سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 سبتمبر 1882..الإنجليز يسيطرون على دمياط بعد استسلام عبدالعال حلمى بطل الثورة العرابية الذى صمم على المقاومة حتى آخر رمق

الأحد، 24 سبتمبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 سبتمبر 1882..الإنجليز يسيطرون على دمياط بعد استسلام عبدالعال حلمى بطل الثورة العرابية الذى صمم على المقاومة حتى آخر رمق أحمد عرابى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بلغ عبدالعال باشا حلمى ثالث قيادات الثورة العرابية وقومندان دمياط ومحافظها، خبر هزيمة أحمد عرابى من الإنجليز فى التل الكبير يوم 13 سبتمبر 1882، وزحف قواتهم إلى القاهرة لاحتلالها، لكنه رفض التسليم، وحسب عرابى فى مذكراته: «حاول أن يحمل الأهالى على الاعتقاد بأن عرابى باشا لم يزل بجيشه ثابتا أمام قوة الإنجليز وأنه لا بد من القتال والدفاع عن الوطن إلى الفناء، وأخذ فى الاستعداد إلى 21 سبتمبر 1882».
 
ولد عبدالعال حلمى فى قرية «أبو مشهور» مركز بركة السبع بمحافظة المنوفية، وكانت تتبع محافظة الغربية، وكان ممن رافقوا عرابى يوم 27 مايو 1882 مع محمد عبيد وعلى باشا فهمى وغيرهم من الضباط إلى منزل سلطان باشا رئيس مجلس النواب، الذى كان وقتها مؤيدا للثورة قبل أن ينقلب عليها ويخونها.
يذكر عرابى: «لما وصلنا إلى المنزل المذكور وجدناه غاصا بأعضاء مجلس النواب، ومعهم قاضى قضاة مصر الشيخ عبدالرحمن أفندى نافذ، والشيخ عبد الهادى الأبيارى إمام المعية، وتم الاتفاق على ملازمة الراحة والسكون، وأن يطلب من الخديوى أن يأمر برجوعى إلى نظارة الجهادية والبحرية، أو يعزل عزلا».
لم يغادر الحلم الذى قامت من أجله الثورة وهو «مصر للمصريين» عبدالعال حلمى، وكان ثالث قيادتها بعد «عرابى» وعلى باشا فهمى»، حسبما يذكر الكاتب الصحفى صلاح عيسى فى كتابه «الثورة العرابية»، مضيفا: «الوحيد الذى لم ييأس حتى النهاية، فظل بقلبه ينبض بالثورة حتى بعد سقوط القاهرة ومن موقعه فى دمياط أخذ يحشد الفلاحين، وتوافد عشرات الألوف من معذبى الأرض يعلنون استعدادهم للقتال، وحكومة الاحتلال تهدد بأن تجعلها مذبحة يشنق على رأسها عبدالعال نفسه، لكن كبار الآمال تخنقهم الهزيمة السريعة المريرة».
 
يذكر «داود بركات» فى كتابه «الثورة العرابية بعد خمسين عاما، رؤية الأهرام»، أنه بعد أن استلم الإنجليز قلاع رشيد وأبو قير، ثم حامية طابية الجميل بين دمياط وبورسعيد، ولم يتبق إلا حامية دمياط بقيادة عبدالعال حلمى الذى صمم على المقاومة والقتال، وأخذ يحفر الخنادق ويقيم المتاريس، ولكن وصل إلى عسكره خبر استسلام عرابى وحاميات البلاد كلها، ففترت عزائمهم، وأخذ جماعات منهم بالفرار، وسار الجنرال «وود» بفرقة من الجيش الإنجليزى إلى دمياط فلما وصلوا إلى السنانية أرسل قائدهم إلى عبدالعال ليسلم، فلم يشأ أن يسلم، ولما رأى أن عسكره قد تشتت، وأن طابية الجميل سلمت فى 21 سبتمبر للسفن الحربية التى وصلت إلى هناك فى 20 منه، ادعى المرض فعبر الجنرال «وود» النيل إليه، وأحاط بمنزله وأخذه وعبر به النيل إلى السنانية، ثم أرسلوه مخفورا إلى القاهرة، وسجنوه مع عرابى ورفاقه فى دار بجوار جامع أزيك».
 
تؤكد الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «القوى الاجتماعية فى الثورة العرابية» على أنه أصر على المقاومة حتى آخر نفس، وتذكر: «رفض عبدالعال حلمى الاستسلام، وأصر على المقاومة، وكان تحت قيادته ثلاثة آلاف من القوات، وترك دمياط، وتحصن فى قرية كفر البطيخ، وصمم على الحزم والتحصين وعدم اللين للعدو والمدافعة لآخر رمق».
 
خنقت هزيمة عرابى السريعة أحلام وآمال عبدالعال حلمى الكبيرة، فاستسلم لما وجد الانهيار من حوله، ويذكر سليم النقاش فى الجزء السادس من كتابه «مصر للمصريين»، أنه بعد انقياد عبدالعال توارد الجند الذين كانوا بقيادته إلى طنطا لتسليم الأسلحة والذخائر فيها، وفى 20 سبتمبر 1882 ورد من مقدمة دمياط إلى شربين أربعة بلوكات من المشاة، وفى 22 سبتمبر وفد على طنطا نحو ثمانمائة رجل من المشاة ورجال المدافع مع اثنين وثلاثين ضابطا، وفى نفس اليوم «22 سبتمبر» وفد إلى شربين بمحافظة الدقهلية سبعمائة جندى من رجال عبدالعال بذخائرهم وأسلحتهم فساروا إلى طنطا فاستقبلهم مدير الغربية استقبال المسلم على المستلم ثم تلاهم قدوم ثلاثمائة رجل إليها «أى إلى طنطا»، وحتى 24 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1882 لم يبق فى دمياط إلا النزر اليسير من الجنود.
 
بكى ياوره المخلص «يوسف أبودية» الذى اتهموه بتدبير فتنة طنطا، حسبما يذكر صلاح عيسى، مضيفا: «أعدموه، وتحت المشنقة سأله إبراهيم أدهم المجرم الحقيقى ومدير فتنة طنطا: «هل تريد شيئا نحضره لك قبل القضاء عليك؟، قال: «أريد لمصر الاستقلال الذى كان معقد الآمال، أى شىء يرضينى وقد قطعتم آمالنا؟ لكن اليوم لكم وغدا لنا».
 
 قضت المحكمة بنفى عبدالعال حلمى مع عرابى إلى سيلان، وتوفى ودفن فيها يوم 19 ابريل 1891، وبكاه عرابى قائلا: «توفى شهيد الوطنية والغربة عبدالعال حلمى ودفن فى قرافة «مردانة» ومن كراماته ما شاهدناه من اجتماع أسراب الطير فوق نعشه تسير بسير الجنازة حتى واريناه التراب».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة