عهد بسيسو: لا يوجد مكان للنجاة في شمال غزة.. المستشفيات والجامعات دمرت بشكل كامل .. القطاع لم يعد صالحا للحياة أبدا
شقيقة عهد لتليفزيون "اليوم السابع": عهد أعطت درسا للعالم كله في معنى القوة والصبر والتحمل
مسئولة بجمعية إغاثة أطفال فلسطين: نشيد بالدور الكبير للدولة المصرية في تسهيل نقل "عهد" لتلقي العلاج بالخارج
الدكتور مصطفى شكري استشاري جراحة العظام: الفتاة مصابة شظيتين كبيرتين في القدم اليمنى .. قدمها الوحيدة تحتاج لعلاج الكسر ومعالجة الحروق الشديدة
"بتاريخ 19 ديسمبر 2023 صعدت إلى الطابق السادس فى منزلنا بشمال قطاع غزة للحصول على إشارة للهاتف المحمول تمكننى من التواصل مع أبى المقيم فى بلجيكا منذ 6 سنوات.. جلست على الكرسى واضعة قدمى اليمنى على اليسرى وانتظرت التقاط إشارة من شبكة المحمول.. دبابة إسرائيلية أطلقت قذيفة استهدفتنى وأسقطتنى أرضا"، شرحت الفتاة الفلسطينية عهد بسيسو صاحبة مقطع بتر قدمها على طاولة مطبخ بواسطة عمها طبيب العظام الدكتور هانى بسيسو تفاصيل عملية البتر التى أحدثت تفاعل واسع فى الشارع العربى والدولى.
تحدثت الفتاة الفلسطينية فى حوار حصرى لـ"تليفزيون اليوم السابع" عن تفاصيل عملية بتر قدمها التى تمت بسكين المطبخ بدون أى بنج أو أدوات طبية فى منزلهم شمال القطاع، مضيفة: "عمى استخدم ليفة الصحون لتنظيف قدمى من الشظايا والرمال التى خلفتها قذيفة الدبابة.. وجدت نفسى ملقاة على الأرض ومن فوقى الثلاجة وآثار دمار للمطبخ ولم أستوعب ما حدث لى.. أمى أزالت العجين من الطاولة ووضعونى عليها وبتر عمى قدمى بالسكين كى ينقذ حياتى فلم تكن تتوفر أى أدوات طبية وسط حصار دبابات إسرائيلية لمنزلنا شمال القطاع".
تضيف الفتاة الفلسطينية التى تبلغ من العمر 18 عاما وتتلقى العلاج فى مستشفيات القاهرة: تحدثت إلى عمى الدكتور هانى بسيسو وقولت له لا تقطع قدمى رغم علمى أنه الحل الوحيد لإنقاذ حياتى هو بتر القدم.. حملنى ابن عمى ونقلنى إلى الطابق الرابع وشعرت بأنى فقدت قدمى بشكل كامل"، حالة عهد بسيسو واحدة من عشرات القصص الإنسانية التى ترصد معاناة أطفال وشباب غزة فى ظل العدوان الإسرائيلى المستمر.
الفتاة الفلسطينية عهد
أكدت "عهد" أنها صعدت إلى الطابق السادس رفقة شقيقتها الكبرى "منى" للتحدث مع والدها عبر الهاتف نظرا لسوء خدمة الإنترنت وانقطاع الاتصالات بغزة، مما يتطلب الحديث من طابق علوى حتى تتمكن من التقاط إشارة للهاتف، مشيرة إلى أنها أنزلت "ستارة" المطبخ وجلست بجوار الثلاجة خوفا من استهداف الدبابات الإسرائيلية لهن خلال حديثهن مع أبيهن المقيم فى بلجيكا، مضيفة: وضعت قدم على الأخرى لأتصل بأبى إلا أن فوجئت بوقوعى على الأرض ومن فوقى الثلاجة وغبار ولا استوعب مكان تواجدى وما حدث لى."
وتابعت الفتاة الفلسطينية: شقيقتى "منى" تعرضت للصدمة ولم تتمكن من الحديث خوفا أن أكون استشهدت... استجمعت قوتى وقولت لها أنا على قيد الحياة ومتواجدة هنا.. أخبرى عمو هانى بما حدث كى يحضر لأنه الوحيد القادر على مساعدتى بصفته طبيب.. رفعوا عنى الغبار والثلاجة ونقلنى ابن عمى للطابق الرابع وتساءلت عن قدمى اليمنى وطالبنى بعدم النظر إليها.
وأكدت عهد بسيسو أن والدتها كانت تعجن على طاولة المطبخ وبعد الحادث رفعوا "العجين"، لوضعها على الطاولة لإنقاذ حياتها مع عدم توافر أي أدوات طبية في المنزل واستمرار حصار الدبابات الإسرائيلية للمنزل، مضيفة: عمي قام بتنظيف قدمي من الشظايا والرمل بواسطة ليفة الصحون ... نظرت له نظرة رجاء وتمني بألا يقطع قدمي وانخرط عمي في البكاء لدقيقتين وأحضر سكين المطبخ لبتر قدمي اليمنى بدون بنج أو تخدير.
وعن شعورها فى هذه اللحظة ومدى تأثرها بما حدث خلال عملية البتر، تقول عهد: ربنا أنزل عليا الصبر وقولت الحمد لله هذا نصيبى وربنا اختارنى.. مكثنا 4 أيام محاصرين من الدبابات الإسرائيلية وأنا أنزف.. الشاش لم يكن متوفرا فى منزلنا وكان عمى يغسله يوميا للاستعانة به.. قبل الإصابة كانت نسبة الهيموجلوبين فى دمى 15 ونتيجة النزيف المستمر لأيام وصل إلى 7 وبعد إجراء العملية انخفض لـ 5.
وأكدت الفتاة الفلسطينية تمسكها بالعودة إلى غزة بعد تلقى العلاج بالخارج كى تثبت للجانب الإسرائيلى بأن الفلسطينيين لن يتخلوا عن وطنهم أبدا، مضيفة: خلال تواجدى فى المنزل مع استمرار حصار الدبابات تحدثت مع عمى الدكتور هانى وقولت له ماذا لو اقتحمت الدبابات المنزل هل تتركونى.. كان رده: مصيرى من مصيرك والدبابات لو لم تنسحب سأرتدى ثوب العمليات وسأخرج بكى وأصعد على الدبابة.. وليسحموا لنا بالذهاب إلى المستشفى أو يقتلونا معا لأنى لن أتركك وحدك أبدا.
وأوضحت "عهد" أن والدها يبكى باستمرار كلما تحدث معها بعد علمه ببتر قدمها، مضيفة: أبى كان يقود السيارة خلال استقباله خبر إصابتى وتعرض للإغماء فى الشارع ونقل إلى المستشفى ولا يستوعب حتى الآن ما حدث له.. أبى يبكى بحرارة حسرة على بتر قدمى.
أكدت "عهد" أنها تحتاج إلى المزيد من العمليات الجراحية لعلاج الإصابات التي تعرضت لها وتركيب طرف صناعي بعد فقدان قدمها، مشيرة إلى تعرضها لتعب نفسي وجسدي نتيجة العمليات الجراحية المستمرة التي تجري لها على مدار الأسابيع الماضية، وتابعت بالقول: كنت حريصة على حالتي النفسية كي لا تتأثر جروحي سلبا .. الحقيقة أن الله وقف معي في كل خطوة وسخر لي أولاد الحلال.
وعن رحلة نقلها إلى القاهرة لتلقي العلاج، وصفت الفتاة الفلسطينية التنقل من شمال غزة إلى الجنوب بالمستحيل في ظل الحرب الإسرائيلية والقصف المستمر، مشيرة إلى أن المسافة في الظروف الطبيعية تكون نصف ساعة إلا أنها قطعت المسافة في حوالي 10 ساعات كاملة، موضحة أنها مكثت في المستشفى الميداني الأمريكي برفح الفلسطينية ليومين، وبعدها توجهت إلى مصر عبر معبر رفح، مشيدة بالدعم الكبير الذي تقدمه الدولة المصرية ومؤسساتها للجرحى الفلسطينيين.
ابتسامة عهد بسيسو بعد رسمها علم فلسطين
وأشارت إلى نقلها إلى مستشفى خليفة في محافظة الإسماعيلية قبل أن يتم نقلها إلى القاهرة، مشيدا بحفاوة الشعب المصري في استقبال الفلسطينيين وتقديم كافة سبل الراحة إلى المرضى والجرحى.
وعن أسرتها في شمال غزة، أكدت الفتاة عهد بسيسو أن والدتها وشقيقها عاهد (16 عاما، دعاء (13 عاما)، يتواجدون في شمال غزة حتى اللحظة، موضحا أن الخبز لا يتوفر أبدا وانتشرت المجاعة نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر.
وأوضحت "عهد" أنها سجلت في كلية الصيدلة التي لم تستمر دراستها بها سوى أسبوع واحد حتى السابع من أكتوبر الماضي، مشيرة إلى أنها كانت تحلم بمستقبلها كطبيبة، والاستعدادات التي كانت تقوم بها لحياتها الجامعية والعمل الوظيفي وكذلك شراء السيارة التي تحلم بها، وأضافت في نبرة حسرة: لا يوجد مكان للنجاة في شمال غزة المدمر ولا يستطع أحد التوجه جنوبا.
وتابعت عهد بالقول: سجلت في كلية الصيدلة وبعد تعرضي للإصابة أفكر جديا في التحويل إلى كلية أخرى لأنني كرهت كل شيء يخص الطب نتيجة الوجع المستمر في المستشفيات وألم المعدة بسبب العقاقير الطبية... لن أتحمل أوجاع أي مريض لأني سأتذكر كل شيء قاس عايشته .. سأتلقى العلاج بالخارج وأعود أقوى لبناء بلادي التي لن أتخلى عنها.
الفتاة الفلسطينية عهد بسيسو
وحول الوضع الصحي في غزة تقول عهد: نصف شباب قطاع غزة فاقدين أطرافهم وأنا واحدة منهم .. نحن فعلنا كل شيء فعليا بمفردنا ويجب أن يعرف الجميع أن القدس ليست لنا وحدنا لكنها لكافة المسلمين باعتبارها قبلة لهم، مؤكدة أن مستشفيات وجامعات قطاع غزة دمرت بشكل كامل ولم يعد القطاع صالحا للحياة، واختتمت حديثها بالقول: أتمنى رسالتي توصل لإنقاذ غزة.
من جانبها، تقول مني بسيسو الشقيقة الكبرى للفتاة الفلسطينية عهد لتليفزيون "اليوم السابع" أن ما حدث هو ابتلاء للأسرة الصابرة والراضية بما حدث لابنتهم، مشيرة إلى أن الشعب الفلسطيني سيحرر غزة وأرضه مهما مارست السلطات الإسرائيلية العنف والقتل، مضيفة: شقيقتي عهد أعطت العالم كله درسا في معنى القوة والصبر والتحمل وتحملت ما لا يستطع أحد تحمله.
عهد ومنى بسيسو في مستشفيات القاهرة
أشارت شهد الطويل في حديث لـ"تليفزيون اليوم السابع" إلى أن الجمعية لديها تدخلات في كافة الأراضي الفلسطينية بشكل عام سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، ومكاتب في لبنان والأردن تقدم خدمات لكافة الأطفال، موضحة أن عملية إخلاء عهد وكافة الجرحى تكون صعبة للغاية.
وأوضحت أن عملية نقل عهد يجب ألا تستغرق نصف ساعة لكنها استمرت لحوالي 10 ساعات رغم وجود تنسيق تم على مدار 20 يوما، مؤكدة وجود صعوبة كبيرة في تنقل سيارات الإسعاف داخل غزة لنقل الجرحى لتلقي العلاج بالخارج.
ناشدت "الطويل" العالم الحر وطرق باب الإنسانية بالضغط في قضية إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية لغزة وإخراج المزيد من الجرحى، مشيدة بالدور الكبير للدولة المصرية التي ساعدت بشكل كبير في تسهيل نقل عهد لتلقي العلاج في مستشفيات القاهرة، مضيفة: عهد ستغادر القاهرة في غضون يومين لتركيب طرف صناعي.
وتوجهت المسؤولة في جمعية إغاثة أطفال فلسطين بالشكر إلى السفارة الفلسطينية في القاهرة لدورها في التنسيق مع الجهات الرسمية المصرية لإخراج عهد بسيسو لتلقي العلاج عبر معبر رفح البري، مضيفة: ما تشاهدوه عبر شاشات التليفزيون هو جزء بسيط جدا مما يجري على الأرض.
فريق جمعية إنقاذ أطفال فلسطين مع عهد بسيسو
من جانبه، أكد الدكتور مصطفى شكري استشاري جراحة العظام ومدير المستشفى التي تتلقى عهد بسيسو العلاج فيها أنهم استقبلوا الفتاة الفلسطينية بالتنسيق مع جمعية إغاثة أطفال فلسطين، مشيرا إلى إصابة عهد ببتر في القدم اليمني أسفل الركبة، كسر في القدم اليسرى، حيث تم استقبالها للعلاج الطبي وستسافر إلى الخارج لتركيب طرف صناعي.
وأوضح الدكتور مصطفى في تصريحات لـ"تليفزيون اليوم السابع" أن الفتاة الفلسطينية تعرضت للبتر في الساق اليمني، كسر بالقدم اليسرى وتم تركيب مثبت خارجي الذي يحتاج لتعديل، مع رصد حروق شديدة في الناحيتين اليمنى واليسرى، نتيجة الإصابة المباشرة بشظيتين كبيرتين في القدم اليمنى، ما يتطلب معالجتهم وتصليح الكسر ومعالجة الجروح حتى تتحسن حالة الجلد.
عهد بسيسو ترسم علم فلسطين
عهد بسيسو تروي ما تعرضت له عقب استهداف الاحتلال لها
عهد بسيسو من شمال قطاع غزة
عهد بسيسو وتمسك بالأمل
عهد بسيسو
عهد تبدأ في رسم علم فلسطين
عهد تتصفح هاتفها وتستعيد ذكرياتها مع صديقاتها وأسرتها
عهد تحرص على رسم علم فلسطين
عهد ترسم علم دولة فلسطين
عهد تشرح تفاصيل الإصابة
عهد تمارس هوايتها في الرسم
فريق جمعية إنقاذ أطفال فلسطين مع عهد
الفلسطينية عهد بسيسو تبلغ من العمر 18 عاما
الفلسطينية عهد بسيسو ونظرة أمل
الفلسطينية عهد بسيسو
رسم عهد بسيسو لعلم دولة فلسطين
بكاء عهد بسيسو
الفلسطينية عهد بسيسو ومحرر اليوم السابع
