا للوحات، وخريطة لبلاد مصر وفلسطين نشرت فى 47 صفحة مزدوجة، وتضمنت الطبعة الأولى ألف نسخة وهى الأكثر فخامة ومتانة وأبهة، وكانت باهظة الثمن، وأهداها نابليون بونابرت للشخصيات البارزة».

مر قرن ونصف القرن تقريبا على طبع هذه الموسوعة فى فرنسا، حتى تصدى «الشايب» لترجمتها وهو فى الخامسة والثلاثين من عمره تقريبا، حيث ولد فى قرية البتانون بمحافظة المنوفية عام 1935، وحصل على دبلوم المعلمين الخاص من معهد شبين الكوم عام 1957، وانتسب فى نفس الوقت بكلية الآداب وحصل على الليسانس عام 1959، ثم سافر إلى سوريا أثناء فترة الوحدة للعمل مدرسا للغة الفرنسية، وعاد بعد الانفصال عام 1961.

تذكر ابنته الدكتورة منى الشايب لجريدة الأهرام فى 12 نوفمبر 2019: «بدأ والدى فى ترجمة الكتاب عام 1970، وأنجز الأجزاء الأولى حتى منتصف العاشر، بالإضافة إلى الأجزاء الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر الخاصة بالدولة الحديثة، وأول أجزاء بالدولة القديمة، واستمر فى العمل حتى وفاته عام 1982.

تكشف: «أول أربعة أجزاء ترجمها والدى وطبعها وأنفق عليها من ماله الخاص مقتطعا جزءا من دخلنا الأسرى، وأتذكر أنه حينما كان يتم إحضار الكتب من المطبعة إلى المنزل كان يطلب منا أنا وأشقائى أن ننظمها ونغلفها حتى يبدأ هو شخصيا بتوزيعها على منافذ البيع لكى تصل إلى القراء، وعقب ذلك لاقت الأجزاء الأربعة انتشارا واسعا واهتماما من المثقفين والأدباء وبدأ الإدراك بأهمية الكتاب، فعرضت مكتبة الخانجى على والدى طباعة الكتاب مقابل مبالغ زهيدة فوافق لأنه لم يكن يبحث عن تحقيق مكاسب مادية على الإطلاق».

تؤكد: «أكملت ترجمة باقى أجزاء الموسوعة التى تضم 37 جزءا، واستمررت فى العمل لمدة عشرين عاما حيث انتهيت منها عام 2002».










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة