فدوى طوقان.. سر تطوير موهبتها وكواليس لقائها بعبد الناصر

الثلاثاء، 14 مايو 2024 07:00 م
فدوى طوقان.. سر تطوير موهبتها وكواليس لقائها بعبد الناصر فدوى طوقان
كتبت إسراء إسماعيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

رغم شهرتها في مجال الأدب واهتمامها بالقضية الفلسطينية، لكن حياتها مليئة بالأسرار والمفاجآت، لقد عانت كثيرًا في حياتها بدءًا بتنمر الأطفال عليها، مرورًا بإجبارها على ترك الدراسة، ثم فقْد شقيقها الشاعر إبراهيم طوقان، والأزمات السياسية التي تعرضت لها فلسطين..

انتهاءً بتجارب الحب غير المكتملة، والعجيب أن كل تلك الأزمات، تسببت في تكوين شخصية فدوى طوقان الفريدة من نوعها، تلك الشخصية التي ما إن تطرقت إلى حياتها، تُفاجأ بثقافتها، وعقلها المتفتح، ولباقتها، رغم أنها لم تكمل دراستها.

ولدت فدوى طوقان في مدينة نابلس عام 1917، وكانت الابنة الصغرى لعائلة طوقان، وشقيقة الشاعر الكبير إبراهيم طوقان، مدير إذاعة القدس، وصاحب نشيد موطني، وهو أيضًا صاحب قصيدة الفدائي، "لا تسَلْ عن سلامته"، القصيدة التي اقتبس منها الدكتور وليد سيف أجزاءً منها في بداية رواية التغريبة، التي تحولت إلى مسلسل بنفس الاسم، واستعان المخرج حاتم علي بأبياتها كتتر للمسلسل.

التحقت فدوى بإحدى مدارس نابلس الابتدائية، وقد عانت من تنمر الأطفال حولها، بسبب بنيتها الضعيفة وشحوب وجهها، واللذين نتجا عن حمى الملاريا التي أصابتها في طفولتها -كما أوردت في كتابها "رحلة جبلية.. رحلة صعبة" والذي يتناول سيرتها الذاتية.

عانت فدوى كثيرًا في طفولتها وبداية مراهقتها، خاصة بعد تركها للتعليم بسبب قرارات والدها المتحفظة والصارمة، والذي رأى أن تكتفيَ فدوى بالابتدائية، ومن هنا زادت عزلتها أكثر، خاصة مع ابتعادها عن الأطفال بسبب سخريتهم منها، مِمّا دفعها للتفكير في الانتحار، لولا رعاية الله لها، إذ أرسل لها شقيقها إبراهيم، الذي عاد بعد إنهاء دراسته في الجامعة الأمريكية في بيروت، والذي عاونها على تثقيف نفسها بنفسها، فكان يُمِدُّها بدواوين الشعر، التي ساعدت في إصقال موهبتها الشعرية، وكان يصطحبها معه إلى الندوات والأمسيات التي يحضرها، مِمّا أكسبها خبرة في التعامل مع الناس.

ومع ملاحظة إبراهيم لموهبة شقيقته، خاصة بعد قراءتها لأحد دواوين أبي تمّام، لقَّبها بأم تمّام، كما شجعها على نشر قصائدها في المجلات.
وقد أثرت وفاة إبراهيم طوقان في فدوى كثيرًا، الشيء الذي دفعها لكتابة قصائد في رثائه، مِمّا دفع النُقّاد والأدباء لتلقيبها بخنساء القرن العشرين؛ نظرًا لتشابه فدوى والخنساء، كما ألفت كتابًا أسمته: "أخي إبراهيم"، تم نشره عام 1946، تحكي فيه عن شقيقها، وقد اعتبر البعض أن مرثياتها في أخيها إبراهيم، هي بدايتها الحقيقية.

في عام 1952، نشرت فدوى ديوانها الأول بعنوان: "وحدي مع الأيام"، والذي لاقى رواجًا كبيرًا في تلك الفترة، وفي عام 1957، نشرت ديوانها الثاني بعنوان: "وجدتُّها"، وقد التزمت

في هذين الديوانين بكتابة الشعر العامودي، لكنها خرجت عن المألوف في ديوانها الثالث "أعطِني حُبًّا"، والذي نشرته عام 1960، إذ كتبت الشعر الحر، الشيء الذي رفضه بعض النقاد، واستحسنه الآخرون.

سافرت فدوى في بداية الستينيات إلى لندن، وأقامت بها لمدة عامين، وقد فتحت لها تلك الرحلة آفاقًا أكبر على العالم، كما ساعدتها تلك الرحلة، على إتقان اللغة الإنجليزية.

عاصرت فدوى طوقان النكبات والهزائم، التي مرَّ بها العالم العربي، بداية من النكبة في عام 1948، مرورًا بالعدوان الثلاثي، وأحداث النكسة في عام 1967، والتى نتج عنها احتلال الجولان، وسيناء، والقدس، وباقي مدن الضفّة، حيث كانت نابلس إحدى غنائم الاحتلال.. ومن هنا بدأت فدوى بالمشاركة الفعلية في الندوات والأمسيات الشعرية، كالتى كان ينظمها محمود درويش، وسميح القاسم، وتوفيق زياد... بل إنها كانت تقيم أمسياتها الخاصة، الشيء الذي استفزَّ حكومة الاحتلال، ودفع موشي ديّان وزير الدفاع الإسرائيلى إلى استدعائها، وقد دار الحوار بينهما أمام ابن عمِّها قدري طوقان، ورئيس البلَدية، ومستشار وزير الدفاع لشؤون الضفّة، ومِمّا جاء في حوارهما -كما جاء في كتاب رحلة جبلية-، طلب فدوى الصريح بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، لكنَّ موشي ديان أرجع الأمر إلى رفض الرئيس جمال عبد الناصر للمفاوضات، وقالها صراحة: "الفلسطينيون وحدهم يمكنهم التأثير على عبد الناصر، للجلوس معنا على طاولة المفاوضات"، وعندما سألت فدوى ابن عمها قدري إن كان يستطيع إبلاغ عبد الناصر وطلب المفاوضات، أجابها موشي ديان قائلاً: "افعلي أنتِ ذلك"، وبالفعل.. التقت فدوى بالرئيس جمال عبد الناصر بعد عام من تلك الواقعة، وأخبرته بما حدث، فقال: "إن سيناء بكل ما فيها من نفط وثروات معدنية، لا تُهِمُّني بقدر اهتمامي بالضفة الغربية وسكانها، فحين التقيت بالملك حسين بعد نكسة يوليو، وكان في طريقه إلى أمريكا، طلبت منه أن يرضى بأيِّ اتفاق مع المسؤولين هناك، إذا كان في ذلك ضمان استرجاعه للضفة، لكنَّ أمريكا رفضت التوصل إلى أيِّ اتفاق مع الملك حسين".

مرت فدوى طوقان بالعديد من تجارب الحب غير المكتملة، والتي ذكرت بعضها في حواراتها وفى شعرها، ومن بين الشخصيات التي ارتبطت بهم عاطفيًا، الناقد أنور المعداوى والإعلامى سامى حداد، لكنها لم تتزوج، ورحلت فدوى طوقان عن عالمنا فى 12 من ديسمبر عام 2003، عن عمر يناهز 86 عامًا.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة