سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 3 أغسطس 1815.. محمد على باشا يفشل فى أول محاولة لتكوين جيش نظامى والجنود الألبان يتآمرون لقتله ويسرقون ويدمرون ممتلكات الأهالى

الخميس، 03 أغسطس 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 3 أغسطس 1815.. محمد على باشا يفشل فى أول محاولة لتكوين جيش نظامى والجنود الألبان يتآمرون لقتله ويسرقون ويدمرون ممتلكات الأهالى محمد على باشا
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أمر محمد على باشا بإنشاء جيش جديد منضبط فى عام 1815، فلم تقبل القوات التقليدية وخططت للانقلاب عليه ودبرت مؤامرة لقتله، حسبما تذكر الدكتورة عفاف لطفى السيد مارسو فى كتابها «مصر فى عهد محمد على».
 
توضح «عفاف لطفى» طبيعة تكوين الجيش مع قدوم محمد على، قائلة: «كان مكونا من سرايا ألبانية، وبعض السرايا التركية والمماليك الذين انضموا للنظام الجديد، وتم جلب مجندين جدد من تركيا أو تم شراؤهم من الإمبراطورية العثمانية، وكان هناك مغاربة أو شمال أفريقيين معظمهم تونسيون وجزائريون واحتياطيون من البدو، وكان الجنود جميعا يطيعون رؤساءهم، ويحاربون بأسلوبهم الخاص، مستخدمين ما قد يكون لديهم من أسلحة، ولم تكن هناك قيادة موحدة، فضلا عن أسلحة وذخائر موحدة، وفى أثناء حملة الحجاز اشتكى «طوسون بن محمد على» من أن المغاربة لم يكن لهم قائد واحد بل أحد عشر مختلفون مع بعضهم البعض».
 
قرر «الباشا» القضاء على هذه الفوضى، وفقا لعبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر محمد على»، قائلا: «أمر بتدريب فرقة من جنود ابنه إسماعيل باشا على النظام الحديث، وذهب هو لهذا الغرض إلى بولاق فى أغسطس 1815، وأعلن رغبته فى إدخال النظام الجديد فى صفوفهم، وصارحهم بأن من لم يذعن لهذا النظام يعاقب على تمرده، ولما عاد إلى شبرا تذمر الجند من هذه الأوامر وأرجفوا بها، فانتهز بعض رؤسائهم هذه الفرصة، وسعوا فى خلعه، وكادت تفلح المؤامرة لولا أن القوم أفضوا باتفاقهم إلى عابدين بك أحد رؤساء الأرناؤد، وكان قد عاد من الحجاز مريضا، فتوسم فيه المتآمرون الموافقة على مؤامرتهم وأجمعوا على أن يهاجموا محمد على فى قصره بالأزبكية».
 
كادت المؤامرة أن تنجح، لكن محمد على علم بها، فاستطاع القضاء عليها، يذكر «الرافعى» أن «عابدين بك أفضى إلى محمد على بهذا السر، فبارح قصره إلى القلعة فى منتصف الليل، ودخلها عن طريق باب الجبل، وبالرغم من ذلك توافد المتمردون إلى ميدان الأزبكية وتبادلوا وحرس السراى إطلاق الرصاص، فلما لم يجدوا بغيتهم ذهبوا إلى ميدان الرميلة، ومن هناك انحطوا على الأسواق ينهبون ويسلبون يوم 3 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1815، وتذرع محمد على بالحزم والحكمة فى معالجة هذه الفتنة حتى أخمدها، وأرجأ النظام الجديد فى الجيش إلى وقت حتى يهيئ له وسائله».
 
يتناول الدكتور خالد فهمى هذه المسألة فى كتابه «كل رجال الباشا»، ترجمة شريف يونس، مشيرا إلى أن القوات الألبانية كانت الأكثر مشاكسة لرغبة محمد على فى تكوين جيش نظامى حديث، يضيف: «كان الألبان يعتبرون شبه مرتزقة ولم يكونوا قوة نظامية، فكانوا يثورون عادة ثورات صغيرة فى شوارع القاهرة، مطالبين برواتبهم أو بالعودة إلى بلادهم، كما أنهم احتفظوا ببنيتهم القبلية، ولذا لم تكن مكانة محمد على تتجاوز فى نظرهم مكانة الأول بين الأنداد، وبالتالى رفضوا أية محاولة من جانبه لفرض الانضباط عليهم».
 
يؤكد فهمى، أن الباشا قرر فى أغسطس 1805 فرض النظام عليهم بالقوة، ووضع مبدأ تنظيمى لرواتبهم ونفقاتهم، وتحت تأثير شخص يدعى إبراهيم أغا وصل لتوه من إسطنبول جمع جنود الألبان فى ميدان الرميلة عند سفح القلعة للتدرب على الرماية، وأطلق الجنود النيران من بنادقهم، وينقل فهمى عن الجبرتى قوله: «أخذوا فى الرماحة والبندقة المتواصلة المتتابعة مثل الرعود على طريقة الإفرنج لمدة تزيد على ثلاث ساعات، وفى اليوم التالى أشيع أن الباشا يريد إحصاء العسكر وتربيتهم على النظام الجديد وأوضاع الإفرنج، ويلبسهم الملابس المقمطة ويغير شكلهم».
 
يذكر «فهمى»: «فشلت المحاولة فشلا ذريعا، ففى اليوم الأول أطاع الجنود أوامر الباشا كارهين ليتآمروا على قتله فى الليلة التالية، وعلم الباشا بالمؤامرة فى وقت مناسب أتاح له الهرب، وحين علم المتمردون بفشل مؤامرتهم انتشروا فى شوارع القاهرة يسرقون ويدمرون كمية معتبرة من ممتلكات الأهالى، ولم يستطع محمد على أن يهدئ التجار والعامة إلا بإعادة ممتلكاتهم المسروقة أو تعويضهم عما دمر منها».
 
يضيف «فهمى» أنه أمام فشل محمد على فى فرض النظام والانضباط عليهم قرر التخلص منهم، ولكن ليس بطريقة المذابح الدرامية التى اتبعها مع المماليك، ولكن بإرسالهم إلى حتفهم فى الصحراء الغربية، فحين أمر السلطان العثمانى محمد على بقتال الوهابيين فى شبه الجزيرة العربية، كان الأخير كارها للامتثال لأمر السلطان، غير أنه أدرك بعد ذلك أنه أمام فرصة ذهبية للتخلص من العديد من الجماعات المثيرة للشغب، وعلى رأسها الألبان، ففى خلال سنوات الصراع السبع مع الوهابيين أرسل محمد على موجة خلف أخرى منهم ليقلوا حتفهم فى الفيافى العربية القاحلة، وبذلك تخلص عمليا من مضايقاتهم.    
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة