مصر والاتحاد الأوروبى.. شراكة اقتصادية وسياسية على مدار عقود.. مكافحة الهجرة غير الشرعية وإدارة الحدود تعكسان أهمية العلاقات الثنائية.. وملف الغاز الطبيعى يكشف دور القاهرة الداعم للقارة العجوز بالأزمات والحروب

السبت، 16 مارس 2024 11:57 م
مصر والاتحاد الأوروبى.. شراكة اقتصادية وسياسية على مدار عقود.. مكافحة الهجرة غير الشرعية وإدارة الحدود تعكسان أهمية العلاقات الثنائية.. وملف الغاز الطبيعى يكشف دور القاهرة الداعم للقارة العجوز بالأزمات والحروب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين
كتب محمد جمال

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
علاقات اقتصادية قوية جمعت مصر بدول الاتحاد الأوروبى، وهو ما تمت صياغته بمرور الوقت عبر العديد من اتفاقيات الشراكة التى تم توقيعها بين الجانبين على مدار العقود الماضية، فتشهد العلاقات المصرية الأوروبية تطورا كبيرا خلال الفترة الماضية فى العديد من المجالات خاصة السياسية والاقتصادية.
 
وتعكس زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين" للقاهرة برفقة رئيس الوزراء البلجيكى الكسندر ديكرو ورئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلونى ورئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس مدى أهمية العلاقات المصرية الأوروبية التى تأتى فى إطار من التكامل والشراكة التى تلبى متطلبات التنمية وفقًا للأولويات والمحددات التنموية الوطنية.

وتأتى تلك الزيارة فى فترة يشهد فيها إقليم الشرق الأوسط حالة من الاضطراب الشديد بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهى الاعتبارات التى تزيد من أهمية الزيارة، وتعزز الحاجة إلى زيادة أوجه التنسيق والتعاون المصرى الأوروبى.

فالتعاون مع الاتحاد الأوروبى لم يكن وليد اللحظة بل امتدت الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى على مدار عقود والتى تقوم على التكامل وتلبية الأولويات الوطنية، والاستجابة فى أوقات الأزمات، وهو ما ظهر جليا فى وقت جائحة كورونا، وتم إطلاق إطار الشراكة الثنائية 2021-2027 التى تعمل على دفع جهود التنمية الخضراء والمستدامة، ودفع الاستثمار فى رأس المال البشرى، وتحقيق المرونة الاقتصادية والتحول الرقمى.

تركزت سياسة مصر الخارجية فى السنوات الماضية على دعم استقرار المنطقة فى محيطها الإقليمى والدولى، وتعزيز مبادئ الاحترام المتبادل بين الدول، والالتزام بالقانون الدولى والعهود والمواثيق التى تنظم العلاقات بين الدول.

 وقد أدت هذه المبادئ إلى تعزيز مكانة مصر كقوة إقليمية مهمة لضمان استقرار المنطقة، فينظر الاتحاد الأوروبى إلى مصر كدولة محورية للاستقرار فى الشرق الأوسط وبوابة للتجارة مع أفريقيا.

ومن الناحية الاقتصادية والسياسية، يعزز استقرار مصر الاستقرار فى المنطقة بأكملها، كما يسهم فى منع تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى الاتحاد الأوروبى، ومع ذلك، فإن التحديات التى تواجهها مصر تتزايد، حيث تضطر للتعامل مع تداعيات النزاعات وعدم الاستقرار فى المنطقة، وتكبد تكاليف إضافية لتأمين حدودها ومواجهة التحديات الناجمة عن الهجرة غير الشرعية.

ويساهم الاتحاد الأوروبى بمساعدات إنمائية لمصر بقيمة تتراوح بين 1.7 إلى 2 مليار دولار أمريكى سنويا، بالإضافة إلى مبادرات مبادلة الديون التى تعفى مصر من سداد بعض ديونها للاتحاد الأوروبى مقابل استخدام تلك الأموال فى تنفيذ مشروعات تنموية، كما تم توقيع اتفاقية بين مصر والاتحاد الأوروبى لتعزيز إدارة الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية.

ومع ذلك، فإن التحديات لا تزال قائمة، وتتطلب جهودًا مستمرة لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتعزيز التنمية الاقتصادية فى مصر، وتعتبر هذه الجهود ضرورية للسيطرة على التدفقات غير الشرعية من المهاجرين وتجنب الأزمات الإنسانية والاقتصادية فى أوروبا.

 ويحتل الدور المصرى مكانة بارزة فى مجال الطاقة وتحديدًا فى إطار منتدى غاز شرق المتوسط الذى يُعدُّ من قبل أوروبا كمصدر رئيسى لتلبية احتياجاتها من الطاقة، وذلك لسد الفجوة التى نشأت نتيجة تقليل الاعتماد على روسيا كمورد للطاقة، وقد لعبت مصر دورًا حيويًا فى توفير جزء من احتياجات أوروبا من الغاز من خلال محطتى إسالة ادكو ودمياط، حيث تم استخدامهما بشكل رئيسى لمعالجة الغاز القادم عبر الأنابيب من حقل تمار الإسرائيلى، ومن ثم شحنه عبر السفن إلى أوروبا بعد إسالته.

 هذه الجهود دفعت مصر إلى تحقيق أرقام قياسية فى صادرات الغاز الطبيعى المسال إلى أوروبا، حيث وصل إجمالى الشحنات المصدرة إلى حوالى 8 ملايين طن عام 2022 مقارنة بنحو 7 ملايين طن فى العام السابق، وبلغت قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعى المسال خلال عام 2022 حوالى 8.4 مليارات دولار.

 وتعتبر صادرات الطاقة المتجددة أحد أهم مجالات التعاون بين مصر وأوروبا، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم بين الشركة المصرية لنقل الكهرباء وشركة "جان دى نال" البلجيكية الرائدة فى مجال إنشاء البنية التحتية للكابلات البحرية وخدمات سوق الطاقة البحرية.

وبموجب هذه الاتفاقية ستقوم الشركة بدراسة مشروع تصدير الطاقة المتجددة بين مصر وأوروبا، من خلال إنشاء خط ربط بحرى بسعة لا تقل عن 2 جيجاوات، وهو مشروع سيسهم بشكل كبير فى تعزيز التعاون بين البلدين وتنويع صادرات الاقتصاد المصرى إلى أوروبا بما يشمل السلع والغاز الطبيعى وخدمات السياحة والطاقة المتجددة.

يُعد الاتحاد الأوروبى حزمة مساعدات حجمها 7.4 مليار يورو أى 8.08 مليار دولار لمصر تهدف إلى دعم اقتصادها وسط مخاوف من أن يؤدى الصراع فى غزة والسودان إلى تفاقم المشاكل المالية فى البلاد وذلك فى ضوء خطة رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين" لزيارة القاهرة بهدف إجراء مباحثات حول دعم التنمية الاقتصادية فى مصر وتخفيف تأثير الأزمة الاقتصادية الراهنة.

تعد خطة الاستثمارات الأوروبية خطوة مكملة لسلسلة التعاون الاقتصادى بين الجانبين إذ تعد مصر الشريك التجارى التاسع والعشرون للاتحاد الأوروبي، وتمثل 0.7% من إجمالى تجارة السلع للاتحاد الأوروبى مع العالم, فيما يمثل الاتحاد الأوروبى أكبر شريك تجارى لمصر، ويغطى 24.5% من حجم تجارة مصر، وجاءت %25.8 من واردات مصر من الاتحاد الأوروبى وذهبت 21.8% من صادرات مصر إلى الاتحاد الأوروبى.

بلغت الصادرات المصرية إلى الاتحاد الأوروبى نحو 16.17 مليار دولار خلال عام 2022 مقارنة بنحو 1.98 مليار دولار خلال عام 2003 فيما سجلت الواردات المصرية منه حوالى 17.97 مليار دولار مقابل 2.93 مليار دولار فى عام 2003.

وترتكز واردات الاتحاد الأوروبى من مصر فى الوقود ومنتجات التعدين، والمواد الكيمائية, والزراعة والمواد الخام والمنسوجات والملابس والأسمدة، فيما تتمثل صادراته فى الآلات ومعدات النقل والمواد الكيمائية وكذلك الوقود ومنتجات التعدين.

ويعد الاتحاد الأوروبى أحد المستثمرين الرئيسين فى مصر عقب الدول العربية، حيث تعتبر البلاد ثانى أكبر متلق للاستثمار الأجنبى المباشر من الاتحاد الأوروبى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

كما استحوذ الاتحاد الأوروبى على أكثر من 30% من إجمالى الاستثمارات الوافدة إلى مصر خلال العام المالى 2022/2021 بقيمة تبلغ 6.7 مليار دولار مقابل استحواذ الدول العربية على نحو %37 بقيمة تبلغ 8.2 مليار دولار، وخلال الفترة التى تتراوح بين 2002/2003 إلى 2022/2021، ارتفع الاستثمار الأوروبى الوافد إلى الاقتصاد المصرى من 812.9 مليون دولار إلى 6.7 مليار دولار بنسبة نمو تبلغ 720%.

ولم تقتصر الشراكة على التبادلات التجارية والاستثمارية فحسب بل امتدت لتشمل تقديم منح ومساعدات وقروض ميسرة للدولة المصرية فى مجالات التنمية الخضراء والمستدامة، والتنمية البشرية ودعم التحول الأخضر والرقمى وتطوير الدولة الحديثة والديمقراطية. بالإضافة إلى استحواذ أكبر خمس دول أوروبية مستثمرة بمصر (هولندا - إيطاليا - ألمانيا - فرنسا - بلجيكا) على نسبة تتجاوز 87% من إجمالى الاستثمارات الأوروبية الوافدة وإلى جانب ذلك، تُعد مصر شريك أساسى لأوروبا فى أمن الطاقة، حيث حاولت تعزيز مكانتها كمركز إقليمى للطاقة من خلال تعويض أوروبا عن تراجع إمدادات الغاز الروسية عقب الحرب الأوكرانية، وفى عام 2022 وحده عززت البلاد صادراتها من الغاز الطبيعى المسال لأوروبا لتصل نسبتها إلى 71% من إجمالى الصادرات المصرية من الغاز المسال مقارنة بنسبة 31% خلال عام 2021.

وإلى جانب الغاز المسال، يتعاون الطرفين فى مجال الطاقة المتجددة، وتمثلت أبرز محطة فى مسيرة التعاون فى قمة المناخ (COP27) بشرم الشيخ إذ قرر الجانبان إقامة شراكة استراتيجية بشأن الهيدروجين الأخضر من أجل تعزيز مرحلة انتقال الطاقة.

وفى مايو 2023 وقعت مصر مذكرة تفاهم مع شركة "سكاتك إيه إس إيه" النرويجية لبدء دراسات مشروع تصدير الطاقة المتجددة من مصر إلى أوروبا عبر إيطاليا، وتتضمن مذكرة التفاهم بدء الدراسات تمهيدًا لتنفيذ مشروع تصدير الطاقة المتجددة إلى أوروبا باستخدام خط ربط بحرى بقدرة لا تقل عن 3 جيجاوات.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة