اغتيال العارورى.. تحول نوعى فى استراتيجية إسرائيل تجاه غزة.. والهدف "البحث عن انتصار" زائف.. العودة لسياسة الاغتيالات تهدف إلى "تبييض" صورة الدولة العبرية بالداخل.. والاحتلال يحاول إحياء ذريعة "الدفاع عن النفس"

الأربعاء، 03 يناير 2024 08:00 م
اغتيال العارورى.. تحول نوعى فى استراتيجية إسرائيل تجاه غزة.. والهدف "البحث عن انتصار" زائف.. العودة لسياسة الاغتيالات تهدف إلى "تبييض" صورة الدولة العبرية بالداخل.. والاحتلال يحاول إحياء ذريعة "الدفاع عن النفس" صالح العاروري
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تبدو عملية اغتيال نائب رئيس حركة حماس صالح العارورى فى بيروت بمثابة حلقة مهمة، فى إطار الصراع الذى يخوضه الاحتلال الإسرائيلى، فى قطاع غزة، منذ أكتوبر الماضى، فى أعقاب عملية طوفان الأقصى، حيث سعى لتمرير ذريعة الدفاع عن النفس، لتبرير انتهاكاته الإنسانية الخطيرة، والتى راح ضحيتها آلاف البشر، تتصدر فيها الأعداد للنساء والأطفال والشيوخ، وهو ما حظى بقدر كبير من الزخم مع بداية العملية العسكرية، بينما تراجع تدريجيا، إلى حد المطالب الدولية بوقف إطلاق النار، ناهيك عن تصاعد حالة الامتعاض فى الداخل، بسبب فشل العدوان، رغم ما تركه من دمار ودماء بين المدنيين الأبرياء، خاصة فيما يتعلق بملف الأسرى لدى الفصائل الفلسطينيين.

وهنا تبرز أهمية التحول النوعى، الذى تنبئ عنه العملية الإسرائيلية الأخيرة التى استهدفت قيادى بارز فى حركة حماس، على غرار صالح العارورى، حيث تأتى بعد ما يقرب من 90 يوم على بداية العدوان، لـ"تبييض" صورة الدولة العبرية، على العديد من الأصعدة، ربما أبرزها فى الداخل، عبر الترويج لـ"انتصار" زائف، من خلال الحديث عن قتل قيادى بارز بالحركة، من خلال عملية نوعية، بينما تعيد قدرا من الهيبة للجيش الإسرائيلى الذى أنهكته الفصائل رغم ما يمتلكه، من إمكانات هائلة، حيث شهد العدوان مقتل حوالى 174 جندى إسرائيلى منذ بدء العملية بحسب البيانات الرسمية، فى حين أنه يمثل محاولة لتحسين صورة الاحتلال أمام العالم، وبالأخص حلفاءه الذين تغيرت مواقفهم تجاهه، عبر العودة مجددا للحديث عن استهداف الفصائل، بعدما انكشف وجهه القبيح باستهداف المستشفيات والمنازل ودور العبادة.

وفى الواقع، تتجسد معضلة الاحتلال الإسرائيلى خلال ما يقرب من 3 أشهر ماضية، فى كونه فشل فشلا ذريعا على تحقيق أيا من الأهداف التى أعلنها مع بداية العدوان على غزة، سواء فيما يتعلق بالقضاء على الفصائل، أو تحرير الأسرى، بينما سعى إلى تحقيق أهداف أخرى، أهمها تفريغ القطاع من سكانه، سواء عبر دعوات التهجير، أو إعادة التوطين، أو إحياء فكرة فصل القطاع عن الضفة الغربية، وهو ما يعكس حقيقة مفادها أن تقويض القضية الفلسطينية هى الهدف الرئيسى من العدوان، بينما تبقى الفصائل وما تمثله من تهديد مجرد ذريعة لتحقيق هذا الهدف، وهو ما ساهم فى انكشاف القناع مبكرا، وانفضاض الحلفاء، وانقلاب الداخل على الحكومة وأدائها.

والحديث عن استهداف القيادات الفلسطينية، ربما ليس جديدا تماما، فقد سبق للاحتلال الإسرائيلى ممارسة هذا النهج فى مرات سابقة، بدءً من الشيخ ياسين، مرورا بالرنتيسى، وحتى عماد مغنية، وهو ما يعكس خبرة كبيرة فى القيام بعمليات نوعية من شأنها تحقيق أهدافه، التى أعلن عنها، بينما لم يتبنى النهج نفسه، خلال العدوان الحالى، رغم أمده الطويل نسبيا، مقارنة بالاعتداءات السابقة، ما يثبت أن استهداف الفصائل لم يكن الأولوية لدى الاحتلال وإنما تقويض القضية، من جانب، ناهيك عن ضرورة استمرار العدوان لضمان بقاء الحكومة، إلا أن التحول نحو استهداف قيادة بارزة بحركة حماس هو محاولة لتهدئة الرأى العام سواء الدولى أو الداخلي.

والتحول النوعى فى التحرك الإسرائيلى، فى واقع الأمر، لا يعنى أنه سوف فتح الباب أمام تغيير كلى فى الاستراتيجية الإسرائيلية فى التعامل مع غزة، وإنما هو انعكاس لرغبة ملحة لدى الدولة العبرية فى إطالة أمد الصراع، وهو ما يبدو فى ثلاثة مسارات رئيسية، أولهما فى كونه تقويض، أو على الأقل تقويض، الجهود الدولية والإقليمية التى تهدف فى الأساس إلى إرساء هدنة جديدة، تمهيدا لوقف إطلاق النار، بينما يبقى المسار الثانى قائما على رهان تل أبيب على هجمات انتقامية من قبل الفصائل، عبر قطاع غزة، فتعيد إحياء ذريعتها "الدفاع عن النفس" مجددا، فى محاولة لاستعادة الحشد الدولى المفقود، من قبل الغرب، خاصة فى أوروبا، فى حين تمثل مدخلا لتسويق العدوان من جديد فى الداخل الإسرائيلى، على اعتبار أنه ضرورة ملحة لحماية المواطنين فى بلادهم.

ولعل حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لا تجد بديلا عن استمرار العدوان، على غزة، ليس فقط لـ"تبييض" صورة إسرائيل، وإنما أيضا لإنقاذ نفسه من مقصلة الإقالة، والمحاكمات التى تنتظره، خاصة وأنه يدرك جيدا أن بقاءه مرتبطا باستمرار المعارك فى غزة، وأنه بمجرد التوقف عن القتال، ستتسلط عليه الأضواء، سواء فيما يتعلق بقضايا الماضى، والتى بدأ قطار محاكمته بها فعليا، أو فيما تورطت فيه الدولة العبرية بسببه، داخليا وإقليميا ودوليا، ناهيك عن تردى الأوضاع الاقتصادية، على خلفية العدوان على القطاع.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة